ان ممارسات الاعلام المهني والكلمة الحرة في العراق يدفعنا بالنظر الى شبكة الاعلام العراقي والمؤسسات التابعة لها من صحف الى مجلات الى قنوات ومراكز بحوث كونها تمثل الحاضنة الاعلامية للعراق الجديد وهي التي تعبّر عن العراق كدولة ونظام سياسي أي أنها شبه رسمية وممولة من الخزينة العراقية ، ومعلوم للجميع ان الشبكة تعمل بقانون يكاد يكون شبيه بما تعمل به هيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي” وهذا الامر اذا دققنا فيه سنجد ان التوأمة بينهما لا تتعدى ما موجودعلى الورق فقط او بموجب المواد القانونية التي يعمل بها كلاهما ولكن الاختلاف كبير في التطبيق ، واذا اردنا التوقف عند التطبيق من جانب شبكة الاعلام العراقي علينا ان نفهم التساءل المهم وهو :لماذا نلاحظ هذا التشكيك من قبل بعض السياسيين في مهنية الشبكة ومؤسساتها علما انهم يحاولون ان يقدموا الكثير من أجل انجاح التجربة الاعلامية في العراق وتكون هذه المؤسسة هي الأم الحنون لباقي المؤسسات الاعلامية الاخرى سواء كانت حزبية او شخصية بتمويل ذاتي ، ولكن ما يهمنا هو نجاح الشبكة لأنها تمثل نجاح العراق لتعبيرها عن الواقع المجتمعي لأبناء الشعب وكذلك تعبر عن التوجهات السياسية باختلافها في البلد .
للأسف المشكلة الكبرى التي تواجه العاملين في المؤسسات التابعة لشبكة الاعلام العراقي هي مفردة المحاصصة التي تجاوزت كل الحدود بل وصلت الى حد ان يكون التوازن بين الكتل والاحزاب والطوائف والقوميات ليس في العملية السياسية ومناصبها فحسب وإنما في
ساعات البث التلفزيوني على قناة العراقية حيث يريد ساسة العراق من شبكة الاعلام:: على سبيل المثال فاذا قامت على ابراز سياسي شيعي فيجب ان تعمل على إبراز سياسي سني والعكس صحيح وإذا أبرزت عربيا فيجب ان تبرز كرديا وإذا أعطت الفضاء الاعلامي لهذا الحزب فيجب ان تعطيه الى ذاك الحزب وهذه بحد ذاتها ضغوطا ما بعدها ضغوط يتعرض لها الاخوة في شبكة الاعلام العراقي خصوصا قناة العراقية التي نلاحظ إن اغلب النواب في البرلمان العراقي يعملون على ذمها والقدح بمهنيتها لأنهم يريدون الظهور عليها بمناسبة او بدون مناسبة وبعدد ما يظهر عليها من الاخرين ولكن في المقابل لم نجد ان ذلك يحصل في هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي ولا يمكن لأحد ان يجبرها على أن يظهر الجميع على شاشتها سواء كان هذا الشخص زعيما لحزب أو كان أحد السياسيين المستقلين ولم نسمع تلك الضجة الكبيرة هنا في بريطانيا على بي بي سي وطريقة لقائهم بالمسؤولين البريطانيين والتمايز بينهم كالتي يثيرها أعضاء البرلمان العراقي على شبكة الاعلام بل نجد أن الأمور متوازنة جدا بعيدة عن الشوشرة والصراخ والعتاب والزعل من هذا السياسي او ذاك وهي برأي عوامل مهمة لتقويض عمل الاعلام وانطلاقته وان كان هناك بعض التحفّظ على أداء شبكة الاعلام في وجود حالات تراجع وعدم ملاحقة الخبر بقوة في السباق الاعلامي بداية الازمة الامنية التي حلت في العراق العام الماضي في شهر حزيران لأن مواقع التواصل الاجتماعي للدواعش تغلبت على كل الوسائل الاعلامية الداخلية في العراق خلال مرحلة امتصاص الازمة لكنها اليوم استعادت مسك المبادرة وتعمل بقوة عبر الاعلام الحربي لتواكب الحدث في لحظته وتلاحق الخبر من ارض المعركة فقدمت العراقية ومعها قنوات اخرى دماء وأرواح حالها حال المقاتل في ساحات القتال لتأدية ما مطلوب منها مهنيا ونتمنى من كل السياسيين ان يبعدوا ضغوطهم على مؤسسات شبكة الاعلام ولا يعتبروها كمؤسسة تابعة للدولة ويجب عليها الطاعة مقابل التمويل فهذا يفقدها استقلاليتها الاعلامية ومهنيتها المطلوبة منها من أجل أن تكون فعلا متوائمة مع مهنية البي بي سي البريطانية .