المقدمة :
تشكل المسيرة الدنيوية / الحياتية ، للمجموعات البشرية معادلة قطباها الحياة و الموت ، هذه المعادلة تتواجد في معترك كم من المتغيرات الزمانية و المكانية ، والتي تؤثر على تفاعلها قوى خارقة مجهولة من الغيبيات والماورائيات / والله أحدها ، ولولا لجوء الأنسان للقتل / بدءا من قتل قابيل أخيه هابيل حسب المعتقد الديني ، لكانت حياة أي فرد ضمن المجموعة البشرية تنتهي بالموت الطبيعي حتما ، ومن هنا / أي من حادثة القتل البدائية الأولى ، أتجه الأنسان لتحقيق مأربه وغاياته وأهدافه ومنها الدعوة الدينية .. الى وسائل عديدة منها ” القتل ” ، في حال فشله في تحقيق هذه المأرب بوسائل أخرى كالأرضاء أو الأقناع أو التفاهم أو القبول .. ، وليس من نص ديني أستخدم القتل في سرده كالأسلام ، هذا هو موضوع بحثنا المختصر : ” أيات القتل ” في ” النص القرأني ” ، وأقرنت على هذه العلاقة ، عامل أخر ، وهو تأثير المدرسة النفسية ل ” سيغموند فرويد ” (*) ، من أجل قراءة حداثوية للنص القراني ، من منظور نفسي ، بالرغم من وجود / فاصل تأريخي ، فترة زمنية واسعة ، بين أكتمال النص القرأني وفرويد ، تمتد لأكثر من 13 قرنا ! .
مرجع البحث : وحتى نخرج من الدائرة الأيدولوجية العامة للقتل ، المتعارف عليها ، والذي تعرف القتل ( على أنه عملية أنهاء حياة كائن حي بإرادة آخر ) ، سأنهج منحا أخر مرتبطا وفق مسار المدرسة الفرويدية ، حيث سأقوم في مقدمة البحث ، بنقل فقرات مختارة من مقال ل ” محمد الأمين سريدي ” ، بعنوان ( الأسس الرمزية والأسطورية لنشاة الأخلاق في سيكولوجيا فرويد ) منشور في موقع أكاديمية علم النفس ، لتكون مرجعا لبحثي المختصر ، المقال يحدثنا في جزئية منه عن (( الوليمة الطوطمية: يستلهم فرويد أسطورة القتل الأول ( الوليمة الطوطمية ) في استكشاف المنشأ الأول للأخلاق الإنسانية ، وتفيد هذه الأسطورة أن جماعة من البدائيين في الغاب الأول ، يحكمها أب ذكر قوي ، كان قد استحوذ على نساء القبيلة جميعهن ، وفرض نظاما من التحريم الجنسي الصارم على أبنائه وأفراد العشيرة ، وتحت تأثير القمع المستمر ، والكبت الشديد لدوافع الأبناء وميولهم الجنسية ، غضب الأبناء ، وثاروا على أبيهم ، فقتلوه والتهموه ، وعلى الأثر ، وقع الأبناء في صراع مميت على تركة الأب ، فدبت الفوضى بينهم ، ونشب الصراع المميت ، فاقتتل الأخوة ، وسفكت الدماء ، في ظل غياب سلطة الأب وهيبته وانهيار النظام الذي وضعه. يتناول فرويد الطابع الرمزي لهذه الأسطورة ، ويعمل على تفكيك عناصرها الرمزية على نحو سيكولوجي . فالأبناء – كما يرى فرويد في هذه الأسطورة – كانوا يناصبون أباهم المتسلط الكراهية والعداء ، نظرا للتحريم الجنسي الصارم الذي فرضه عليهم ، ولكنهم في الوقت نفسه كانوا يدينون له بالحب والولاء والتقدير والإعجاب ، إذ كان الأب لهم نموذجا وقدوة ، يتماهون به ، وينشدون صورته. وعندما وضعوا نهاية مأساوية لوجوده (=قتله) ، كابدهم الندم ، وأشقاهم الألم ، فأقاموا تحت تأثير هذا الندم والحزن طقوسا “طوطمية” تكريما للأب ، وتكفيرا عن إثمهم العظيم ، وتأسيسا على هذا الموقف التكفيري أسسوا نظام التحريم ، ثم شيدوا نظاما من المقدسات ، التي حظروا بموجبها على أنفسهم ما كان الأب قد حرّمه عليهم في سابق عهدهم ، فنشأ التحريم ، وولد المقدس ، وظهر القانون ، وجرت العادات والتقاليد والأعراف على تأصيل هذه المبادئ التحريمية فنشأت القيم وظهرت الأنظمة الأخلاقية في المجتمع .. )) .. وكما ذكرت هناك فاصلا زمنيا بين أكتمال القرأن حوالي 632 م / لو أفترصنا جدلا أن وفاة الرسول محمد هو زمن أكتمال القرأن ، وبين وفاة فرويد 1939 م / رائد المدرسة النفسية ، يبلغ 1307 عاما بين الحقبتين ، هذا أولا ، كما أنني لا أتكلم على تأثر النص القراني بالمدرسة الفرويدية / حيث أن القران أكتمل قبل أكثر من 13 قرنا من وفاة فرويد ، هذا ثانيا ، في هذا البحث المختصر ، وددت أن أبين علاقة الأيات / النص القرأني ، التي تحرض أو تدعوا للقتل بالمدرسة الفرويدية ، هذا ثالثا ، أذن لا أستطيع أن أقول تأثر النص القراني بالمدرسة الفرويدية ، لأن المتأثر النص القرأني سبق المؤثر المدرسة الفرويدية ! ، ولكني بينت نوعا من التشابه و التواتر و التخاطر بين ” الوليمة الطوطمية لفرويد ” وبين ” أيات القتل ” ، وكما تدعى عند بعض الدارسين و المهتمين بأيات السيف ، هذا رابعا .
النص :
بالرغم من أن القتل مرفوض أخلاقيا ، حيث أن قتل النفس / مهما كان دينها أو مذهبها ، بغير حق يعتبر جريمة نكراء يستحق القاتل بها العقاب ، وهي جريمة حسب كل الأعراف و التقاليد ، وبالرغم من شناعتها إلا أنها تتوالى عبر العصور ، وتتكرر بتعاقب الأجيال .. ، علما أنه حتى الاعدام / القتل ، ألغي في كثير من البلدان ، .. وبالرغم من أن بعض الأحاديث تنهى عن القتل كما جاء بالحديث التالي المنقول عن موقع / أهل السنة و الجماعة ( .. وفي الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ : ” اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَات”. ) ، ولكن نرى من جانب أخر أن القتل أسلاميا له أسبابه ، ففي باب الجهاد ، مثلا ، جاء التالي ( ثم إنه ينبغي أن يعلم أن غاية الجهاد ليست قتل غير المسلمين ! وإنما هو من باب إزالة العوائق أمام دعوة الناس للدين الحق ، ولذلك يبتدأ بالدعوة والبيان قبل نصب القتال . جاء في الموسوعة الفقهية : يجب على المسلمين دعوة الكفار إلى الإسلام ؛ لقول الله تبارك وتعالى : ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ـ ولا يقاتلون قبل الدعوة إلى الإسلام ؛ لأن قتال الكفار لم يفرض لعين القتال ، بل للدعوة إلى الإسلام . والدعوة دعوتان : دعوة بالبنان وهي القتال ، ودعوة بالبيان وهو اللسان ، وذلك بالتبليغ ) / نقل بتصرف من موقع أسلام ويب ، هنا أذا رجعنا الى المقدمة أعلاه ، والتي بينت بها ، أن نهج القتل يكون وسيلة ، في حالة غياب الرضا و القبول .. ، فالقتل هنا مؤكد جاء بدافع معين وهو نشر الدين أي الدعوة لنشر الأسلام ، وتثبيت الأسلام بكل السبل والطرق ، حتى أن كانت تلك الطريقة هي ” القتل ” ، أي الدعوة للقتل في سبيل غاية معينة وهي نشر الدين !! ، من هنا كانت أيات القتل في القرأن ..
** ومن بعض النصوص القرانية ، التي تدعوا الى القتل ، أو تشير أليه بالمضمون أو بالمعنى .. الأتي : سورة التوبة الاية 5 ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، سورة التوبة الأية 29 ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) . سورة الانفال الاية 12 ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ )
سورة الانفال الاية 39 ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )
سورة الانفال الاية 60 ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) .. سورة محمد الاية 4 ( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) . نقل بتصرف من الموقع التالي islameyat.blogspot.de/…/blog-post_11425514427835 . ** ومن بعض الأحاديث التي تدعوا أو تحرض على القتل .. الأتي :
(( فقد جعل الله لدماء الناس وأموالهم حرمة ومكانة عظيمة ، وجعل لهذه الحرمة والمكانة أسباباً ، أهمها وأولاها : الإسلام فإذا أسلم الإنسان حرم دمه وماله ، إلا إذا اقترف ما يبيح دمه أو ماله ، قال الرسول : ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ” متفق عليه من حديث ابن عمر – البخاري كتاب : الإيمان ، رقم الحديث (25) ، ومسلم كتاب : الإيمان رقم الحديث (22) واللفظ لمسلم .. )) . نقل بتصرف من موقع / طريق التوبة . وحديث (( ” والذي نفس محمد بيده ، لقد جئتكم بالذبح “فالحديث صحيح ، رواه ابن أبي شيبة في المصنف ، وأحمد في المسند ، والبخاري في خلق أفعال العباد ، وابن حبان في الصحيح والبيهقي وأبو نعيم في الدلائل . وصححه الشيخ أحمد شاكر ، وحسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقهما على مسند أحمد ، وصححه الشيخ الألباني في كتابه صحيح السيرة النبوية )) ، نقل بتصرف من موقع / منتدى التجديد الأسلامي .
القراءة :
أني أرى أن ..” جانبا كبيرا من عبقرية فرويد تكمن في قدرته الهائلة على توظيف الطاقة الرمزية للأساطير في إضاءة جوانب مظلمة من النفس البشرية ، واستجواب مناطق عصيّة على الفهم في تضاريس الحياة الإنسانية ، وتتجلى ومضات هذه الطاقة الإبداعية في قدرته على استنفار الطاقة الرمزية للأساطير والاستناد إليها في تفسير خفايا الحياة الإنسانية وكشف أسرارها .. ” / نقل بتصرف من نفس المصدر السابق ل محمد الأمين سريدي . سأقوم فيما يلي بأجراء مناظرة بين أسطورة الوليمة الطوطمية لفرويد وما يماثلها أسلاميا من أيات القتل كمثال: أولا ، أن الأشارة لجماعة من البدائيين في الغاب الأول ، هذا المفهوم / المفردة ، يقابله المجتمع العربي البدوي القبلي الجاهل ، في بداية زمن الدعوة المحمدية ، الذي يؤمن بالغيبيات ، مهووس بالجنس ، يمكن دفعه للغزوات عن طريق أقناعه بالخرافات / كحور العين والغنائم و السبايا .. ، وبنفس الوقت يمكن أن يثور على الحاكم حال غضبه ، ثانيا ، الأب القوي المتحكم الحاكم للبشر / أولاده ، المستحوذ ، الصارم ، الفارض للنظام ، الذي بيده مفاتيح الحرام و الحلال ، الذي يمارس سلطة القمع و الكبت .. يقابل هذا ، تلك القوة الخارقة للماورائيات و الغيبيات / الله ، أن فرويد بين دوره في جانب من رمزيته الأسطورية بالكبت الجنسي على أبنائه فكان هذا الدور على سبيل المثال وليس الحصر ، ولو نظرنا لهذه السيطرة الخارقة القوية فهي أنما تمثل ، أن الله قد وضع حدودا لا يمكن تعديها / تخطيها من قبل أبنائه – عباده ، منها عدم الأعتداء وقتل المخالف و التعايش مع الأخر بالمطلق ، أذن كان هناك منظومة لها قيم ومبادئ ، بمعنى أو بأخر ، بها محذورات لا يمكن تخطيها وبنفس الوقت لها حدود مسموح بها ، ممكن مزاولتها ، أن الأب في الوليمة الطوطمية يمثل الله في الأسلام / بشكل أو بأخر في صدر الدعوة المحمدية ، لأنه صمام الأمان للمنظومة البشرية ، وأني أرى ذكر ( الكبت الجنسي والأستحواذ على النساء .. ) ، فقط كان مثالا ، ثالثا ، أن الثورة وغضب الأبناء على أبيهم ، وقتله والتهامه ، وعلى الأثر ، وقع الأبناء في صراع مميت على تركة الأب ، فدبت الفوضى بينهم ، ونشب الصراع المميت ، فاقتتل الأخوة ، وسفكت الدماء ، في ظل غياب سلطة الأب وهيبته وانهيار النظام الذي وضعه .. أن الثورة على الأب يقابل هذا ، الثورة على القيم المتعارف عليها التي وضعها الله ، أما قتل و ألتهام الأب ، فهو مفهوم رمزي ، يشير الى ألغاء نظام و قوانين ومبادئ وضعها الأب / الله ، فكانت أيات القتل / بدلا عن القيم الأخلاقية لله ، من أجل تثبيت الدين والدعوة ، وترسيخ سلطة الرسول محمد في القبيلة ، التي كان من نتائجها سفك دماء الكفار و النصارى و اليهود والمرتدين !! / وكل من لم يؤمن بالأسلام دينا ومحمد رسولا ، وحتى قتال المسلمين فيما بينهم ، فيما بعد ، رابعا ، النظام أنتهى ولكن الأخ الأكبر / الرسول محمد ، سيطر على الأسرة / المجتمع – القبائل ، بأيات القتل وبنصوص الترغيب بالأخرة – منها الجنة وحور العين والسبايا .. ، خامسا ، نشب القتال بين الأخوة طمعا بالخلافة بوفاة الاخ الأكبر / الرسول محمد ، وهذا ما حصل بين الصحابة ، أثناء واقعة ( سقيفة بني ساعدة ) ، حين أعداد الرسول وتحضيره للدفن من قبل علي بن أبي طالب وأل بيته ، ثم فيما بعد بين أل البيت ومعاوية بن أبي سفيان ، ثم في مرحلة لاحقة بين الأمويين و العباسيين ، سادسا ، مرحلة الندم ، لأنهم / الأخوة ، كانوا يدينون للأب بالحب والولاء والتقدير والإعجاب ، الذي كان لهم نموذجا وقدوة ، يتماهون به ، كابدهم الندم ، وأشقاهم الألم ، فأقاموا تحت تأثير هذا الندم والحزن طقوسا ” طوطمية ” تكريما للأب ، وتكفيرا عن إثمهم العظيم ، يقابل هذا أسلاميا ، حين بدأ القوم / المسلمين ، من الحكماء والعلماء و العقلاء و الفقهاء .. ، الذين ساءهم ما حصل في المجتمع ، بأعادة قيم الأب / الله ، ومنها ترسيخ الأنظمة الأخلاقية في المجتمع ، ولكن أي تجميل للصور الدامية للقتل / أيات القتل ، أصبح نوعا من العبث ، سابعا ، لذا أن أي محاولة لتأسيس نظام جديد أخر للتحريم ، وأعادة صورة الأب الذي أحبوه ، المكانة الماضوية للأب الذي أحبها الأبناء ، أصبح مستحيلا ، وأن كل محاولات التصحيح والتشكيك ببعض النصوص ، و الناسخ و المنسوخ ، وقضية الأسرائيليات ، و الأحاديث المستحدثة ، لأرجاع المجتمع الى ما هو عليه في السابق ، بالرغم من سلبياته ، باتت جميعها حبرا على ورق ، لأن المجتمع الذي سادت به ثقافة الموت / أيات القتل ، تغيرت قيمه ومبادئه وأخلاقياته و أعرافه وتبدلت تقاليده المجتمعية ، والزمان الحالي / زمن التكفير والجهاد وألغاء الأخر والسبي .. ، لا يمكن أن ينتج عنه حالات مجتمعية أيجابية من زمن ماضوي كارثي مهووس بالجنس والقتل والغزو ونحر الرؤوس والسبي و الغنائم ، كما أن أي مجتمع كتب تأريخه بالدم لا يمكن أن يعود الى مجتمع وردي ، لأن الذي كتب بالدم لا يمحوه سوى الدم ! .
كلمة الختام :
أني أرى عقدة نفسية مستحكمة ، بين نهج النص القرأني المعبأ فكريا بثقافة الموت و القتل ، والتوحش في أحيان أخرى ، وبين الفكر الألهي الذي يدعوا الى المحبة والتسامح و التعايش والمودة وقبول الأخر ، هذه العقدة النفسية قضت على مفهوم المحبة لدى الله أسلاميا ! ، وجعلت من كل مخالف للفكر الأسلامي يكون بمثابة كافر حسب العقيدة الأسلامية ، يجب أن يقتل أو .. ، حتى ولو كان كتابيا موحدا / اليهود و المسيحيين والصابئة .. ، وأن أي محاولة للتعايش مع الكفرة ، أصبح ضربا من المستحيل ، وهذا ما مؤكد ومثبت بالنص القرأني ، كقوله تعالى في سورة التوبة الأية 29 ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، أن قضية النص القرأني ، هي ليست الأيمان بالله أو لا ، لأن أهل الكتاب مؤمنين بالله أيضا ، ولكن القضية هي الأيمان بالأسلام وأله الأسلام والرسول محمد ، لأجل كل هذا وجدت أيات القتل ! فكان القتل هو الغاية وكان السيف هو الوسيلة .
———————————————————————————————
(*) سيغيسموند شلومو فرويد 6 مايو 1856 – 23 سبتمبر، 1939 . طبيب نمساوي من أصل يهودي ، اختص بدراسة الطب العصبي ، مفكر حر ، يعتبر مؤسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث . اشتهر بنظريات العقل واللاواعي ، وآلية الدفاع عن القمع ، كما اشتهر بتقنية إعادة تحديد الرغبة الجنسية والطاقة التحفيزية الأولية للحياة البشرية ، فضلا عن التقنيات العلاجية ، بما في ذلك استخدام طريقة تكوين الجمعيات وحلقات العلاج النفسي ، ونظريته من التحول في العلاقة العلاجية ، وتفسير الأحلام كمصادر للنظرة الثاقبة عن رغبات اللاوعي . / نقل بتصرف من الويكيبيديا .