23 ديسمبر، 2024 8:42 م

ملتقى نقد الأدب الكردي .. في اتحاد الأدباء الكرد بدهوك – بحوث مضيئة عن الأدب الكردي ومناهج نقده

ملتقى نقد الأدب الكردي .. في اتحاد الأدباء الكرد بدهوك – بحوث مضيئة عن الأدب الكردي ومناهج نقده

منذ أن حضر الروائي الكوردي الكبير عبد الباقي يوسف إلى أربيل في كوردستان العراق وهو يسهم في تحريك المشهد الثقافي الكوردي ، وتتبع وسائل الإعلام كتاباته اليومية الجديدة التي ينشرها في صحف ومجلات عراقية وعربية وخاصة مقالته التي يداوم عليها في صحيفة الاتحاد العراقية حيث تتناقلها الكثير من المواقع والصحف لتعيد نشرها ، أو ترجمتها .
يوم الإثنين 26 – 2 – 2013 نشرت جريدة الاتحاد مقالته عن ملتقى نقد الأدب الكردي وكعادته ، فقد أثارت المقالة الكثير من الجدل في الأوساط الثقافية والسياسية في إقليم كوردستان ونظراً لأهمية الاطروحات التي وردت نقدم هنا نص المقالة .

 على مدار ثلاثة أيام مكثفة في ورقات عمل صباحية ومسائية ووسط حضور جمهور نوعي  ضخم ورعاية طيبة من رئاسة حكومة الإقليم ، وجهود مشتركة بين الاتحادالعام للأدباء الكرد ، وفرع دهوك تكللت هذه المدينة بثلاثة أيام ثقافية ، أعطت صورة جلية عن طابعها .
في افتتاح هذه الأيام الثقافية ، استفتحها رئيس حكومة الإقليم بكلمة عبرت عن منزلة الأدب ، وأهميته في حضارات الشعوب ، ومما لفت نظري بقوة إلى هذه الكلمة التي ألقيت بالنيابة ، أنها بدت ثقافية وأدبية بامتياز ، ومنها على سبيل المثال استشهاده بأن داغستان عرفها الناس من خلال شاعرها وأديبها الكبير رسول حمزاتوف .
ثم القى الأديب  كاكا مم بوتاني رئيس اتحاد الأدباء الكرد كلمته التي عبرت عن تكاملية العلاقة بين الثقافي والسياسي .

إلقاء ورقات العمل وتفاعل الجمهور

لاأخفي دهشتي بهذا التنسيق الذي تمت برمجته بشكل متدرج تصاعدي ، وكذلك تجاوب الجمهور مع الباحثين والأدباء الكرد الذين توافدوا من العراق – وتركيا ، وسوريا ، وإيران ، إضافة إلى تفاعل اتحاد أدباء التركمان في كوردستان ، ومشاركة وفد الأدباء العرب في بغداد بالحضور ، هذا التنسيق الذي لم يكن أقل من حميع المؤتمرات والملتقيات والمهرجانات الدولية التي دعيت إليها كضيف ، أو شاركت في أعمالها ، أو تلك المناسبات الأدبية التي تم تكريمي فيها بمناسبة منح كتبي جوائز ثقافية  دورية .
وما لفت انتباهي هو المستوى الثقافي المتقدم للجمهور حيث بدا لي في بعض الجلسات التي استنزفت جهود الجمهور والباحثين والفائمين على الملتقى أيضا بسبب التكثيف ، أنه تقدم على المحاضرين ، وكان يصر على التفاعل والحضور متحملاً المشاق حيث كانت الجلسة الصباحية الأولى تبدأ في نحو العاشرة صباحاً ، دون تحديد وقت لنهايتها ، ثم تبدأ الجلسة المسائية في الرابعة مساءً ويشترك في كل جلسة أربعة باحثين ، ثم يقدم أكثر من عشرين حاضراً من الجمهور مداخلاتهم في كل جلسة ، فيتولى الباحثون والباحثات معرض الرد والتواصل معهم في مداخلات تغني الجلسة وتضفي إليها خبرات وقراءات ومعلومات جديدة مكتنزة لدى الجمهور .

في اليوم الأول : 20 فبراير 2013

تم تخصيصه لكل من الباحثين والنقاد في الجلسة الصباحية : د. هاشم أحمد زاده  – لندن ، بركن بره –  ديار بكر ، د. دلشاد علي – سليمانية ، ياسر حسن – دهوك .
وفي الجلسة المسائية كل من : د.كه ساس جباري – كركوك ، د. سرور عبدالله – هولير ، معتصم هاشمي – كرمشان ، أيران – د. لازكين جالي –  العراق .
في الجلسة الصباحية لليوم الثاني كل من :  د. عادل كرمياني – كركوك ،محمد كريم عارف – كروكوك،  عبد الكريم زيباري –  دهوك ،  أحمد أبلاخي – سليمانية. 
في الجلسة المسائية : د. محمد دلير محمد –  سليمانية ، عزيز نعمتي ورمي – أيران ، حمي مانتك – هولير ، أحمد زازة – سليمانية .
في أصبوحة اليوم الثالث الختامي كل من : عبد الله آكري – هولير ، د. آفان علي – سليمانية، برويز جهاني – سويسرا ، كجال فداكار – أيران .
وفي أمسيتة كل من فرسانها : عبدي حاجي – سورية ،  فاضل  مجيد – سليمانية ، محمد صالح فرهادي – هولير ، عبد الخالق يعقوبي – أيران .

تناول د. هاشمي أحمد زادة في ورقته مفهوم الزمن عند ميخائيل باختين ،وكيفية تناوله للنتاج الأدبي وخاصة نتاج تولستوي وذلك كفاتحة للحديث عن نقد الأدب الكردي، وكان التركيز على جنس الرواية ، وقد رأى أهمية توظيف الزمن في المسرود الروائي الكردي ، ورأى من وجهة نظره عدم إرتقاء استخدام الزمن لدى عدد لابأس به من المبدعين الكرد إلى مستوى الحدث وفق منظور باختين ، وقد تحدث بشيء من المقارنة ووقف على أسماء روائية من العالم استطاعت أن توظف الزمن لمصلحة المسرود الروائي مثل ماريو بارعاس يوسا .

في حين تحدث د. دلشاد علي في ورقته عن جوهر نقد الشعر الكردي وركز بعض الشيء على نتاج كوران ، كما استشهد في متن ورقته بنماذج متعددة من عيون الشعر الكردي .
أما ياسر حسن ، فقد تناول في ورقته جانب الإيقاع الشعري في النتاج الشعري الكردي ومما لفت انتباهي في ورقته مقارنته روح العلاقة بين قوة شعرية هذا الإيقاع ، وبين ثقافة المتلقي لدى ذائقة قارئ ومتذوق هذه القصائد البديعة ، وتوصل إلى نتيجة / صوت الشعر / فالشعر هنا يناديك وكما هو معلوم أن نبرات الأصوات تختلف وكل صوت يمتلك تأثيراً حاصاً به، وبالتالي يمتلك خاصيته للتأثير على حاسة السمع عند السامع وقد وفق في اختيار نماذج شعرية من الإرث الشعري الكردي والقاها بشدو شعري ، وملفت هنا أيضاً أن الباحث تحدث أيضاً عن أهمية وخصائص الجغرافيا بالنسبة لتشكيل دفق الإيقاع الشعري .
الباحث محمد كريم عارف تناول في ورقة عمله محوراً بالغ الأهمية حينما تنحى منحى مزايا اللسان الكردي في التعبير الأدبي ، هذا الإبداع الذي يعد إضافة حقيقية إلى نتاج الإرث الأدبي الإنساني .
هذا الطرح استوقفني  حيث رأيتني أمام مشروع وطني كبير يكمن في العمل الجاد والدؤوب في ترجمة الأدب الكردي إلى اللغات الحية في العالم ، ولعلي أذكر هنا تجربة مصر في مشرع الترجمة وقد لمست تلك الجهود لدى زيارة لي إلى مصر لحضورأعمال معرض القاهرة الدولي للكتاب وكنت قد نشرت تغطيةعن ذلك في بعض وسائل الإعلام .
ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فقد استحضرتني مقابلة مع السيد برهم صالح مع قناة دبي منذ عدة أيام وقد لفتت ثقافة الرجل وما يتمتع به من قوة ملاحظة وذكاء إنتباهي ، ويمكنه فعل شيء في مشروع وطني ثقافي هام كهذا ، وانا استند هنا إلى كلمة رئيس الحكومة التي رأت أن الشعوب تُعرف بآدابها ، ولعلي أذكر مقولة سياسي أنه  غير مستعد للتخلي عن شكسبير حتى لو تخلى عن أشياء وطنية حساسة من بلاده .
في حين خص أحمد أبلاخي ورقته عن نماذح في الآداب العالمية مثل أعمال تشيخوف ، ولكنه ركز على رواية / الغريب / لألبير كامو وذلك في محاولة منه للإسقاط غير المباشر على جوانب من النتاج الإبداعي الكوردي ، ورأى الناقد معتصم هاشمي تاثر الرواية الكردية بالرواية العالمية , ووقف على بعض الأسماء من مثل : بختيار علي – حسين عارف – كاكا مم بوتاني وغيرهم .
تناول في ذلك الرواية والقصة والشعر .
كما تحدث د. عادل كرمباني قي ورقة عمله عن مفهومه لهذا المنهج النقدي ، وللتذكير فهو صاحب كتاب / فنارات نقدية في الرواية الكردية / وقد قرأت الكتاب منذ تحو ثلاثة شهور فور حضوري إلى الإقليم ، وأذكر أنه تناول فيه مداخل مثل :

– هل بدا عصر الرواية الكردية
– بدايات الرواية الكردية
– الواقع الروائي في الرواية الواقعية
– ماساة الأ نفال في الرواية الكردية المعاصرة
– لمحة عن الطابع الانتقادي للرواية الكردية

بعد ذلك تعرض المؤلف لنماذج من الأعمال الروائية مثل :

– قراءة تحليلية لرواية مسألة ضمير
– تشظيات الواقع الكردي  في روايات سليم بركات
– تراجيديا الحدث الدرامي  في رواية  الجحيم المقدس
– جمالية المفارقة في رواية  به  يداغ   للروائي حمه كريم عارف
– جماليات التناص في رواية  كولستان والليل

وللتذكير بجهود الباحثين أذكر أنني قرأت بعد ذلك المشروع الوطني الأدبي الهام للدكتور هيمداد حسين وهو يوثق النتاج الأدبي الكردي في مجلدين ضخمين هما :

أ –  أنطولوجيا القصة الكردية
ب –  أنطولوجيا الشعر الكردي
وتحدث برويز جهاني عن مظاهر النقد في عمل أحمد خاني / مم وزين /
كما كان لأدب الطفل نصيب في هذا الملتقى حيث ألقى د. فاضل مجيد ورقة تناول فيها نقد أدب الطفل الكوردي .
وكان للمرأة حضور في وقائع أعمال هذا الملتقى حيث ألقت د. آفان علي ورقة حول رفيق حلمي تحدثت فيها عن الجوانب النقدية عند هذا الأديب ، وتحدثت كجال فداكار عن وجه الأسطورة في شعر / نالي / وقفت عند معالم السطورة وكيفية توظيفه لعالم السطورة في نتاجه الشعري واستشهدت بنماذج من شعره .
استطاع هذا الملتقى أن يسهم في تحريك المشهد الثقافي الكردي ، ويطرح العديد من التساؤلات الثقافية في عمل تفاعلي استناري ثقافي بين الأدب من جهة وبين متذوقيه ونقاده من جهة أخرى . وتبقى كلمة الشكر للمشرفين الرئيسيين على أعمال هذا الملتقى وهم يصرون على حضور جميع الجلسات والتفاعل مع الضيوف واصطحابهم والتنسيق في أوقات البرنامج : حسن سليفاني – رئيس اتحاد الأدباء الكرد في دهوك – كاكا مم بوتاني –  رئيس الاتحاد العام للأدباء الكرد – الدكتور هيمداد حسين – المشرف العام والمنسق للملتقى .