27 ديسمبر، 2024 9:47 م

ملايين المتقاعدين يعانون غياب حقوقهم التقاعدية

ملايين المتقاعدين يعانون غياب حقوقهم التقاعدية

بتاريخ 5/ 5/ 2020 اصدر مجلس الوزراء قراره بالرقم 97 لسنة 2020 وتضمن ، ( قيام وزارة المالية بإيقاف التمويل بأشكاله كافة لحين قيام الحكومة القادمة بدراسة الموضوع ، واتخاذ القرارات الملائمة لمعالجة انخفاض الإيرادات بسبب انخفاض أسعار النفط باستثناء المنحة الحكومية المقدمة لشريحة الفقراء ، ولرئيس مجلس الوزراء بالتشاور مع وزير المالية إطلاق الصرف عند توفر السيولة لحالات الضرورة القصوى وبما لا يتعارض مع القوانين ذات الصلة وتوجيهات السيد رئيس مجلس الوزراء الصادرة تنفيذا لها ) ، ونظرا لنفاذ هذا القرار من تاريخ صدوره فقد غابت الرواتب التقاعدية لشهر أيار الحالي ، كما اختفت التصريحات الرسمية لهيئة التقاعد الوطنية التي من شانها طمأنت المتقاعدين مما جعل البعض يربط بين توقف الصرف وصدور هذا القرار رغم انه لم يشير للمتقاعدين ، فكل شيء مجهول سوى تواجد أعداد كبيرة من كبار السن والمرضى والمعوقين رجالا ونساء في واجهات مكاتب الصرف الأهلية بانتظار الفرج بعد أن أغلقت المصارف الحكومية أبوابها نظرا لانتهاء أوقات الدوام الرسمي ، وقد استمر تواجدها رغم سريان حظر التجوال من الساعة السادسة مساءا على أمل تفعيل رواتبهم ففي كل ساعة تأتي عشرات الإشاعات المتفائلة بالصرف ولكنها ما تلبث أن تزول وتتبخر بانتهاء موعدها الزمني المزيف ، ومما عرض المتقاعدين لليأس إن الرواتب لم تفعل في يوم الخميس مما قد يعني أنهم سيبقون بحالة من الترقب والقلق والانتظار حتى يوم الأحد على الأقل ، لان الجمعة والسبت سوف لا تصدر فيهما قرارات لإعادة حقوقهم في الرواتب التقاعدية التي كان من المفترض صرفها منذ بداية الشهر الحالي .
ومما لا يخفى على احد فان الرواتب التقاعدية تشكل المصدر الوحيد للدخل للملايين من العراقيين وتأخرها او انقطاعها يسبب الحرج والمأساة للكثير لأنهم بدون مدخرات وينتظرون الرواتب لتسديد الديون وتدبير أمور الحياة ، وهي رواتب متواضعة بعضها لا يتجاوز 500 ألف دينار ربما لا تكفي لدفع الإيجار وفواتير المولدات والكهرباء وثمن الأدوية ومراجعات الأطباء ، ولا نريد الاسترسال بحالاتهم الإنسانية لكي لا تتحول القضية إلى استجداء لأنها عبارة عن استحقاق سماوي ووضعي ونص عليه الدستور والقوانين ، وما يعيشه المتقاعدون اليوم تعد سابقة خطيرة حيث لم تحدث في تاريخ الدولة قديما وحديثا ، وإذا كانت الحجة هو موقف السيولة والنقد وغيرها من التبريرات فإنها مردودة لأنها لا يمكن أن تحدث في شهر له قدسية خاصة ، وهو شهر رمضان الذي سيتكلل بعيد الفطر المبارك إن شاء الله ، والمتقاعدون ليس لهم شأن بما يصدر من تبريرات بخصوص انخفاض أسعار النفط، فهم لديهم قناعة بأن صرف الرواتب التقاعدية لا علاقة له بالموازنة ، فهي تصرف من صندوق تقاعد الموظفين الذي تتكون إيراداته من التوقيفات التقاعدية للموظفين وعوائد استثمار من الرصيد المتوافر ، وكما يبدو انه جرى تحويل الرصيد إلى الموازنة أو جرى التصرف به من قبل الأطراف الحاكمة ، ولنتذكر ما حصل برصيد صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال ، الذي بلغت موازنته مبالغ ضخمة جداً واستثمارات واسعة تدر إيرادا كبيراً للرصيد ، وفي ليلة وضحاها فقد هذا الرصيد بالمليارات دون أن يبقي ديناراً واحداً بما في ذلك الاستثمارات وتحويل عائديتها إلى الجهات صاحبة الضمير ( المتفحم ) ، ونود التركيز بان الراتب التقاعدي يتوجب أن يخضع للتعديل الإيجابي صعوداً وعلى وفق معدلات التضخم السنوية من اجل المحافظة على القدرة الشرائية للراتب ، أي المحافظة على القدرة الشرائية للراتب (الراتب الحقيقي) وهذا ما جاء به قانون التقاعد النافذ رقم 9 لسنة 2014 وهو من صلاحية رئيس الوزراء وتشريعه من نتاج التغيير وليس من بقايا النظام البائد ، وبالتالي لا يصح أطلاقا إجراء أي استقطاع أو تخفيض في هذا الراتب لأنه سيقلل من القدرة الشرائية بما يخالف قانون التقاعد والمنطق الإنساني .
ونأمل من الحكومة ( الجديدة ) برئاسة السيد مصطفى ألكاظمي التي صادق على تشكيلها مجلس النواب ، أن تضع حدا لمعاناة المتقاعدين من خلال اتخاذ قرار عاجل بمعالجة حالتهم والإيعاز بالتحقيق في أسباب اللبس الذي حصل في الشهر الحالي بخصوص صرف الرواتب ومساءلة أي تقصير ، ونعتقد إن حالة المتقاعدين ستكون من أسرع الاختبارات للحكومة الحالية التي يتأمل منها الجميع كل الخير ، فالحل لهذه القضية التي تحولت لمشكلة سيكون فأل خير للعراقيين في المعالجة الموضوعية وإعادة الحقوق والحزم مع المخالفات والتجاوزات ، ورغم الإدراك في حراجة او صعوبة اتخاذ قرارات سريعة في مثل هذه الأمور ولكن التعجيل في معالجتها والتصدي لها ستكون له مردودات في الحد من التداعيات ، فعدد المتقاعدين أكثر من 4 ملايين وعموم الشعب يتعاطف معهم إن لم يكونوا جزءا من أسرهم ، لان المتقاعدين قدموا الكثير من التضحيات لأجل الوطن سواء كانوا ن المدنيين او العسكريين ومن غير اللائق او الإنساني او الشرعي أن يتم التعامل معهم بهذا الجفاء والجفاف ، فلم يخرج مسؤولا صغيرا او كبيرا في التقاعد او الدولة ليشرح ملابسات ما حصل ويوعد بتاريخ محدد للصرف من اجل الطمأنة وتهدئة الأمور ، فكل ما تردد هي تكهنات واجتهادات والأجهزة الرسمية بعيدة عن الحقائق بمسافات ، وهو ما ينذر بفتور العلاقة بين المتقاعدين والأجهزة المعنية مما يجعلهم غير متفائلين بالقادم من الشهور ، والمتقاعدون باتوا يعولون على السيد ألكاظمي وحكومته بعد أن شعروا بنوع من اليأس لمن يقف معهم في محنتهم التي يسودها الصمت القابل للشحن والتأويل .