مع عودة التفجيرات واشتدادها في مناطق معينة من بغداد،وعلى التزامن مع هذه الحملة الهمجية الهستيرية المسعورة تصدر ( منظمة يونامي ) ومنظمات اخرى تدعي الدفاع حن حقوق الانسان بيانا تعرب عن قلقها من عدد احكام الاعدام في العراق وتطالب بالغائها مصطفة مع المجرمين على حساب الضحايا من دون شعور انساني تدعيه او خجل اوحياء مع ان ممثليها يعيشون في بغداد ويرون ويسمعون عن كثب ما يجري من ذبح وتهجير وسبي وخراب ودمار وحرب ابادة يتعرض لها العراقيون ، ساكتة عن سبي الايزيديات واطفالهن وبيعهن في اسواق النخاسة ..متغافلة عما يتعرض له المهجرون من ظروف قاسية .مع غياب وفقدان الامن بشكل اخطر ،نعود للحديث عن هذه النعمة المغبونة على الرغم من كونه أبسط استحقاق تمناه المواطن العراقي المرهوق، فقد ظل الملف الأمني هاجسا مؤرقا وشغلا شاغلا، وأمرا مقلقا لهذا المواطن المبتلى بالأزمات، وما زال يشكل التحدي الأصعب للحكومة والمواطن على حد سواء منذ سقوط سلطة البعث ولحد الآن. ومع ان هذا الملف قد تطورت آليات التعامل مع احداثه ومستجداتها وتمكن المسؤولون عن متابعته والمعنيون برصد العمليات الارهابية ومحاولة اجهاضها والقضاء على بؤر تواجدها من تحقيق انجازات مشهودة في هذا الجانب وحسم المواجهات لصالحها ما يعني الحاجة الى المزيد من تعزيز القدرة المعنوية والنوعية للقوات المسلحة العراقية وتحملها المسؤولية كاملة في الدفاع عن العراق شعبا وأرضا وماءا وسماءا وفق تنسيق موحد بين القوى الأمنية والداخلية والحرس الوطني والدفاع بأجهزتها المتنوعة.
مع هذا التقدم الواضح والتطور الميداني في ملف الأمن ما زالت هناك ثغرات تشكل مصدر اضطراب للشارع العراقي وتعرقل الحياة اليومية للمواطن وعيشه وتعيق مصادر عمله ورزقه فضلا عن ايقاف عجلة البناء والإعمار خاصة في بغداد التي يركز الارهابيون تكثيف أعمالهم التخريبية فيها كونها تمثل مركز الحكومة والدولة، وزعزعة الأمن فيها، تعني اضطراب العراق من أقصاه الى أدناه، فضلا عن مضاعفات وتداعيات هذا الاضطراب من عمليات خطف وتهجير وتوتر واحتقان طائفي وعرقي.
لا شك أن الوزارات الامنية لا تتحمل لوحدها حفظ الأمن بصورة تامة ولا تتحمل أيضا مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية، فالقضاء بكافة مستوياته لم يكن حازما ولا جادا بالشكل المطلوب بقرينة الأحكام المتهاونة التي صدرت بحق المجرمين مع ثبوت كافة الأدلة الجرمية واعترافهم بجرائمهم وهذه الأحكام جرأت المجرمين والقتلة وفي مقدمتهم الارهابيون القادمون من خارج الحدود على ارتكاب أفظع الجرائم طالما ان الاحكام لا تتجاوز السجن ثلاث سنوات في سجون خمس نجوم تتخللها فترات عفو عام واطلاق سراح مستمرة، تشارك القضاء في هذه العملية وزارة العدل الضعيفة الأداء والتي تلقي وتعزي الأسباب الى تأخر الهيئة الرئاسية في تصديق الأحكام وخاصة أحكام الاعدام ما وفر فرصة كافية لأعداد كبيرة من أخطر الارهابيين للهروب من السجن جراء هذا التهاون ووجود الفساد الاداري المستشري كذلك فإن ضعف اداء الأجهزة الاستخباراتية وعجزها عن تقديم المعلومات المطلوبة لقوى الأمن لتتمكن من القبض على المجرمين ومداهمة ومباغتة خلايا الارهاب قبل شروعها بتنفيذ جرائمها ساهم في تدهور الحالة الأمنية بشكل كبير.
من الثابت ان ستراتيجية الأمن الوطني في كل دول العالم تقوم بخدمتها وتشرف على ادائها وتنفيذها حلقات مترابطة متماسكة من أجهزة الأمن الوطني والداخلية والمخابرات والاستخبارات مدعومة من السلطة القضائية ومسنودة من قبل وزارة العدل، بحيث أن أي خلل أو ضعف يصيب أحد هذه الأجهزة يعني ضعفا عاما للحالة الأمنية بكل حقولها كما يسهم بتشجيع الارهاب وفلتان الأوضاع العامة.
من العوامل التي أضعفت الأداء الأمني في العراق مسألة تغيير الوزراء والمسؤولين بين فترات قصيرة ومتقاربة حيث أن الوزير أو المسؤول الجديد يحتاج الى فترة زمنية للتعرف على صغائر وكبائر الأمور في وزارته أو دائرته وكيفية اداء أجهزتها وآليات عمل الأقسام والشعب والمكاتب المتفرعة عنها ومدى اخلاصها في القيام بواجباتها وغيرها من الأمور التي تحتاج الى عدة شهور تكون الأحوال خلال هذه الفترة قد ازدادت سوءا وتدهورا وتراكمت المشاكل والقضايا العالقة فوق بعضها ما يزيد في ارباك عمل الوزارة ودوائرها، وهذا الإرباك والاضطراب المتواصل في عمل الدوائر الأمنية يؤخر معالجة الأزمة الأمنية كما يخدم الارهاب ويوفر له فرصة ذهبية يجمع فيها صفوفه ويعيد تنظيماته ورسم خططه التخريبية، وحتى يتلمس المسؤول الجديد خطوط عمل دائرته تكون أنهار من الدم العراقي قد أريقت وتلول من الخراب والدمار قد ارتفعت!. ولا يخفى أن في ظل حالة التقسيم الطائفي لا تستطيع الأجهزة الأمنية القيام بواجباتها الوطنية دون حصول ثغرات وخروقات من هذه الجهة أو تلك وذلك أن أي عملية أمنية أو تحرك عسكري الهدف منهما مداهمة خلايا ارهابية أو عصابات اجرامية ستصنف على انها طائفية تستهدف الطرف المقابل، كما ان تعيين أي مسؤول مستقل سيصطدم بالأحزاب المشكلة لتلك الأجهزة وكل منها يريد سير العمل حسب رؤى حزبه لذا توجب تشكيل الأجهزة الأمنية والعسكرية بعيدا عن التحزب وان يكون الولاء للوطن وللشعب بدون تمييز، فتشكيل تلك الأجهزة حسب المحاصصة الطائفية والحزبية سيربك عملها ويضعفها فضلا عن تعريضها للاختراق من قبل جهات خارجية ومحلية بغية السيطرة عليها ومعرفة أسرارها وإفشال خططها مهما كانت قوتها كما ان هذه الأمور تحد من قوة تأثيرها في ميادين المواجهة الميدانية، وتضعف موقفها أمام الرأي العام المحلي والعالمي.
أن الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والأعراف العشائرية تبيح التصدي للشر بكافة الأسلحة، وتؤكد على سياسة التعامل بالمثل وإلزام المقابل بما ألزم به نفسه وضرورة موازنة الرعب والرد بنفس الأساليب وانتهاج نفس الطرق التي لا يتورع الطرف المقابل المصر على الإجرام والتدمير عن استخدامها. فما دام الارهاب يضرب من طرف خفي وبشكل غادر ومباغت وماكر فيجب ان يضرب بنفس الطريقة لارباك خططه وعدم منحه فرصة للمراوغة والافلات في حالة المواجهة المعلنة والضربات المكشوفة، وبذلك يرتدع الارهاب ويحسب ألف حساب قبل شروعه في تنفيذ أي عمل اجرامي.
إن التساهل مع العصابات الاجرامية جعلها المستفيد الأول من الديمقراطية ونهجها التحرري وشجعها على التمادي في ازهاق الأرواح البريئة وتخريب كل ما تطاله أيديها الملطخة بدماء العراقيين،الى الدرجة التي استطاعت فيها عصابات داعش ان تحتل مدنا بكاملها وتعلن خلافتها الكهوفية وعليه فلا بد من إنزال القصاص العادل بحق هذه الزمر الضالة وبنفس الطرق التي اختارتها والبادي أظلم. وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به.ولتذهب كل تقارير هيئات حقوق الانسان الى الجحيم كون تلك الهيئات والمؤسسات صارت مشبوهة و مسيسة وتخضع للوبيات صهيونية وخليجية معروفة وليس باغرب من تقريرها الذي اصدرته هذا الاسبوع بانها تشعر بقلق من اصدار العراق احكاما بالاعدام من دون محاكمات اصولية !!.مع ان العراق البلد الوحيد الذي يعيد محاكمة مجرمين متلبسين بالجرم المشهود لمدة ثلاث او اربع مرات ،وان المجرمين يتمتعون بخدمة فنادق خمس نجوم ،وبعض الاحكام مضى عليها سبع سنوات ولم تنفذ ،متغافلة عن كثير من دول العالم المستقرة التي تنفذ احكام الاعدام بالجملة ،وعن حكام البحرين وقطر الذين يعدمون الناس لمجرد التظاهر او بسبب قصيدة نقد،ومتناسية السعودية التي تقطع رقاب العلماء والمفكرين والمثفين بتهم مختلقة وبجريمة تغريدة على الفيس بوك اوبيت شعر او ابداء رأي مخالف للمؤسسة الدينية او الحكومية. ان العراق يتعرض لحرب ابادة متداخلة الخنادق ومتعددة الجبهات والاولى بحكومته ان تعلن حالة الطوارئ واقامة الاحكام العرفية شاء من شاء وابى من ابى .رضي من رضي واعترض من اعترض .هم يقولون جئناكم بالذبح فالزموهم بما الزموا به انفسهم،وفي الشر نجاة حين لايجديك احسان .