18 ديسمبر، 2024 10:06 م

منخفض جوي وثلاث دلالات سياسية

منخفض جوي وثلاث دلالات سياسية

ثلاث دلالات سياسية أكدها المنخفض الجوي الا خير  عن حال الدولة العراقية الجديدة التي تمخضت عن الزلزال الامريكي في نيسان 2003 , اولاهما ان هذه الدولة بسلطاتها التشريعية والتنفيذية  والقضائية لم تتمكن  ولن تتمكن من بناء نفسها كما فعلت الدول التي خرجت من الحروب والمآسي بسبب الدكتاتورية وسياساتها , لان موازناتها السنوية الضخمة لم تسفر عن اية مشاريع رصينة لا لبناء اسسها الارتكازية ولاحتى بناء الانسان فيها ما أشر فشلا ذريعا لجميع الحكومات التي تعاقبت على ادارة الملف التنفيذي  وحين سقطت مدن الجنوب  والوسط بما فيها بغداد تحت سياط  ذلك المنخفض اللعين راح الحاكمون على اختلاف مستوياتهم يكيلون الاتهامات لبعضهم البعض ويحملون المسؤولية لخصومهم السياسيين حتى اصبحت اتهاماتهم موضع تندر المواطن عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونخص بذلك  على سبيل المثال لاالحصر الصخرة الكبيرة التي سدت مجاري رصافة بغداد بفعل فاعل ! ,مثلما فشل مجلس النواب قي دوراته المتعاقبة لاسيما الدورة الاخيرة في ادارة الملف الرقابي وتحول الى واجهة للتسقيط السياسي والدعاية الشخصية او الحزبية حتى وصل به الامر الى عرقلة بعض القوانين لاسباب سياسية تتعلق بالتنافس الانتخابي , في وقت ظلت فيه السلطة القضائية عائمة ازاء ملفات سوء الادارة والفساد في اقرار وتنفيذ ورقابة المشاريع التي صرفت عليها مليارات الدولارات كما يقال , حتى ملف الكهرباء مازال مشكوكا في صدقيته لاسباب تتعلق بغياب الطاقة الكهربائية عن المنازل وغير المنازل بشكل يومي ولساعات طوال في وقت تعلن فيه وزارة الكهرباء وبلا حياء ان معدل التجهيز بلغ 24 ساعة يوميا , وثانيتهما ان من يدير مشاريع ومؤسسات الدولة على اختلافها لاسيما المواقع القيادية هم مجموعة من المحسوبين والمنسوبين غير الكفوئين الذين جاءت بهم المحاصصة وازلامها بدون استثناء لسد هذا الشاغر لموقع قيادي ما , حتى وصل الامر الى ان اصبحت مؤسسات الدولة بقيادة بعض المزورين الذين تتطلب مناصبهم شهادات لايملكونها اصلا فضلا عن تبوؤ مؤسسات اخرى من لدن قيادات لاتمتلك اية خبرة ادارية او في اختصاص الدوائر والمؤسسات التي يديرونها , فيما ظلت الكفاءات العراقية مستبعدة اما بسبب عدم انتامائهم لهذا الاحزاب القائدة  الجديدة او انهم علمانيون لايتوافقون معهم في اسلوب ادارة الحياة وقوانين الارض التي تتعارض وتوجهاتهم الدينية التي يحاولون فرضها عن طريق السياسة ,وبذلك فانهم لايختلفون عن سياسة النظام السابق اما ان تكون مع ثورة الحزب القائد او انك عدو لامجال لك معنا ,
 اما الدلالة الثالثة والمهمة للغاية  فهي غياب وعي الناخب وتلك هي ام المشاكل , حيث افرزت الاصطفافات الطائفية والقومية والاثنية تلك السلطات  التي اودت ببلد عريق مثل العراق وجعلته ينحدر الى مصافي الدول الاكثر تخلفا بالقياس الى ما يمتلك من ثروات هائلة وراح الناخب يتسابق لانتخاب ممثلي طائفته وهكذا فعل من راح يعدو وراء قوميته والجميع تركوا الوطن دون ان يعلموا ما هم فاعلون ,ان ام المشاكل يمكنها ان تزيل جميع عقبات بناء الدولة الجديدة اذاما حضر هذا الوعي لدى الناخب العراقي خاصة وان الانتخابات على الابواب  واستطاع ان يختار بحرص وبجدية من يمثله في المرحلة المقبلة   ولكن السؤال الذي يفرض نفسه  هو هل يمكن ان يتطور وعي الناخب بين ليلة وضحاها او بين دورة انتخابية واخرى ؟ يسود الاعتقاد ان  عزوفا عن المشاركة في التصويت في الانتخابات المقبلة سيحدث في الشارع العراقي ويظهر لنا  عبر الفضائيات وبشكل يومي مواطنون في وضع ماساوي في هذه المحافظة او تلك وهم يعاتبون الساسة الذين انتخبوهم ما يشير الى بداية بريق لحالة  من الوعي  بدأت  تتشكل لدى المواطن , وكان لبغداد في انتخاب مجالس المحافظات تأثير كبير على نسبة المشاركة في الانتخابات لكن النتيجة كانت صعود نفس الكتل التي يتشكل منها البرلمان والحكومة وغيرهما , من هنا فان الوعي المطلوب لايعني العزوف عن الانتخابات لانه ليس الحل كما اسلفنا انما تغيير الاختيار على اساس وطني وهذه مهمة  رغم صعوبتها يجب ان تنهض بها الاحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة والمؤثرة في فئات الشعب كالشباب والنساء والعمال والكسبة والفلاحين والطلبة وغيرهم  وكذلك المؤسسات والاتحادات الثقافية والمهنية والكلام يطول .
لقد مرت عشر سنوات على تعاقب حكومات ما بعد الزلزال الامريكي ولم تتحرك تلك الاحزاب الوطنية  ومن يسمي نفسه بالتيار المدني او الديمقراطي رغم ماضيها وخبرتها التعبوية  كما لم تكن منظمات المجتمع المدني فاعلة الى حد تمكنها من  ممارسة عملية الوعي لدى الجمهور  فضلا عن غياب تام لدور المؤسسات الثقافية والاعلامية في هذا الجانب وتأسيسا على ذلك فان المراقب لايعول كثيرا على وعي الناخب في المرحلة المقبلة اذا ما استمر الحال على ما هو عليه مايتطلب انبثاق جبهة وطنية موحدة من لبراليين وعلمانيين ومستقلين من جميع شرائح المجتمع والا فان الاستحقاقات الانتخابية  المقبلة وان كانت  ستفرز بعض التحول في خيارات الناخب مع صعود خجل لبعض المرشحين من  الاحزاب  والكتل الصغيرة فانها لن تنقذ البلاد والعباد وان العراق سيواصل انحداره نحو هاوية التخلف وسيظل يعيش امنية زلزال جديد هو الآخر سيأكل الزرع والضرع .
[email protected]