23 ديسمبر، 2024 6:49 ص

مناورات تركيا البحرية في شرقيّ المتوسط وما وراءَها

مناورات تركيا البحرية في شرقيّ المتوسط وما وراءَها

المقدمة
وسط توتّر تصاعديّ يوماً بعد يوم منذ أشهر وما زال وسيتواصل بين تركيا واليونان مصحوباً بمداخلات متنوعة لصالح هذا الطرف أو لطالح ذاك، يأتي إعلان “آنقرة” عن مناوَرَتَين مُتزامِنتَين بعشرات السفن والزوارق من قواتها البحرية المقتدِرة في غضون شهر أيلول الجاري وسط بقاع شرقيّ البحر الأبيض المتوسط بإستخدام العتاد الحَيّ، مع مشاركة محتملة لقِطَع من الأسطول الروسي المُرابِط في قاعدة “طرطوس”، ما يُشير بكل وضوح تصعيداً أخطر يُقال أنه قد يُشعِل مواجهات مسلّحة لا يُحمَد عُقباها، رغم محاولات حلف N.A.T.O والإتحاد الأوربي الحثيثة وأطراف سواهما لتهدئة الأطراف المتصارعة عن بُعد.
فما هاتان المناورتان؟ وما الكوامن وراء إجرائها؟؟ وما كوامن التناقض التركي-اليوناني؟؟؟ وما الأغراض الكامنة وراءها؟؟؟؟
المناورتان
الأولى:- جرت يومَي (12-13/أيلول) وسط المياه الكائنة بين سواحل “جمهورية شمالي قبرص” غرباً، وبين ولاية “هاتاي” التركية شمالاً وسواحل “اللاذقية” السورية شرقاً، شاركت فيها سفن وزوارق محمّلة بصواريخ ومقذوفات متنوعة ذكية ومنظومات أسلحة ومعدات حديثة وغواصات تتبع الأسطول التركي المُرابِط بقاعدة “مَرْسِين” الواقعة في أقصى شمال شرقي البحر المتوسط، وبإسناد طائرات مختلفة الطرز والأنواع أقلعت من قاعدة “إنجيرليك INJIRLIK” بولاية “آدَنَه ADANA”.
الثانية:- تُنَفَّذ إلى الجنوب من سواحل ولاية “آنطاليا”، وهي الأوسع والأضخم والأخطر من قرينتها، لكون عملياتها المُزمعة وسط مياهٍ قريبة نسبياً من الجزر المتناثرة والمملوكة لليونان منذ (1923-1947)، والمتقابلة مع سواحل ولاية “إزمير IZMIR” التركية، وللفترة من (17-25/أيلول) الجاري، تشترك فيها قطع بحرية أكثر عديداً من الأسطول التركي المرابط بقاعدة “آنطاليا” البحرية، وبدعم من طائرات متنوعة تنطلق من قاعِدتََي “قونيا وإزمير” الجوّيتَين وسواهما.
أهداف المناورات
من المعروف أن أية مناورات بقطعات مسلّحة برية، جوية، أو بحرية، سواء بإستخدام العتاد الحي أو من دونه، تستهدف تحقيق واحدة أو أكثر من الغايات الآتية:-
التدريب الإجمالي الفصلي أو السنوي للوحدات والتشكيلات القتالية والسانِدة والمعاوِنة.
تحويل الخطط الموضوعة على الورق إلى التطبيق الميداني لعمليات دفاعية أو تعرّضية مُفتَرَضة أو مُزمَعة.
فحص جدارة الأسلحة والمنظومات المتاحة والحديثة، والتيقُّن من فاعليّتها وتشخيص إيجابياتها وتحديد سلبياتها بغية تلافيها.
إستعراض القوى وعظمة نيرانها أمام الأعداء والخصوم، وكذلك الأصدقاء.
إتباع سياسة التلويح بإستخدام القوة العسكرية في حال إغلاق أبواب المساعي الدبلوماسية.
وفي بعض المرات، قد تبتغي المناورة مباغتة العدو بتحويلها إلى تعرّض ميداني وخوض حرب.
والذي يُشتَرَط -حسب المواثيق الدولية- أن يُخبِر الطرف القائم جميع دول الجوار والإقليم وكذلك المعنيّين والمتواجدين والقريبين بموعد المناورة وموقعها الجغرافي وحجم القطعات المنفِّذة قبل ثلاثة أشهر من إجرائها… إلاّ أنّ هذه الخطوة الضرورة عادةً ما لم يُلتَزَم بها كثيراً لضعف المراقبة الدولية.
مصطلحات قانونية بحرية
الجُرف القارّي
فلنتعرّف أولاً على مصطلح “الجرف القاري” ذي العلاقة بموضوع بحثنا، والذي قد يكون مُبهَماً لدى البعض من المُتابعين -مثلما كان مُبهَماً لديّ- ولم يكُنْ مطروحاً قانونياً لغاية عام (1945)، وقتما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وإبتغت الدول العظمى والكبرى الإفادة القصوى بإستغلال كل ما هو قريب منها.
فقد عُرِّفَ “الجرف القاري” بوضوح بأنه:- (الإمتداد الطبيعي ليابسة الدولة داخل البحار والمحيطات، مُشتَمِلاً -بالنسبة لأي دولة ذات سواحل- القاع والباطن المغمورَين من أرض مساحات الدولة التي تمتد إلى ما وراء بحرها الإقليمي.. وللدولة -ذات السواحل- حقوق سيادية على جرفها القاري للإفادة من موارده الطبيعية غير الحية كالنفط والغاز والمعادن).
وتورد المادة الأولى من إتفاقية “جنيف” لعام 1958 بأن “الجُرف القاري” هو:- (مناطق قاع البحر وما تحته من طبقات متصلة بالشاطئ، تمتد خارج البحر الإقليمي للدولة إلى عمق مِئتَي متر، أو يتعدى هذا الحد إلى حيث يسمح عمق المياه بإستثمار الموارد الطبيعية لهذه المنطقة).
المنطقة الإقتصادية
تُعَرِّف “إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار” المنطقة الإقتصادية الخالصة، بأنها:- (منطقة بَحريّة تُمارِس عليها دولة حقوقاً خاصة في إستثمار وإستخدام مواردها البحرية).
وتمتد “المنطقة الإقتصادية الخالصة” مسافة (200) ميل بَحرِيّ مُقاسَة من الخطوط الأساس الذي يبدأ منها قياس البحر الإقليمي من أجل تحقيق التوازن بين مختلف المصالح.
الحدود البحرية التركية- اليونانية
والآن فلنُلْقِ نظرة على حقوق الدول البحرية -بشكل عام- لنستوضح مُجريات العوالق بين الخصمَين التأريخيّين “تركيا واليونان”.
فحسب قانون البحار الدولي، فإنه يحقّ لكل دولة مطلّة على بحر -على ما ذكرناه- الإفادة من مسافة (200) ميل بحري (NAUTICAL MILE)، -ويعادل (364) كيلومتر- بدءاً من خطوط سواحلها القصوى بمثابة ((مساحة إقتصادية خالصة)) تخصّها، ويحق لها إستثمار مواردها المغمورة.
ولـمّا تكون المساحة الفاصلة بين سواحل دولتين أقل من (400) ميل بحري فلا مشكلة قانونية، لإنها تُنَصَّف بواقع 50% لكل منهما.
ولكن نصوص قانون البحار الدولي لا يمكن تطبيقها على الحال الشاذ بين “تركيا واليونان” منذ إنبثاق القانون في الخمسينيات، فقد سارعت “آثينا” لترسيم حدودها البحرية -التي إشتملت جميع بقاع “إيجه” وجزءاً من الأبيض المتوسط- حتى تقابلت مع سواحل ولاية “آنطاليا” التركية… وكذلك عملت “قبرص” -ذات التبعية اليونانية- بُعَيدَ إستقلالها من الإستعمار البريطاني عام (1960)، لِتُضاعِفا خَنقَ “تركيا” في حقوقها البحرية المفترَضة في سواحلها الجنوبية الغربية، فأضافَتا نقطة إيجابية لصالح مستقبلهما، ما يمكن إعتباره سبقُ نظر وبُعدِ بصيرة.
شيء من التأريخ القريب
ما يجدر ذكره في هذا الشأن، أنه رغم تعظيم الشعب التركي لزعيمه “مصطفى كمال آتاتورك” قائدُ حرب الإستقلال وطارِدُ الغزاة الآوروبيّين من بلاد الآناضول ومؤسس الجمهورية التركية على قواعدَ مدنية، ويخصّون غضباً علىالأيمن وذراعه رئيس وزرائه “الجنرال عصمت باشا إين ئونو” الذي خُوِّلَ بالتوقيع على معاهدة “لوزان” عام (1923)، فإن معظم الأتراك سواء أكانوا مقَدِّسيه أو معارِضيه- يلومونه بشخصه ومحيطيه في عهده، لخضوعهم لإملاءات “عُصبة الأمم” والدول الحليفة و”مملكة اليونان” وقبولهم حدوداً لا يتقبّلها العقل والمنطق ومصالح الشعب، وبالأخص في تلاصق تلك الجزر للبرّ التركي، وإلاّ فإن دولتهم لم تكن تغدو بهكذا موقف من بعدهم.
وكذلك يستغربون من عدم إقدام أيّ من القادة اللاحقين المتبوِّئين للمناصب الحكومية والتشريعية والقضائية الحساسة من بعد وفاة “آتاتورك” عام (1938) على تحريك ساكنٍ يُذكَر إلاّ قبل بضع سنوات من يومنا الراهن، وأنه لولا الرئيس “رجب طيب أردوغان” فلربما لَـم يتَجَرّأ أحد على شيء سواه.
وثمّة نقطة أخرى يثيرها العديد من المتابعين الأتراك، أنهم لو فرشوا أمام ناظرَيهم الخريطة المرفقة بهذه الأسطر، لوجدوا أن ليست السفن التركية محرومة من حرية الملاحة وسط بحر “إيجه” وأجزاء غير ضئيلة من البحر المتوسط لوحدهما، بل أن سماءهما الشاسعة تُعتبَر بقاعاً مُحرَّمة (DISTIRICTED AREA) بشكل مطلق على الطيران العسكري التركي، بل وحتى على الطيران المدني إلاّ بترخيص من سلطات “آثينا” لكون هذه الأجواء ضمن حدودها المرسومة، وهذا ما يَزيد الطين بِلَّةً ويُثير أحاسيسَ غاضبة أعظم.
ومن الطبيعي في يومنا الراهن، أن ترفض “تركيا” القوية-الناهضة كل تلك العوالق المَشوبة بأحاسيس الإذلال والمَهانة جملة وتفصيلاً، وبالأخص محرومِيّتها من حدود بحرية شاسعة وجرف قاري ومنطقة إقتصادية خاصة مُتعارَف عليها قانوناً، وبذلك توجّهت “آنقرة” نحو “طرابلس” -حاضِرة “ليبيا” المحتضنة لحكومة “الوفاق الوطني” الشرعية برئاسة “فايز السراج”- إتفاقية ثُنائيّة أُبرِمَتاها يوم (3/12/2019) تنصّ على مَدّ الحدود البحرية بينهما بدءاً من السواحل التركية إلى قرينتها الليبية بواقع (1400) كلم تنعدم في مساره الجزر التي قد تثير جدلاً ونقاشاً، ما أفسحت لتركيا إجراء عمليات التنقيب في أعماق تلك البقاع الشاسعة عبر البحر المتوسط، ومن دون أن يعتريها أحد، وبذلك أفشلت “آنقرة” -أو أرجأت- مشاريع يونانية، قبرصية، مصرية، إسرائيلية مُزمَعة لـمَدّ أنابيب ضخمة ترقد في قاع البحر المتوسط وتنقل الغاز السائل والبترول من الشرق الأوسط إلى اليونان وإيطاليا، ومنهما نحو الدول الآوروبية، ما جعلت المشروع تحت طائلة تركيا وليبيا.
وبالمقابل أبرمت “مصر” إتفاقاً مبدئياً معاكساً عام (2018) مع “اليونان، قبرص، إيطاليا”، وكذلك عملت “إسرائيل” عام (2019) مع “اليونان وقبرص”، ولكن الإتفاقيّتين لم تَرَيا نوراً على أرض الواقع لحد اليوم، خشيةَ أصحاب رؤوس الأموال من المجازفة بهكذا مشروع ضخم للغاية وسط أجواء ملبّدة بالغيوم، ولربما تفادياً لإثارة “آنقرة” وتصعيد الموقف معها بالوقت الراهن.
الخصمان تركيا واليونان
منذ أشهر ونحن نتابع التصعيد بين “آنقرة وآثينا”.. فـ”تركيا” تواصلت على تنقيباتها عن الغاز والنفط المحتمل توفّرهما بكميات مُجدِية في قيعان البحرَين الأسود والأبيض المتوسط، وقد أعلنت عن عثورها على الغاز لدى الأول دون أي إعتراض “جورجيا، روسيا الإتحادية، أوكرانيا، رومانيا، بلغاريا” المطلّة عليه بسواحلها، حيث لا تتشابك حدود “تركيا” البحرية المحددة معها، ناهيك عن محدودية الخلافات العميقة بينها وبين “تركيا” أو إنعدامها.
أما “اليونان” فقد أقامت الدنيا ولم تُقعِدها، فتناقضت المواقف بين الدولتين جراء ما يأتي:-
تعتبر “اليونان” البقاع التي تُجري فيها “تركيا” تنقيباتها جُرفاً قارياً ومياهاً إقليمية مُمتلَكة ومنطقة إقتصادية خاصة بها، وذلك على النقيض من “تركيا” التي ترفض تلك الطروحات، وتُصِرَ بأن لها كامل الحق بالتنقيب ولو عُنوةً وبحماية مسلّحة.
تعاني “اليونان” ظروفاً صعبة جراء مواقف داخلية وخارجية يطول سَردها، وأنها لو عثرت على نفط وغاز محتمَلَين في منطقتها الإقتصادية فستستثمرهما ويَقلِب موازينَها الإقتصادية… بينما ترى “تركيا” أنها -كذلك- لا تمتلك هاتين المادتَين الستراتيجيّتَين اللتين تُعَدّان شريان الحياة المعاصرة حتى يومنا الراهن وفي المستقبل القريب والمنظور.
تتصاعد مشاعر الأتراك الغاضبة يوماً بعد يوم أزاء إمتلاك اليونان لجزيرة “رودس” وعشرات الجزر المتاخمة للسواحل التركية في البحرَين “إيجه والأبيض المتوسط” منذ قرن مضى، لأن عدداً منها تبعد عن الأرض اليونانية الأُصل ما يقارب (800) كلم، وبالأخص جزيرة “كاستيللو ريزو” ذات الـ(10) كلم2 -والتي تنازلت عنها “بريطانيا العظمى” عام 1947 وسجّلتها لصالح “اليونان”- فهي في مَرمَى النظر وعلى مبعدة (كيلومترين) فقط من سواحل منتجع “آنطاليا” المُطِلّ على البحر المتوسط، وقد نُقِلَ إليها مؤخراً عساكر يونانيون خروجاً على إتفاق أُبرِمَ عام 1947.
ولكل ذلك ترى “تركيا” ذاتها محرومة من أية مياه وأجواء إقليمية مفترَضة دُوَلِياً، بحيث أضحى كل بحر “إيجه” والبعض من البحر المتوسط أشبه ما يكونا بحيرةً يونانية، يقابلها حرمان “تركيا” حتى من حرية الحركة.
إن هذه الأمور -وشبيهاتها كثيرة- قد فُرِضَت على “آنقرة” جَوراً وظُلماً وقتما كانت دولتها الفَتِيّة تلملم جراحاتها أمام هَول الحلفاء المنتصرين والمستحوِذين على العالم كلّه ومتحكّمين بقرارات “عُصبة الأمم”، وبذلك إستطاعوا إرغام “تركيا” على قبول ذلك الأمر الواقع، وجعلوها تمضي عام 1923 على ترسيم حدودها الدولية… أما اليوم فالأمر مختلف وحال بلاد الآناضول ليس مثلما كانت عليه قبل (97) سنة، وقد آن الأوان لدرء الحَيف وإعادة الأمور إلى نصابها، حتى لو كانت بأبهَظ الأثمان.
أما المعضلة الشائكة الأخرى بين الدولتين فهي جزيرة “قبرص” بدولتها المعترف بها وعاصمتها “نيقوسيا” وبشعبها ذي الأغلبية اليونانية، حيث تنظر إليها “آثينا” وكأنها جزء من دولتها، وأن مياهها الإقليمية متداخِلة مع مياه “اليونان” … ولكن “آنقرة” التي إحتلّت جزءَها الشمالي عام (1974) وأقامت فيها دولة لم تعترف بها سواها، لتراها جزءاً منها وتُداريها وكأنها إحدى ولاياتها وأن مياهها الإقليمية جزء من مياه الوطن الأُم تستثمرها وقتما تشاء، ولها حق التنقيب وإجراء المناورات العسكرية فيها.
وتحت تلك الحُجَج والذرائع المُتَضادّة، هناك بضع دول -وفي مقدمتها “فرنسا، مصر، إسرائيل، الإمارات العربية”- تدفع “اليونان” لتحدّي “تركيا” في شأن التنقيب وغيره، وتعدها بدعم سياسيّ وإسناد عسكريّ إن تَطَلَّبَ الأمر… ولكن “تركيا” -لحد الآن- تعاكسهم بكل قواها، وترى ذاتها ممتلِكة إمكاناتٍ لا تتفوّق بها على “اليونان” فحسب، بل على مجاميع القوات التي قد تضخّها عدد من تلك الدول أو كلّها لصالح “آثينا”.
ختام الحديث
بعد عرض كل تلك الأمور المتشابكة، نستطيع القول بأن موضوعة المناوَرَتَين اللّتَين يُجريهما الأسطولان التركيّان ما هي سوى ذلك الجزء من الجليد الظاهر فوق السطح، فهناك غاطس في الأعماق يعادل تسعة أعشار المَرئيّ، محتوياً أسراراً وطموحات وأطماعاً لا تُعلَن إلاّ وقتما تقع الواقعة.
صحيح أن المصالح الإقتصادية من أهم أسباب الحروب في عموم التأريخ، ولكن الخلافات التأريخية القريبة والبعيدة ومشاعر الغُبن والجَور والظُلم تفرض أوزارها وأحاسيسها في إحقاق الحق وإسترجاع المهضوم، ولا نستغرب في قادم الأيام أن تثير “تركيا” موضوعة إعادة ترسيم حدودها المائية على طول سواحلها المطلّة على بحرَي “إيجه والمتوسط” كي تُزيل الحَيف الذي أصابه قبل (97) سنة، ولربما تقدم على عرض قضايا شائكة سواها ما تزال عالقة في أعماق عموم شعبها، وقتما أُعلِنَت الهدنة في تمام الساعة 11 من يوم (11/11/1918) مؤذنة إنتهاء الحرب العالمية الأولى، وإلتزمت بها الجيوش العثمانية في حين إخترقها البريطانيون في أكثر من جبهة، قبل أن يغزو اليونانيون والأرمن والفرنسيون -بدعم بريطاني- بلاد الآناضول في حرب ضروس طالت ثلاثة أعوام (1919-1922) ضحّى الأتراك في غضونها عشرات الألوف من البشر إلى جانب تدمير الغزاة كُبرَيات مدنهم العامرة في غربيّ الوطن وجنوبيّها.