23 ديسمبر، 2024 10:46 ص

ممثلو الشعب صوتوا لسرقته!

ممثلو الشعب صوتوا لسرقته!

تتوالى علينا المصائب واحدة تلو الأخرى، فما أن تنجلي إحداها الا وتحل محلها مصيبة جديدة.
آخر تلك المصائب التي رزيء بها الشعب، إقرار قانون التقاعد الموحد، والذي أعد بالأصل لخدمة شريحة واسعة من الشعب العراقي وهم موظفوا الدولة ممن بلغ سن التقاعد، الا ان ذلك القانون تضمن مواداً تنص على إحتساب الراتب التقاعدي للرئاسات الثلاث، وأعضاء مجلس النواب، والوزراء، وحتى أعضاء الجمعية الوطنية، وأعضاء مجلس الحكم، ووكلاء الوزارات ..الخ.
المادة 38 من ذلك القانون والتي عنت باحتساب الراتب التقاعدي لتلك الفئات، حيث قام بتضمينها النائب عن دولة القانون، حيدر العبادي، وتم التصويت على المادة بأغلبية مجلس النواب الحاضرين في تلك الجلسة، مع وجود 29 نائباً صوتوا ضد تلك المادة. وبالرغم من تبري جميع الكتل عن التصويت لتمريرها، الا أن لوحة التصويت الإليكترونية أشارت الى وجود 169 نائباً صوتوا لإقرارها.
القرائن التي بين أيدينا، وأهمها قيام النائب حيدر العبادي بتضمين تلك المادة، تدل على ان ذلك هو ما تم الاتفاق عليه داخل كتلة دولة القانون، والذي يجعل الرقم 169 منطقياً، إذا ما علمنا أن نواب القائمة الكردستانية قد صوتوا, وكذلك نواب قائمة متحدون ودولة القانون, وربما بعض الأفراد من قوائم أخرى.
النواب المصوتون ضد المادة 38 والذين بلغ عددهم (29) نائباً، يبدو أنهم من كتلتي المواطن والأحرار وبعض المستقلين، وهو الأقرب الى المنطق. لكن الملفت للنظر أن الكتل الثلاث (القانون والأحرار والمواطن)، أعلنوا عبر وسائل الإعلام، رفضهم لتلك المادة، بالرغم من كون تصريحاتهم جاءت متفاوتة، حيث أعلن نواب كتلة دولة القانون عن عزمهم الطعن بالقانون، بينما طالب نواب كتلة الأحرار، إعادة التصويت على القانون.
كلا الكتلتين (دولة القانون والأحرار) كان موقفهما ضعيفاً، حيث أن الطعن الذي ينوي أعضاء دولة القانون القيام به، يدل على محاولة الإلتفاف على القضية، وتبرئة ساحتهم بطريقة بعيدة عن كشف أسماء المتورطين بالتصويت. وذلك يجعلنا على يقين بأن أعضاء دولة القانون صوتوا لصالح تمرير الفقرة 38.
اما كتلة الأحرار فإن طلبهم إعادة التصويت, يعد إدانة لهم بأن عدداً منهم على الأقل قد صوت بالفعل لصالح تمرير تلك الفقرة، مما جعلهم يطالبون بإعادة التصويت لا المطالبة بكشف أسماء المصوتين!
الكتلة الثالثة وهي كتلة المواطن، قدمت طلباً الى رئاسة مجلس النواب، لتزويد الكتلة بأسماء النواب الذين صوتوا على تمرير تلك الفقرة، وتعهدت قيادة الكتلة بفصل النواب المصوتين عن عضوية الكتلة، ومنعهم من الترشح للإنتخابات القادمة. ومن ذلك يتضح أن كتلة المواطن هي الكتلة الوحيدة التي ابرأت ساحتها, والتي كانت الأوضح من بين الكتل في إتخاذ الإجراءات اللازمة لإثبات صدقيتها، حيث أنها كانت السباقة في المطالبة بإزالة تلك الإمتيازات.
لم يستح النواب المصوتون من شعبهم, وصدق النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام بقوله : إذا لم تستح فأصنع ما شئت.
وحتى تنكشف كامل الحقيقة، ويتضح من كان يعمل لمصالح الشعب, ومن كان يعمل على نهب خيراته والإستخفاف به؛ حتى ذلك الوقت يبقى الجميع في دائرة الإتهام، ومعرضون للنبذ من قبل الناخبين، تطبيقاً لما وجهت به المرجعية الرشيدة، والذي يتطابق مع مصلحة الشعب، من عدم انتخاب من صوت لذلك القانون, وأن لا ينتخبوا إلاّ مَنْ يتعهد لهم مسبقاً بإلغاء هذه الامتيازات.