ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع امرين: الأول: في الفترة الماضية طلب مني ان أكون ضمن منظمة او مركز لاستشارات قانونية تحت اسم (مركز …. الجديد للدراسات القانونية والحقوقية)، تابع لدولة اجنبية، ولمعرفتي الميدانية في موضوع المنظمات والمراكز والشركات، التي استقيتها بسبب عملي سابقا كرئيس غرفة محامين في اكبر محكمة، وتواجدي لسنين طويلة في اعلى هرم في الدولة ومن خلالها، اطلعنا عن كثب على واقع المنظمات والشركات والجمعيات التي تعمل في هذا المجال ومجال حقوق الانسان والمساعدات والاغاثات، والتي كان قسم كبير منها بعيدة عن أهدافها وعناوينها البراقة الاحتيالية، وبعضها تعمل بأجندة مشبوهة تؤثر على امن الدولة، لذا طلبت عدة طلبات من المؤسسين، ولم يرجعوا لي لحد الان.الثاني: هو مشاركتي في ملتقى السليمانية الرابع بصفة خبير ومستشار قانوني وكذلك منتدى السليمانية الذي انعقد في 17/اذار حول قانون النفط والغاز، وقبله شاركت في اجتماع تشاوري يخص اليات حماية حقوق الانسان مع قيادات حكومة نينوى في اربيل، ولاحظت ان هذا الاجتماع التشاوري وغيره ما هو الا اجتماع برتوكولي تنظيري ومضيعة للوقت وجلسات تعارف(تعرفت على عدة شخصيات كرئيس مجلس محافظة نينوى وقضاة شيخان وغيرهم وكانوا اجلاء)، تبقى نتائجه حبيسة الأوراق التي كتبت فيها، بالرغم من ان المنظمين كانوا خبراء كفوئين وبذلوا جهدا تنظيريا منظورا، لكنه(ليس ذنبهم) لم ولن يترجم الى أفعال تنفيذية توقف مسلسل الانتهاكات والجرائم الجنائية وضد الإنسانية التي ترتكب في العراق، رغم وجود ممثلية للأمم المتحدة ورغم ان العراق لازال ضمن بعض بنود الفصل السابع، الا ان البيروقراطية الإدارية التي تعانيها الأمم المتحدة بخاصة في اليات تسجيل الوقائع الجرمية، التي لا زالت الية معقدة صعبة، وتُضَيع أي ادلة او قرائن في مسرح الجريمة لطول الوقت، وقريبا من ذلك، ليس هناك اطر قانونية فعالة في محاسبة الجناة والقبض عليهم واصدار احكام تنال منهم، وقدمت تقريرا مطبوعا من (14) صفحة كان محل تقدير وثناء مكتب الأمم المتحدة في أربيل، وتنويها، ان غالبية المدعوين لهذه الاجتماعات او المؤتمرات او الندوات ليسوا أصحاب اختصاص نهائيا، وتتم دعوتهم بناءا على العلاقات ولتحقيق عدد وتسجيل نشاط فقط وبعضهم لديه حماسة فائقة لأجل الحضور فقط والتباهي والاستعراض.في ظل الصراعات وحرب داعش وسيطرة المليشيات التي تدور في العراق، والدماء التي تسبح في الشوارع مشرقا ومغربا، والتجاذبات التي باتت الخبز اليومي لكثير من مكونات الشعب العراقي، تزداد القناعة رسوخا ان كثير من المنظمات والشركات والجمعيات التي تعمل تحت يافطات (النازحين والمهجرين أو حقوق الانسان او دوافع خيرية او باسم المرأة والطفل) وغيرها من عناوين؛ هي للمتاجرة ببؤس واحزان ومصائب المتضررين، وهي لا تنزل الى ارض الواقع الا لتحقيق مصالحها الشخصية والبحث عن وسائل التربح والكسب غير الشريف، وهي لا تمتلك الا هذه العناوين كنموذجاً ثابتاً تريد تطبيقه، ولا يعنيها إلا مصالحها الرخيصة المعتمدة كمقياس لا حياد عنه، ولا يمكن الا السير في مضامينه، لان اصل تشكيل هذه الشركات والمنظمات هو لغرض توفير الأجواء المناسبة وإيجاد المسميات المقبولة، وابداء كافة الصور الإنسانية والعمل الخيري المزعومة، لغرض التفنن في سرقة الأموال المخصصة لفئة النازحين والمهجرين وغيرهم؛ وتوجيهها بممرات تنتهي الى جيوب مؤسسي هذه الشركات والمنظمات وملذاتهم وتوفير عيش كريم لهم ولعوائلهم وسكنهم في بيوت فخمة وملبسهم ومكياجهم البادي عليه البهرجة وارتداء الحلي الذهبية وحمل الحقائب والسجلات(عدة المهنة)، ولبس الستريج والبنطرون الفاضح الذي يتفاخرن به كديكور جاذب، والنازحين والمهجرين وغيرهم تسرق أموالهم من هؤلاء وليذهبوا الى الجحيم.وفي ملتقى السليمانية الرابع، التقيت عدة أصدقاء قادة حكوميين وسياسيين ومستشارين ونواب على مدى يومين وقد عاتبت بعضهم عتبا شديدا واخرين كان العتب ساخنا، بسبب ضعف التواصل، واثناء التواجد في صالة احد الفنادق واثناء حديثي مع احد النواب وشيوخ خليجيين، لفتت انتباهي محامية من المتخرجين الجدد التقيتها في كركوك وكنت اعزها واحترمها وهي مصدر اهتمامي، وهي جالسة في ركن هادئ من الفندق(سفن ستارس)، مع احد المسؤولين المحليين المتهمين بالفساد، والجلسة كان وضعها عموما مريب، حيث كانت تجلس امامه وكأنها كاتبة ضبط وليست محامية، وفي مظهر توددي توسلي تذللي، استغربت من وضعيتها، بخاصة اني اعرف جيدا امكانياتها، وما ان رأتني حتى تركت المكان وجاءت لتسلم عليّ، وتحاورنا وكنت رافع الكلفة نوع ما معها، وسألتها: ما هذه الجلسة التوددية في ركن هادئ المثيرة للشكوك، و واجدك قد تنحيت جانبا عن لقب المحام ولها تفسيرين مادي ملموس والآخر مخفي محسوس؟ فأجابتني: انه مسؤول محلي معني بتقديم الدعم للنازحين، وقلت لها ما شانك به؟ وهل تستوجب الضرورة تلك الوضعية؛ لأجل نيل دعم مالي كذريعة لسرقة النازحين عفوا مساعدتهم؟ فأجابتني: انني أسست شركة تعمل بإخلاص لأجل تقديم الدعم والمساعدات للنازحين، واخبرتها: باني اعلم انك لا تمتلكين حتى مكتب ومتخرجة جديدة، وانك تعيشين في ظل محددات اجتماعية لا تسمح لكي بالخروج او الانفتاح لجهة انك متزوجة، كما ادعيت عدة مرات، بل تصرفتي من هذا المبدأ ولفقتي وشوشرت على فلان في وقتها، عندما دعاك لفنجان قهوة في كافتيريا بحسن نية، ادعيت عليه انه(يتحارش بك) وتحدثتي بذلك جهارا وامام جمع من المحامين وبطريقة تعسفية، وفي وقتها نبهتك، بان ادعاء المرأة بالتحرش ينقلب وبالا عليها ولا يصح للمرأة الرصينة ان تمارسه، ويزداد الامر حرجا اذا كانت محامية، فكيف لك ان تخرجي وبعد الدوام وفي فنادق راقية بذريعة تحقيق لقاءات فارغة لدعم النازحين باسم شركة او منظمة وماذا فعلتي لهم سابقا عندما كنت تتابعين معاملات المهجرين والنازحين، والمصيبة، انتي من الزواحف في المحاماة، وخبرتك متواضعة او معدومة(ضحكت)، واستفزتني، وقلت لها كلامي واضح، ولأنك عزيزة عليّ ولا اريدك ان تنخرطي في ميدان ملء بالأفاعي والكذب والنفاق والغش والخداع، ولا تكوني على اخطائك محامية واخطاء الاخرين قاضي، وثم أي نازحين تريدين دعمهم وانتي كنتي تتسولين المساعدات واجور تجديد الهوية من قيادات نقابية، واستغرب الان هذا الانقلاب في وضعك المادي، ما الذي صَّيّرك الى ما أرى؟ هل بسبب ان زوجك ترقى لمدير في توزيع المنتجات النفطية او الغذائية؟ لان مظاهر الابهة والرفاهية التي انتي بها بادية عليك، هل هذا من متابعة معاملات النازحين والمهجرين سابقا؟؟؟؟، كونك كففت من شجنهم والأمهم واسكّنت من أوجاعهم، سيما انتي الان تلبسين الفاخر من الملابس، ولا تعرفين سوى الظهور بلبس لا يسر الا صاحب النظرة الليزيرية التفصيلية، وبأبهى زينة وتستخدميه كديكور تسويقي لتقليل فرص خسارتك أي معاملة او أي دعوى او لقاء، وهذا المظهر لا ينسجم واهات وماسي النازحين، فقط منظر الدماء على ساقيك، واضحة، ممكن ان تكون مؤهلة لهذا الدور(وانتبهت على نفسها بتعجب)، ومظهر المحام في الحياة المدنية مهم، فالمظهر من أول وأهم عناصر فرض الاحترام وابراز هيبة المحام وانضباطه، كنا نأنس بالحديث مع نبلاء المحامين وصفوته، وصرنا نرى تضخما في اعداد المحامين أفرزه سوء التعليم القانوني، وتسلط على المهنة بعض الجهلاء وعديمو الخبرة والبعيدون عن عالم المحاماة، الذي ملؤه خصومات وصراعات وتصادم مصالح وقدرات على الاقناع، وعودا لمحاميتنا الموصوفة، التي يجب ان تغير عنوانها في هويتها الى كاتبة ضبط او عرائض، لان الذيل ممكن ان تراه في كائن جاهل لم تسعفه الظروف والحياة بمواهب فكرية او شخصية او فطرية فتكون أسرع طريقة للوصول الى أهدافه هي ان يكون ذيل وماسح اكتاف، وهو معذور لكن لا اعرف ما هي الضرورة التي تجعل المحام ان يتحول من محام وصاحب شركة الى كاتب ضبط يسلك طريق التبعية والذيلية، والذي يذكرني ببعض المحاميات التي يقفن على أبواب كتاب العرائض لصيد فريستها من عقود الزواج او التسكع في دوائر تنفيذية لتعقيب معاملات خارج عمل المحاماة، او استخدام اللبس الفضائحي والمكياج الصارخ في جذب انظار بعض القضاة لتمرير امر ما او بالذهاب الى قضاة في أماكن بعيدة والجلوس في غرفهم جلوس غير مهني، وختمت حديثي معها، وقلت لها: ان محاولة إلباس المصلحة الشخصية برداءَ الوطن ومساعدة النازحين والمهجرين عبر سياسة التسكع في الفنادق والقاعات لأجل الحضور الإقحامي في المؤتمرات والندوات والملتقيات، وتوزيع الكارتات والابتسامات على المؤثرين والتي توحي للمحاور رغبة في غير اطارها الطبيعي ورسم صورة لمكانتك خارج حيزها، ينطبق عليك القاعدة الفقهية(من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه) ويرافق تلك الاستعراضات التي تقومين بها، الحماسة الذليلة في اجراء الحوارات الفارغة عبر الإيحاء للمحاور انك عريقة في مجال عملك ولك خبرة طويلة (ككاتبة ضبط) كأسلوب لجذب عقل الشخص التي تحاوريه، وكأنك حقب الشوك في مزارع الورود في العالم، لغرض استمالة أصحاب القرار في منحك دفعات مالية باسم النازحين وهي بالحقيقة تذهب لتحقيق رغباتك ومصالحك التي يبدوا انها لا يمكن انفاذها الا عبر المتاجرة بآلام ومصائب النازحين والمهجرين، وان كافة احاديثك وتصرفاتك هذه تتراوح بين الاكاذيب والاوهام والفبركات، وتذكري بان صدى الاتهامات يتناقل بين أفواه العامة والخاصة على هذه المنظمات والشركات، وهناك تحقيق دولي ومحلي سيجري مع هذه المنظمات والشركات التي عملت في هذا المجال، وتركتها غاضبا، علما، حاولت كثيرا في أوقات كثيرة ان امنحها جزء كبير من وقتي وتجاربي، لتصويب عملها لكنها يبدو أنها لا ترى إلا ما تريد أن ترى، ولا تسمع إلا ما ترغب وتطمع( انتهى المشهد). أن تلك الشركات والجمعيات والمنظمات التي يديرها المحامين أصبحت مراكز تلتحف بعباءة حقوقية، وهي منفذ خلفي للاستحواذ على المنح والدفعات التي تمنح للنازحين، وهناك بعض المحامين ممن يعملون في هذه الشركات او الجمعيات وبعضهم الاخر مؤسس، كانوا يتسابقون في الحصول على منح النقابة للنازحين وهم ميسورين الحال ويلبسون افخم الملابس والحلي الذهبية، ومنهم يمتلكون سيارات فارهة ويسكنون في بيوت عصرية، لكنهم كانوا يبحثون عن أي وسيلة احتيالية لأجل رسم صورة لقيادات نقابية انهم يستحقون المساعدة في ظاهرة أدت الى حرمان محامين لا يملكون حتى أجور تجديد هوياتهم، لكنهم لم يراعوا الله وادبيات وسلوكيات واطر وضوابط المهنة، بل منهم تمادوا في غيهم بان اصبحوا أصحاب شركات وجمعيات ومنظمات تدعي تقديم مساعدات للنازحين والمتضررين في مسلسل مستمر في ارتكاب جريمة الاختلاس القانوني لأموال النازحين والمهجرين، لأجل تحقيق رغباتهم الشيطانية ومنهم من يدعي انه كاتب قصصي واديب ومؤلف، ومنهم من له صولة وجولة على صفحات الفيس بوك في تسطير المثاليات واخلاق الفرد العراقي من خلال توزيع المعجنات، وكانه العروة الوثقى في تجسيد عمل البر والتقوى والمهنية، ان هذه الشركات والمنظمات المشبوهة غير العادلة التي تدعي انها معنية بحقوق الانسان والنازحين والمهجرين تديرها وجوه، مع الأسف تحمل هوية المحاماة، وتُعرف نفسها بانها من رسل العدالة، وجوه مضللة والاقنعة التي ترتديها، زائفة ناكثة لمسؤوليتها المهنية حانثة ليمين المحاماة، تفصل أهدافها ومطامعها على مقاسها المصلحي.والحقيقة، ان هذه المنظمات انما تنشط في ساحات معينة وفي ظروف وازمات محددة، أشبه بأفاعي تتحرك دون أن يسمع لها صوت، حتى إذا اقتربت من الضحية لدغته، وما أسرع انتشار السم في جسم الضحية، والنتيجة شلل أو موت، بحسب نوع السم وقدرة جسم الضحية على التحمل، وقد تحولت إلى منظمات للابتزاز المالي والاستحواذ على أموال المتضررين.طبعاً ليست كل جمعيات ومنظمات وشركات المجتمع المدني ينطبق عليها هذا الوصف، فهناك مؤسسات خيرية لا تهدف إلا إلى فعل الخير ولم يصدر منها ما يضر المجتمع العراقي.وأخيرا نقول: يعالج المريض بالأدوية والفقير بالطعام والعاري بالكساء والجاهل بالعلم والأمي بالكتاب ويعالج الضال بالهداية وحيث تجد بشراً تجد آلاماً وحيث تكون الآلام تكون الحاجة إلى الطبيب وحيث تكون الحاجة إلى الطبيب فهناك فرصة مناسبة للشفاء فندعو مثل هؤلاء الشفاء من هذه الامراض الاجتماعية والمهنية.وقد أوصى محمد الباقر ولده جعفر الصادق بوصية حين قال له: ((يا بني ما دخل أمرئ شيء من الكبر الا نقص من عقله مثلما دخله” ,وقال له:” اذا رأيت العالم يحب الأغنياء فهو صاحب دنيا، واذا رأيته يلزم السلطان من غير ضرورة فهو لص.. فكن من اهل العلم والحق ولا تنحاز، فموت عالم أحب الى أبليس من موت سبعين عابداً..))