23 ديسمبر، 2024 5:18 ص

ملامح ومراتب عقيدة التنزيه 2/5

ملامح ومراتب عقيدة التنزيه 2/5

المرتبة السابعة (مرتبة الشرك بالله):
المشركون هم أعلى مرتبة من التعدديين التكافؤيين أو الإلهيين المعدِّدين. فذوو المرتبة الإيمانية السابعة هؤلاء أي المشركون يمكن نعتهم بالموحدين المشركين، لأنهم وإن كانوا يشركون بالله، أي يجعلون له شريكا أو شركاء في الألوهية، ولكنهم الأقرب إلى الموحدين من غيرهم من التعدديين أو المعددين، لأنهم يؤمنون بالله بوصفه الإله الأعلى، أي رب الأرباب وإله الآلهة. بينما المعددون المساوون بين الآلهة يجعلون كل الآلهة متكافئين، أي متساوين في مرتبة الألوهية والربوبية، ولذا يمكن أن نعد إيمان المشرك يمثل مرتبة أرقى من الفريق القائل بتعدد الآلهة على نحو التكافؤ. وبما أن الموحدين المشركين أو المشركين الموحدين يعتقدون بعقيدة تختزن التوحيد والشرك في آن واحد، فإن هؤلاء يتفاوت مدى اقترابهم من كل من قطبي التوحيد والشرك، فكلما اقتربوا أكثر من أحد القطبين وابتعدوا بنفس المقدار حُسِبوا على هذا أو ذاك الفريق. إذن في الوقت الذي يمثل فيه المعددون الإلهيون أدنى مراتب الإيمان بالله، يليهم بمرتبة أعلى منهم المشركون المؤمنون بعُلوية ألوهية الله على بقية الآلهة هؤلاء.

المرتبة السادسة (مرتبة التوحيد العددي):

وأتباع هذه المرتبة الراقية نسبيا أي الموحدون العدديون، أي المؤمنون بالله إلها واحدا لا شريك له في الألوهية، صحيح إنهم وحدوا الله، ولكنهم يقتصرون على التوحيد العددي، إذا صح التعبير، وهذا لا يرتقي إلى مرتبة التنزيه، أو التوحيد التنزيهي، وإن كان أصحابها قد نزهوا الله تنزيها جزئيا، وذلك بتنزيهه عن الكثرة والتعدد. ومثال هذا هو التوحيد حسب الديانة اليهودية.

المرتبة الخامسة (مرتبة توحيد الإسلام النصي):

وهذه المرتبة أعلى نسبيا في التنزيه، ويمكن أن نسمي أصحاب هذه المرتبة بـ(المسلمين النصيين) نسبة إلى الدين الإسلامي، أو (المنزهين الدينيين)، ووصفهم بالدينيين أو النصيين أو النقليين أو الوحيانيين، لتعويلهم بدرجة أساسية على النص (المقدس) وعلى النقل، أو على ما يعتقدونه وحيا. فالمسلمون عموما لم يقتصروا على توحيد الله بالقول بواحديته، بل ذهبوا إلى أبعد من الواحدية بقرنها بالوحدوية، أي أنه ليس واحدا لا يتعدد، بل وحدوي أو متوحِّد لا يتجزأ، أو وحدة لا تتجزأ، ولكن النصيين هؤلاء يقعون في الكثير من الأحيان في مطب الابتعاد عن التنزيه، لتعويلهم على النص، أو لنقل ظاهر النص، إن كانت هناك تأويلات خارج المعنى الموحي به ظاهر النص، ويستبعدون العقل في تأويل النص. وهم ينزهون الله من حيث العناوين الكبيرة، مثل «لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ»، و«إِنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مِثقالَ ذَرَّةٍ»، ولكن هذه العناوين التنزيهية، سرعان ما تنقض عبر التفاصيل الناقضة للعدل الإلهي والحكمة الإلهية، وهذا ما سيقدم هذا الكتاب بحوثا تفصيلية فيه، على ضوء الأدلة العقلية، والبحوث القرآنية.