المرتبة الثانية (مرتبة المذهب الظني):
المرتبة الأعلى تنزيها أي الثانية هي مرتبة الظنيين، أي الذين يؤمنون بالدين على نحو الظن (أو الاحتمال)، ويُقصرون اليقين على الإيمان بالله، فهؤلاء تجاوزوا التأويلية، لأنهم رأوا أنهم لا يملكون اليقين بصدق تأويلاتهم، أي تأويل النصوص الدينية إلى ما ينسجم مع العقل ومع لاهوت التنزيه، ولكونهم أرادوا أن ينأَوا بأنفسهم عن التبريرية بحجة التأويلية، اختاروا أن يكونوا ظنيين فيما يتعلق الأمر بالإيمان بالدين، يقينيين فيما يتعلق بالإيمان بالله، لأنهم رأَوا أن الظنية الدينية قرينة اليقينية الإلهية، ولذا فإنهم خطَوا خطوة متقدمة على التأويليين غير الظنيين في العقلية والتنزيهية. من هنا اعتمدوا التفكيكية، وقالوا بالتفكيك بين الإيمان والدين، والإيمان هو ما ينعته العقليون التأويليون الظنيون بجوهر الدين، تمييزا عن الدين في فهم عامة الدينيين. وهؤلاء لم يبلغوا مع هذا أقصى درجات التنزيه، لأنهم اقتصروا على القول بالتفكيك بين الإيمان والدين على نحو الإمكان، دون حسمهم لوجوب التفكيك. ومذهبهم يقوم على ثلاثة ركائز، العقلية، والتأويلية، والظنية.
…