17 نوفمبر، 2024 12:40 م
Search
Close this search box.

منطق الدولة والدين!!

منطق الدولة والدين!!

القراءة المتأنية لما ورد في كتب التأريخ , يكشف عن إقترابين واضحين أحدهما يدوّن بمنطق الدولة والآخر بمنطق الدين , ولا توجد دولة إنطلقت بعد وفاة النبي الكريم إتخذت منطق الدين أولا , وإنما كان منطق الدولة هو الفاعل ومنذ الوهلة الأولى.
ففي أول إجتماع للمسلمين في سقيفة بني ساعدة كان صوت الدولة أعلى من صوت الدين.
ولا توجد دولة لصقت إسم الدين بها , فالدول هي : دولة الخلفاء الراشدين , الدولة الأموية , الدولة العباسية , الدولة العثمانية , وما بينهما وفيهما من الدول العديدة ذات المسميات المتنوعة , وجميعها إتخذت من الدين وسيلة للحكم.
فعلى سبيل المثال , حروب الردة كانت محكومة بمنطق الدولة ووسيلتها الدين , وقس على ذلك العديد من الأحداث المتراكمة , التي لو قرأناها بمنطق الدين لأخرجنا القائمين بها من الدين.
وهذا يفسر التناقضات التي نضعها أمامنا على طاولة العصر , ونتعامل معها بمنطق الدين , ونتناسى منطق الدولة وإرادتها ومقتضيات كرسي الحكم.
فمعاوية بن أبي سفيان بمنطق الدولة غيره بمنطق الدين , وكذلك عبد الملك بن مروان والحجاج , وغيرهم , وحتى المأمون الذي أضاف منطق العقل إلى المنطقين الآخرين , فقراءته أصبحت ذات أبعاد ثلاثة , وفي سلوكه تغلب الدين والعلم على الدولة , التي أحياها شقيقه المعتصم فهو رجل دولة , وبذلك إستطاع القضاء على الحركات المناوئة , التي عجز المأمون عن إخمادها.
ولانزال نتحرك في ميادين الغفلة والتضليل , ونقرن كل شي بدين , وكأن الكراسي لا وجود لها , ولا تقرر وتصول وتجول في بلداننا.
فلماذا نتجاهل منطق الكراسي وتطلعاتها؟
لماذا نغلف السلوك بالدين؟
وما تساءلنا ما هو الدين الذي نتقنع به؟
علينا أن نقترب من الواقع بعقلانية وموضوعية , لكي نتوصل إلى جوهر حقائق ما يحصل ويؤثر في مسيرة وجودنا.
إن منطق الكرسي الفاعل فينا , يمتطي الدين لترويض الناس وتخنيعهم , وإستعبادهم والتحكم بمصيرهم بحرمانهم من الحاجات الأساسية ومن حقوقهم الإنسانية.
ولا بد من القول أن تأريخنا يمكن تلخيصه بكرسي معمم , ولهذا لكل كرسي أبواق مؤدينة تسوّغ المظالم وتحسبها من طقوس وواجبات الدين.
وعلى هذا المنوال تتواصل دولنا في أنظمة حكمها الفتاكة إلا ما ندر.
فهل لنا أن نستوعب سلوك الكراسي ونحترم الدين؟
د-صادق السامرائي

أحدث المقالات