هجر العراقي المسكين داره مرغما – طاب طيب ، جاق جيق – فهرول مسرعا مع أفراد أسرته الكبيرة التي قضى شطر عمره في إعالتها ، هائما على وجهه الى اللامكان وفي ذهنه أسئلة حائرة – الى أين هذه المرة سيكون المسير ؟ الى جهنم أخرى في بلاد الرافدين وبئس المصير ؟ الى حرب قومية و مذهبية و دينية و ميليشياوية جديدة في عراق مهيض الجناح كسير؟ الى بقعة تسمى جزافا ناحية أو قضاء أو قائممقامية أو حتى محافظة – حيث لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء ولا دواء – .
وضع ” سالم ” بوصلته على الأرض البور وقرر النزوح شمالا – طق طق طاق طيق – عدل عن فكرة الرحيل الى الشمال ليستخير بوصلته ثانية فأشرت له الى الجنوب هذه المرة ولم يكد يخطو جنوبا حتى – تك تك تيك تاك – حدث نفسه بالهروب غربا – بووووم – اذن الى شرقي البلاد – بااااااااااام – لم يبق غير ان أبرك في مكاني ها هنا ، الساعة الساعة ، العجل العجل ففي كل العراق دماء ووجل ، في كل شبر حريق ، وكل مواطن شريف في بلاد ما بين النهرين غريق – خل يفرح ساسة الفوضى غير الخلاقة التي لم تبقي لنا جمل ولا ناقة من الأحزاب الرجعية والتقدمية ، الراديكالية والليبرالية ، القومية والدينية ، اضافة الى أحزاب الشاي والخضر والحمير – .
جاءه وفد من منظمة – عقوق الأنسان – بمعية وفد من حزب – الأنس والجان – وسألوه هل تسلمت منحة المليون دووو….نار المخصصة للنازحين من أمثالك ؟ قال لا !! لماذا ؟ لأن قارون الذي قرر ان يمنحني اياها من واردات النفط – وليس من جيبه الخاص ولا من خزينة الذين خلفوه فضلا عن الذين نصبوه ونظفوه ورتبوه وهندموه وعلموه – كان من المفترض ان يبني بها البلاد قبل خرابها ، ويثري بها العباد قبل ضياعها ليحول من دون النزوح والتهجير القسري لا بعدهما …قبل وقوع الحرب لا فوق ركامها …في فنادق البلاد لا في خنادقها ..قبل زمجرة القاذفات ودوي الهاونات وسقوط البراميل المتفجرات وتحليق الطائرات وقصف الراجمات و استهداف القناصات وإغتيال الكاتمات وتفجير المفخخات وعبث الميليشيات ونزوح العائلات …قبل اندلاع التظاهرات …في جميع المحافظات ..وما اكثر الخيارات التي حالت من دون وقوع الحرب وإندلاعها لو كانت هناك نية صادقة للعدل ويدا ممتدة للسلام ولكن هيهات ..هل تعلمون يا أصحاب السعادة أن مليونكم – الطبع – سأدفع منها 500ألف دينار لاستئجار منزل آيل للسقوط في أحسن الأحوال + 150 ألف دينار بدل اشتراك مولدة اهلية بواقع 6 أمبيرات +تكاليف معيشة لمدة 10 أيام ووووبس.
خذ مليونك وأعد ألي داري ..جاري .. أثاثي ..أحبابي ..ناحيتي ..سيارتي ..ابناء محلتي ..أصدقاء طفولتي ..أعد الي جامعتي ، مشفاي ، مدرستي .. أرجع الي بسمتي .. اعد الي مسجدي ..كنيستي ..صومعتي ..اعد الي كرامتي ..وفوق كل هذا وذاك أعد الي ..عرااااااقي يافرعون .