22 ديسمبر، 2024 1:57 م

مناوشات.. قد تعقبها حرب طاحنة!

مناوشات.. قد تعقبها حرب طاحنة!

ربما كان التدخل العكسري الروسي في الحرب الاهلية السوريةعام 2015 بالصورة السافرة التي تحدى بها القوانين الدولية يعد خرقا فاضحا لقرارات مجلس الامن التي تقضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و ضرورة الالتزام باحترام سيادتها وارادة شعوبها ضد انظمتها القمعية ، ولكن لم يظهر المجتمع الدولي أي اهتمام بالموضوع الخطير ولم يتخذ أي قرار رادعيوقف الروس عند حدهم ويخضعهم للعقوبات الرادعة .

هذا الموقف اللامسؤول واللااخلاقي الذي ابداه المجتمع الدولي إزاء التدخل الروسي في الشأن السوري شجع القادة الروس الى تكرار محاولتهم في اوكرانيا ، الدولة المستقلة ذات السيادة بابشع صورة ويزجوا بجيوشهم الغازية الى عمق البلاد امام انظار العالم ويحتلوا أجزاء كبيرة منها ضاربين القانون الدولي والمبادي الإنسانية والديمقراطية عرض الحائط .

فاذا كان الغزو الروسي لسوريا  احدث فوضى عارمة في منطقة الشرق الأوسط و فتح أبوابها لقوى التطرف الطائفي والتنظيمات الإرهابية بالتغلغل فيها واشعال فتنة كبيرة بين مكوناتها المجتمعية ، وتسبب بقتل وتهجير مئات الالاف من السوريين ، فان غزو الروس لاوكرانيا (2022) قد هز اركان أوروبا وزلزل كيانها السياسي والاقتصادي وعرض امنها واستقرارها الى خطر محدق! .

وفي كلتا حالتي “أوروبا والشرق الأوسط” روسيا”فلاديمير بوتين” هي التي هددت السلم المجتمعي واوصلت العالم الى شفا حرب عالمية شاملة! ولها دور كبير في ظهور التنظيمات الإرهابية في المنطقة . ولكن الازمة الحقيقية بدأت عندما غزت القوات الامريكية للعراق عام 2003 وسلمت السلطة للاحزاب الشيعية الموالية لإيران ، اي انها قدمت العراق بكل مكوناته وطوائفه وثرواته الكبيرة على طبق من ذهب الى ايران سواء عن قصد بهدف تدشين مشروعها الاستراتيجي”الفوضى الخلاقة” في المنطقة ام تم بجهل وعدم دراية للواقع العراقي وطبيعة الأحزاب الشيعية التي هيمنت على الحكم في العراق !

وبينما هي منهمكة في الصراع المرير مع بقايا عناصر النظام البعثي السابق والحركات السنية التي اخذت مجاميع منها تنخرط في صفوف تنظيمات إرهابية دولية ، وجدت نفسها متورطة في المستنقع العراقي ، فانسحبت من العراق عام 2011 وفق اتفاقية شكلية مع حكومة نوري المالكي وتركت العراق والمنطقة لتواجه اشرس واعنف غزو إرهابي لم يشهد مثيلا له!

رغم عودة القوات الامريكية مجددا الى العراق عام (2014) لتواجه قوات “داعش” التي احتلت نصف ألاراضي العراقية ، ولكن شيئا فشيئا تعالت الأصوات الرافضة للوجود الأمريكي وخاصة بعد اغتيال قاسم السليماني وأبو مهدي المهندس في يناير 2020 ، ولم تمضي أيام على مقتل القائدين ، حتى اصدر البرلمان العراقي قرار يقضي ب”انهاء التواجد الامريكي في العراق” ، رغم ادراك العراقيين انهم لا يستطيعون ان يواجهوا مشاكلهم بانفسهم ، فتراكمت الازمات والمشاكل وتداخلت المصالح والاجندات الخارجية حتى وصل الحال الى مواجهات دموية ، قد تتطور لتصل الى حرب اهلية شاملة..

لايمكن تصور الاضرار التي لحقت بالعراق من جراء القرار البرلماني الخاطيء ! ومنذ صدوره اخذت الامريكان يتنصلون منالتزاماتهم تجاه العراق الذي لم يعد يشكل “أولوية كبيرة لها “بحسب”فالي نصر” الخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن..

السياسي الوحيد الذي ادرك خطورة الانسحاب الأمريكي من العراق هو الزعيم الكردي “مسعودبارزاني” الذي حذر من نشوب حرب أهلية طاحنة في حال انسحاب القوات الأمريكية من العراق. وقال ؛ إن انسحاب الأمريكيين يفسح المجال لحرب أهلية مفتوحة، وقد صدق الرجل ما تنبأ به ولكن لم يستمع اليه المتنفذون! وما حصل فيما بعد ان الصراع بدأ بمناوشات و..سينتهي بحرب لا تبقي وتذر!