27 ديسمبر، 2024 9:05 م

ملحمة بوزقورت (الذئب الأغبر ) الاسطورية للأتراك

ملحمة بوزقورت (الذئب الأغبر ) الاسطورية للأتراك

الأسطورة هي أول وأهم مصدر للمحاكاة الأدبية تناولتها الألسن عند الأتراك القدامى. ومن أبرز الأساطير التركية القديمة، أسطورة«آلب أرتونغا»، الذي يعتقد أنه عاش في القرن السابع وكان حاكماً للصاقائيين آنذاك، ويسرد فيها كيف دمّر الجيوش الإيرانية، وأسطورة«بوزقورت» (الذئب الأغبر)، التي تروي أن قوم غوك تورك نشأوا من أنثى ذئب، وأسطورة «ارغنوكون»، التي تروي خروج أتراك غوك تورك من ارغنوكون بصهرهم جبلاً من الحديد.
في الاونة الاخيرة كثرة التساؤلات حول رمز الذئب ألأغبر ومعناه ومدلوله وجذوره التاريخية والذي له مكانته البالغة الاهمية في تاريخ الأتراك منذ القدم. ويحظى هذا الرمزبالتقدير والاعتزاز في جميع دول تركستان الغربية وفي تركستان الشرقية في الصين وفي جمهورية آذربيجان، وآفغانستان وآذربيجان الجنوبية وروسيا وايران وقبرص الشمالية التركية ودول البلقان وتراقيا الغربية في اليونان والعراق وسوريا. للذئب أثـــر كبير في آداب شعـــوب عــديدة عبر العصور ففي بعض انحاء العالم كانت تحترم بينما تثير الخوف و النفور في اماكن اخرى واعتبرت الذئاب موقرة في الميثولوجيات وعلوم الكونيات الأساسية للشعوب على امتداد أوراسيا وأمريكا الشمالية (ما يوافق الامتداد التاريخي لموئل الذئب الرمادي). السمة البديهية للذئب هي سجيته المفترسة، بالتالي يُقرَن بشدة بالخطر والدمار، ما يجعله رمزًا للمحارب من جهة، ورمزًا للشيطان من جهة أخرى. مجاز الذئب الضخم الخبيث تطوير لما سبق. يحمل الذئب أهمية عظيمة في ثقافات وديانات الشعوب البدويّة، في كل من السهوب الأوراسية والسهول الأميركية الشمالية.
رُبطت الذئاب في بعض الأوقات بالشعوذة في الثقافات الأوروبية الشمالية وبعض الثقافات الأميركية الأصلية معًا: في الفلكلور الشمالي، غالبًا ما تُصوّر الفولفا (الساحرة) هيندلا والعملاقة هيروكين ممتطيتان ذئابًا، بينما في ثقافة النافاجو، كان يُخشى من الذئاب لاعتبارها ساحرات في زيّ ذئاب. بصورة مشابهة، اعتقد شعب تشيلكوتين أن الاحتكاك بالذئاب يمكن أن يسبب مسّ الجنون والموت.
عند الأكادييين يظهر واحد من أقدم الإشارات المكتوبة للذئاب السوداء في ملحمة غِلغامش البابلية، حيث يرفض الشخصية الاعتبارية فيها إيماءات الإلهة عشتار الجنسية، مذكرًا إياها بأنها قد حولت خليلًا سابقًا، راعٍ، إلى ذئب، أي حولته إلى الحيوان ذاته الذي تحتاج قطعانه الحماية منه.

في دول البلطيقية وفقًا للأسطورة، بدأ إنشاء العاصمة فيلنيوس الليتوانية عندما حلم الدوق الأكبر غيديمين بذئب حديدي يعوي قرب التل. كانت توصف الإلهة الليتوانية ميدينا على أنها عزباء وغير راغبة بالزواج، مع أنها صيادة شهوانية وجميلة. صُورت على أنها مستذئبة يرافقها حرس من الذئاب.
الذئب في الميثولوجيا الخاصة بالاتراك ، يعتقدون بأنهـــم ينحـــدرون من الذئاب وتناولت الاساطير التركية عــــدد من القصـــص التي لعبـــت فيها الذئاب دوراً كبيـــراً ، منها الاسطورة التي تقول بأن ذئبـــاً أغبـــر قاد الاتراك الى موطنهـــم المسمـــى ” اركنكـــون ” حيث ازدهروا وغزوا كل الشعوب المجاورة لهم وتحقيـــق الهيمنة رافعين بيارقهم التي رفرفـــت في داخلـــها صورة الذئب واصبح بعـــد ذلك الرمز القومي للعـــديد من الدول التركية من أمبراطورية الهـــون الى الدولة العثمانــــية ، وكان الاتراك يضعون على عصي الاعلام التي يحملونهـــا أثناء المعارك رأس ذئـــب وذلك قبل ان يعتــــقدوا الاسلام حيث استبدلـــوا الرأس بالهلال والنجمـــــة .
ملحمة الخالق آشينا والملحمة معروفة باسم ملحمة بوزقورت
هناك ملحمتان مختلفتان لملحمة بوزقورت لكن الفرق بين الملحمتين بسيط، وقد نشأ من اجل تكييف الأسماء والكلمات الصينية أثناء كتابتها من قبل الصينيين. على الرغم من أن بعض الباحثين قالوا ان هناك ثلاثة ملاحم عن الذئب الاغبر لدى الأتراك ، إلا أن هذه الأسطورة ، التي يسمونها الأسطورة الثالثة لأسطورة الذئب الرمادي ، هي في الواقع أسطورة أتراك أوسون في في امبراطورية الهون . تم تضمينه في كتاب تشوو وكتاب سيوو للأخبار الصينية وتاريخ السلالات الشمالية في الجزء الخمسين من التاريخ الرسمي لسلالة تشو التي حكمت الصين حيث تلعب أنثى الذئب دورًا مهما في هذه الملاحم..
الملاحم او الاساطير عن الذئب الرمادي هي الحلقات الأكثر تقدمًا ورومانسية في الأساطير التركية.
في ميثولوجيا عند الاتراك و المنغول لم يكن اتخاذ الذئب كرمز مقــــدس في حياة الأتراك اعتباطـــاً وبدون دراية والمام لعادات هـــذا الرمز “الذئب” الباغ المعاني والدلالات والتي لازال الأتراك بتعدد مواقعهم الجغرافية وظروفهم الاجتماعية بصيحات أسلافهم الهادرة في اساطيرهم وملاحمهـــم وحكاياتهم وامثالهـــم وعاداتهم الشعبية الوغلة في الـــقـدم .عندما عاش أسلاف الأتراك الأوائل على الساحل الغربي للبحر الغربي. ورد ان القبائل التركية “كوك تورك” بأنهـــم دخلوا معركة خاسرة مع جيرانهم الصينيـــن من دولة تسمى“لين” قاموا بقتل جميع الأتراك ما عدا رضيع صبي الذي وجده جنود دولة “لين” لكنهم لم يقوموا بقتله، بل أرادوا أن يذيقوا ذلك التركي الأخير أبشع أنواع العذاب قبل أن يموت، فقاموا بتقطيع ذراعيه وساقيه ورموه في أحد المستنقعات، و عندما علم حاكم الأعداء أن جنوده أبقوا على حياة أحد الأتراك , أصدر أوامره بإيجاده و قتله لكي يفنى الأتراك عن بكرة أبيهم . فانطلق الجنود للبحث عن الصبي , إلاّ أن أنثى ذئب (آشينا) أمسكت به بأسنانها من شعره و أخرجته من المستنقع ,وحملته بانيابها الى احد المغاور في جبال الآلتاي حيث البرد القارص والمرتفعات العالية التي يصعب الوصول اليها وحدودها الأربعة كانت موصدة بجبال شاهقة منيعة وفي تلك المغارة بدأت الذئبة بعلق جروح الفتى وعلاجه وبدءت ترضعه من حليبها ، كبر الفتى ودخل ســـن البلوغ وتزوج التركي الأخير من الذئبــــة ، وقد انجب هــذا الزواج له عشرة ذكور نصفهم ذئب ونصفهم إنسان. ومن بين هؤلاء، تصبح آشينا زعيمة لعشيرة “آشينا”، التي حكمت غوك تورك والإمبراطوريات البدوية التركية الأخرى.كبروا وتزوجوا منهم النساء وبـــدء الأتراك بالتكاثر والانتشار وبعــد أن كثر عـــددهم أســـسوا جيشاً هاجم دولة ليـــن وقضوا عليها تماماً آخـــذين بذلك ثأر اجدادهـــم وقاموا بعد ذلك بتأســـيس دولتهم من جـــديد غير ناسين فضل تلك الذئبـــة على استمرار وجودهم واحتراماً لتلك الذئبة وتقديساً لما فعلتـــه تجاه بقاء نسل الشعب التركي قاموا بوضع راس ذئب في وامام خيامهم الدائرية وببيارقهـــم حيث تعتبر اسطورة بوزقورت احدى أهـــم الاساطير التي اشتهرت في عهد دولة الاتراك “كوك تورك” وتعتبر اشطورة أركنكـــون التي تلت أسطـــورة بوز قورت تتمـــة لهـــا .

هناك ملحمة اخرى عن الذئب الاغبر بالأحرى هو على شكل ملاحظة.
كتب أحد رجالات الدولة الصينيين ما رآه وسمعه في نهاية رحلته إلى الدول الغربية وفقًا للتقويم الصيني عام 119 قبل الميلاد وقدمها إلى إمبراطور الصين في ذلك الوقت.
لقد أخذنا الملاحظة بالضبط من مقال عبد القادر عنان ، نظرة عامة على الملاحم التركية في دوريات لدراسات اللغة التركية في عام (1954): جاء فيه عندما كنت في بلاد هون ، سمعت أن من اتراك أوسون خان كان يحمل لقب جومو. كان والد غونمو يسيطر ويحكم على بلدًا غربي بلاد الهون. قُتل والد الطفل غونمو على يد اتراك الهون في احدى الحروب , واثناء تلك الحرب تم القاء الطفل غونمو المولود حديثًا بين الغابات الكثيفة. حيث ان الطيور حمت الطفل من الذباب والحشرات وكانت هناك ذئب أنثى ترضع غونمو من اجل البقاء على قيد الحياة . عندما سمع الهون حقاني بهذا فوجئ كثيرا واخذه وتم تربيته ومن ثم اعاده الى وطنه .
والذي يفهم من هذه الإسطورة هو أن الموطن الأصلي للشعب التركي كان في منطقة غرب تركستان (وسط آسيا) ومنها انتقلوا إلى طورفان وجبال الشمال وبقية المناطق هكذا انتهت الأسطورة المدونة في السجلات الصينية، دون إعطاء أي تفصيلات أخرى، والأسطورة التي تلت أسطورة البوزقورت كانت أسطورة أرگه ناقون التي بلغت عصر الشهرة الذهبي في عهد جنگيز خان الذي كان شخصياً مغرماً بهذه الإسطورة أما عن التأثيرات التي تركتها هذه الاسطورة في حياة الأتراك الواقعية فقد كان لها عظيم الأثر، فكانت العادة في إمبراطورية الهون التركية أن تعقد مراسيم دينية كل سنة، وكان القاغان (الملك) يترأس تلك المراسيم بنفسه، وخلال هذه المراسيم يذهب القاغان والأمراء إلى مغارة تسمى (آتا) أي الأب، ويقومون هناك بشعائرهم الدينية، ويقومون بالإبتهال للأجداد وتقديسهم، وتلك الشعائر نفسها كان معمولٌ بها في عهد إمبراطورية الكوك تورك، إن تلك المغارة المقدسة هي إما بالفعل المكان الحقيقي لنزول الطفل وجلوسه في أرگه ناقون أو قد تكون تلك الشعائر إحياءاً لذكرى تلك الاسطورة، والنقطة المهمة هاهنا هو أن تلك الاسطورة وما أعقبها من أسطورة أرگه ناقون لم تمتلم الإحترام والتقدير من طبقة الحكام فحسب بل آمن بها الشعب التركي أيضاً وأقام لها الشعائر إن اسطورة البوزقورت (الذئب الأغبر) على وجه الخصوص كان لها تأثيرات عميقة في التاريخ والثقافة والشخصية التركية، وقد وجد اليوم في تركستان في موقع يدعى باسم بوگوت آثارٌ وأوابد تعود إلى عهد الأتراك الكوك تورك وتحديداً إلى الأعوام 580 – 578 ميلادية، حيث نحت على تلك الأوابد ريم صبي وقد قطع ذراعيه وساقيه ونحت إلى القرب من الصبي منحوتٌ لذئبة تقوم بإرضاع ذلك الصبي، هذا بالإضافة إلى اللقى الأثرية التي وجدت في مناطق مختلفة من أوزبكستان وتركمانستان وكازاخستان وقيرقيزيا، حيث نقش على تلك اللقى ذئبٌ وعلى الذئب يركب صبي وقد قطعت ذراعيه وساقيه.
بورو (بوزقورت) في العالم التركي
نرى الذئب دليلاً يصاحب الاتراك للخروج من الضياع نحو اماكن المأهولة من خلال انقاذه للأتراك حاضرة في العقل التــــركي تأخـــذ شكل الرمـــز المقـــدس كما عنــد قبائل المغول بصـــدد الذئـــب ، ومنها مخاطبة الذئب خاقان الأغـــوز قائلاً : ” اتبعنــــي يا أغـــوز خان فسوف ادلكم على مـــا تبغـــون ” وقــد عرف هذا الذئـــب في تأريخ الأتراك باســـم الذئب الاغبـــر ” بوز قورت ” ان اشارة الذئب الأغبر في التراث التركي يرمزالى النصر والقوة والسرعة. وكان لاتراك دولة الهون ،ودولة كوك تورك في اعلامهم صورةالذئب الاغبر، وكذلك قبائل القبجاق ،والبجناك يستعملون اشارة الذئب الاغبر كأداة لتحديد ألأنساب والانتساب الى العرق التركي اي بمعنى”انا تركي”. تم العثور على تمثال حجري لخاقان تركي كان حاكما في الصين يعود تاريخه للقرن السادس الميلادي وهويعمل اشارة الذئب الأغبر ايضا .
للذئب الاغبر تسميات متعددة في بعض اللهجات التركية مثل باسكر وبورو وبوسكو وبوسكورد وبوسكورت وجالكورت .وتعتقد بعض القبائل التركية ان نسبها ينحدر من هذه الذئبة الوفية، فيما تعتقد قبائل اخربان نسبها ينحدرمن الايل الاحمر. والذئب الاغبر يرمز في (الميثولوجيا ) التركية الى السماء اما الأيل الاحمر Alageyik فيرمز الى الارض .
الذئب (بورو) جمهورية تووفا ذات الحكم الذاتي في روسيا الاتحادية Tuva:
هنا للذئب تسميات على شكل “كوك بور” و “كوجو بور” دورو (كوبا) ذئب ملون) في تصورات كام (صلاة الشامان).بصفته رسول الله ، تم العثور على الذئب الرمادي في عادات القديمة Tuva.
كان يُطلق الأتراك القرغيزيين القدامى للأبطال العظماء ، بهادر ، “بور” أو “كوك بور”.هناك اقوال مأثور بين الناس بأن اتراك كازاخستان وقرغيزستان والذئب الاغبر هم إخوة. في ملحمة ماناس خان ، عيون الذئب ، شوارب البراري وتوصف بأنها (الحفار الجمرة ، ك مورت).
عند اتراك قيبتشاك توصف بانه لدى الذئب الاغبر الدور الريادي في كل الامور حيث هناك سجلات طلبت المساعدة في امور كثيرة من الذئب الاغبر يعود تاريخه إلى القرون الوسطى.
عند أتراك قاش قاي Kaşkayı يُعتقد أن الذئب الاغبر يجلب الحظ السعيد ,تكون للقطعان حارث يحميهم ، وهذا الحارث هو الذئب الاغبر.لذا فإن إطلاق رصاصة على الذئب يجلب الحظ السيئ ويؤدي إلى اختفاء القطيع. يتم تعليق يد الذئب في مهد الأطفال احيانا ، وكذلك يتم تغذية كبد الذئب للطفل ليكون شجاعًا عندما يكبر.هناك نمط للسجادة اليدوية يحيط بأكملها رسوم وتسمى سجاد الاغبر لدى اتراك قاش قاي. هناك بعض الأمثال الشعبية عن الذئب الاغبر لدى اتراك قاش قاي مثلا تُقال عبارة “ذئب فلان شخص الظاهر قد عوى” عندما يكون شخص ما محظوظًا. رؤية الذئب في المنام تعد محظوظا وسعيدا.
وللذئب ألأغبر اعتزازا لا يوصف بقلوب الأتراك اينما وجدوا بحيث انهم كانوا يضعون تمثالا مصنوعا من الذهب فوق اعمدة تقام امام خيامهم وفوقها. وهناك اسم آخر للذئب الاغبر في الاسطورة التركية وهو ابن السماء. وفي جمهورية الياقوت ذات الحكم الذاتي في روسيا فأنهم يطلقون عليه اسم بوسكو. ان رمزية الذئب الرمادي إلى التاريخ والشخصية الوطنية والهوية التركية، إلى جانب ذلك، في عصر التأميم في السنوات الأولى من الجمهورية الجديدة، تم تصوير شخصيات الذئاب على الأوراق النقدية، Bozkurt.كما ويعتبر الذئب الرمادي الحيوان الوطني لتركيا، ويمثل لدى كافة القبائل التركية خصوصا في آسيا الوسطى، القوة والشجاعة والحرية والحكمة، لا سيما وأن المنظمات الوطنية وخصوصا منظمة “الذئب الرمادي” تعتبر “آسينا” الذئبة الأنثى، واحدة من أهم رموز الإستقلال التركي .
الذئب يعـــرف بأسماء متعددة مثل ذئب الغياض ،الذئب الاشهب ، اومجــرد ذئب ، عاشت على وجه الارض مايقارب 300000سنة ، تعتبر الذئاب مفترسة تقطن البيئة المختلفة مثل الغابات والصحارى والجبال والارض العشبة تضطهد وتقتل دون هوادة في اماكن معيبة بسبب اعتبارها خطر يهدد المواشي والحيوانات المنزلية وظهرت الذئاب كموضع خوف وكره في الفلكلور الاوربي فمنه اشتقت اسماء وافعال وصفات استعيرت رذائل وفضائل الصقت بالبشر وبه ضربت الامثال في الغدر والحذر والمكر ومع ذلك لم يكن الذئب ذلك الحيوان البغيض في كل حين .يحمل الذئب عـــدداً من الاسماء في اللغة العربية منها : السرحان ، العساس ، الاصمع ، الاويس ، الاطلس ، الاغبر ، الدعلج، الغطاس ، القطرب وغيرهـــا .
ذكر الذئب في القرآن الكريـــم ثلاث مـــرات في ســـورة يوســــف عندما قال والــد النبــي يوسـف النبي يعقوب (ع) يمنع على اولاده الكباران يصحبوا ولده الصغير يوسف معهم انه خائف علــى ولـــده من أن يأكلـــه الذئـب ان ذهب معهم ، فطمئنوه ان هـــذا لـن يحصل وعندما ذهبــوا مع أخيهم ألقـــوه في الجــب وعادوا قائليـــن لأبيهــم ان الذئــب أكلــه .
للذئب أثر كبير في آداب والشعر منها في ديوان الشعراء الفرس والعرب من امثال الشاعر الفارسي الفردوسي ” الشيخنامه” الذي يرجع تاريخه للقرن العاشر الميلادي. فقد ترك هذا الحيوان اثره العميق فمنه اشتقت اسماء وافعال وصفات استعبرت رذائل وفضائل ألصقت بالبشر وبه ضربت الامثال في الغدر والحذر والمكر ومع ذلك لم يكن الذئب ذلك الحيوان البغيض في كل حين ، فقد اكد العرب فيه الصبر والبأس وجعلوا مضاءة رمزاً للرجولة وتقدير القوة والاقوياء وجعله ينتزعون قوتهم بقوتهم في الادب العربي يخاطب الشعراء ذئبا تزعم ان الذئب اكثر الحيوانات مكراً وحذراً والعض الآخر جعلوه يأنس للأنام ويتعايش مع الأنعام
من هــــذه الاشعـــار :
يبيت يرامي الذئب درون عيالــــــــه ولومات لم يشبع عن العظم طائره الفرزدق
تركنا عليها الذئب يلطــــــم عينــــــه نهاراً بزوراء الفـــلاة نسورهــــــا =
وليس حياء الوجـــه في الذئب شيمة ولكنه مــن شيمـــة الاسـد الــــورد المتنبـــي
مهالك لـم تصحـب بها الذئــب نفسـه ولا حملــت فيها الغراب قوادمـــــه =
فاظمأ حتى ترتوي البيض والقنـــنا واسغب حتى يشبـــع الذئب والنسر ابو الفراس الحمداني
السخل غروهم الذئب غفلتــــــــــــه والذئب يعلم مافي السخل من طيب بشاربن برد
خلقتموه على الانباء حين مضـــى خلافة الذئب في أبقر ذي بقـــــــــر دعبل الخزاعي
ليــس كغزو الذئب بهم الحمــــــــى ان مــر بالســـخلة لــــم يرجـــــع
في التراث التركي القديم يوجد اعتقاد بان حمل سن الذئب الاغبر في الجيوب تحمي حاملها من الحسد.ورؤية الذئب الاغبر بالحلم في ارياف جمهورية قيرغيزستان تعني انها تجلب لصاحبها الحظ السعيد. اما المرأة الحامل في اسطورة الذئب ألأغبر فقد كانت تضع سنا للذئب الأغبر او جلده تحت مخدتها لتحمي نفسها وجنينها من الحسد.
لمعظم الشعوب العريقة في منطقتنا اساطير ورموزا تعتز بها وتقدسها. فللعرب عدد كبير من الاساطيرمنها اسطورة مصباح علاءالدين واسطورة السندباد البحري واسطورة علي بابا والاربعين حرامي واسطورة النسناس واسطورة زرقاء اليمامة وغيرها. وللاتراك اساطيرهم مثل اركناكون وده ده قورقوت وبوزقورت وغيرها. وللاكراد اساطيرهم كاسطورة الجن واسطورة ممو زين واسطورة شاهماران واسطورة نوروز(كاوة الحداد). وللفرس اساطيرعديدة منهااسطورة الاسكندر واسطورة رستم وغيرهما .
ان اعتزازالشعوب باساطيرها واستذكارها لأمجادها القومية وبطولاتها التاريخية ،لم تكن يوما منذ غابرالزمان أداة للتناحر والعداء اوالاستفزاز والتمييز بين شعوب المنطقة.وانما كانت مصدر الهام عبر التاريخ للتعايش السلمي والتآخي وبناء الصداقات والتعاون في كافة المجالات الثقاقية والتراثية بين الشعوب.
المصادر
[1] عن موقع Forumdaş التركي 2011.
[2] هذا ما تذكره مصادر التاريخ الصيني عن أسطورة الذئب الأشهب .
[3] فاضل ناصر كركوكلي – مجلة توركمن أيلي – العدد31في آب 2010
[4] جريدة توركمن ايلي – ملحمة الذئب الأغبر – اوزدمير هرموزلي
[5] تأريخ الادب العــربي- احمد حسن الزيات
[6] الذئب الأغبر- فوزي توركر http://www.bizturkmeniz.com/ar
[7] ألتان ديليورمان ، بوزكورت في الثقافة التركية ، ص. 78