نشر الأستاذ عبد الكناني شيئا لاادري ماذا أسميه؟ماهو بعرض ولاهو بنقد.ولكني سأ سميه مقالة مجازا لاحقيقة.وهو تحت عنوان( جذور الفجر تتقارب مع أنا وليلى) بتاريخ 17/11/2012م في صحيفة (التآخي) في بغداد.و(جذور الفجر)هي مجموعة شعرية لي.و(أنا وليلى)هي قصيدة لزميلي الحميم في الجامعة الأستاذ حسن المرواني.ولما عزّ انفتاح باب الإستقبال عبر الصحيفة الناشرة،ويئست كل اليأس من أن أجد سبيلا للإتصال بها ؛اضطررت إلى أن أنشر حروفي هذه، في موقع آخرغيرموقعها.وبعد أن أحيي الكاتب عبد الكناني وأشكر له اهتمامه الثقافي بمجموعتي الشعرية،وما بذله من جهد في الكتابة عنها ؛أودّ صريحا أن أوجز ملاحظاتي على مقالته بالنقاط التالية:
أولا- إن عنوان مقالته الذي هو(جذور الفجر تتقارب مع انا وليلى)،يتركب من طرفين هما مجموعة (جذور الفجر) الشعرية،وقصيدة (أنا وليلى).والجامع بينهما علاقة التشابه،وبتعبيرالكاتب (التقارب).ومعنى هذا أن الكاتب يريد أن يكشف لقارئه وجه المشابهة بين ثلاثين قصيدة مجموعة باسم (جذور الفجر)،وقصيدة واحدة معروفة باسم (انا وليلى).غير أني حين فرغت من قراءة المقالة بأناة ورويّة؛لم أجد شيئا من المضمون المعلن عنه في مفهوم العنوان بل وجدت شيئا آخر،قد قصرعليه الكاتب ثلثي مقالته تقريبا.وذلك الشئ الآخرهو التشابه (التقارب) بين قصيدتين.هما قصيدة(الضياع) التي أنشدتها في 1969م ،في مهرجان شعري،في كلية التربية في بغداد.ومطلعها:
ملّت من النغم المحزون ناياتي/ وأتعبت فرسَ الأحزان آهاتي
وقصيدة الأستاذ المرواني (أنا وليلى) التي أنشدها في 1971م،في ذات المكان،ولكن في مهرجان شعري لاحق.ومطلعها: ماتت بمحراب عينيك ابتهالاتي/ واستسلمت لرياح الياس راياتي
وهنا لا أقول إن الكاتب حاول أن يغش قارئه ويستغفله،بل أقول إنه نطق بالمطلوب وعندما وجد إثباته غير ممكن،انصرف عنه الى ما هو ممكن في تصوره.وكان عليه أن يقول (الضياع تتقارب مع أنا وليلى)بدلا من قوله (جذور الفجر تتقارب مع أنا وليلى). ولكن انفصام العنوان في الكتابة الأدبية عن محتوى الموضوع ،ومهما يكن التبرير،يثير تساؤلا مهما حول شخصية الكاتب.مفاده هو إلى أي حدّ يستطيع الكاتب أن يطابق بين ما يصرح به قولا للآخرين وما ينفذه فعلا؟
ثانيا – إن موضوع التشابه(التقارب) الذي طرحه الكاتب بين قصيدة الضياع وقصيدة أنا وليلى لم يعد جديدا ولامثيرا بعد الدراسة النقدية الموضوعية التي نشرها الناقد خالد جواد شبيل من اربعة أجزاء بعنوان (بين تائيتين) والتي تناول بها القصيدتين بالتحليل والنقد مجيبا على الأسئلة المثارة وفاسحا المجال لمن شاء ان يرد عليه ممن له قول فيهما.ومع هذا فان ترديد الكاتب صدى التشابه (التقارب) بين القصيدتين في مقالته،وإن كان ليس في وقته ولا في محله،لا يدعوني للإعتراض لأنه مقبول عندي ولكن ما ليس مقبولا عندي ويدعوني لكي اعترض عليه مندهشا مستغربا،هو أن يقلب الكاتب صورة الحقيقة حين يزعم بدون أي دليل أنّي تأثرت في تجربة قصيدة الضياع عام 1969م بقصيدة انا وليلى عام 1971م.ومن المؤسف حقا أن الكاتب قد غض الطرف عن العام الذي ظهرت فيه قصيدة انا وليلى.ولم يصرح به للقارئ كما صرح بالعام الذي ظهرت فيه قصيدة الضياع بل تحفظ من أن يذكر ذلك العام الذي تأرخت فيه القصيدة واحتاط مكتفيا بعبارة مبهمة لاتدل إلاعلى إيهام القارئ وتضليله.وتلك العبارة هي قوله (كتبت في نفس الزمن).إنني اسأل الكاتب بإلحاح متى (نفس الزمن)؟وأعلمه مؤكدا،إن لم يكن يعلم،أنّ جلّ الذين عايشوا ظروف القصيدتين،في المهرجانات الشعرية في كلية التربية في بغداد،مازالوا أحياء يرزقون، ومازالوا يعرفون التباين الزمني بين القصيدتين ويعرفون الحقيقة على صورتها حق المعرفة.وهنا أستفهم جادا كل الجد لماذا أفتى الكاتب بتاثرقصيدة الضياع بقصيدة أنا وليلى ؟ ولماذا سكت عن تحديد التاريخ الذي ظهرت فيه قصيدة أنا وليلى ؟ أ تراه سكت عن تحديده عمدا مع سبق الإصرار لكي يمرر فتواه على القراء أم خانته الذاكرة سهوا ؟ إنّ الموضوع المثار ليس سحيقا من العصور الغابرة،وإنّ قصيدة الضياع ليست من القصائد القديمة السالفة بل هي قبل اربعة عقود خلت.ومابرح جمهور من الأساتذة والزملاء والأصدقاء من حاضري المهرجان الشعري الذي اشرفت عليه الدكتورة عاتكة الخزرجي في 1969م يتذكر يوم إنشادها في قاعة ساطع الحصري في بغداد ويعرفها باسمها،وجمهور آخر من لدات الصبا وعشاق الشعر يحفظها مع ما يحفظ من مكنوزات الشعر ويردد بعضا منها.( لمعرفة المزيد عن القصيدتين إبحث عن بين تائيتين للناقد خالد جواد شبيل ولمعرفة تاريخ انا وليلى ابحث عن انا وليلى للكاتب فالح حسون الدراجي في موقع جريدة الصباح)ح
ثالثا- إني كتبت في الصفحة الثامنة عشرة من مجموعتي الشعرية (جذور الفجر)تقديما نثريا لقصائد (غربة اللؤلؤ)،التي هي جزء من المجموعة، أردت به أن أشير الى الظروف التي انعكست عنها تلك القصائد لاغير.وقد قرأ الكاتب عبد الكناني نص تقديمي هذا فأعاد صياغته على شكل رواية تتصدر مقالته وتصرف به على هواه فانحرف معناي واختلف مفهومي.ومما روى للقارئ عني قوله (يقول الشاعر عبدالإله الياسري إنه كتب قصائد هذه المجموعة في ايام سود) والحق أني قلت (كتبت قصائد غربة اللؤلؤ في ايام سود).فالتقديم كان خاصا بجزء وليس عاما لكل .فكيف أصار الكاتب الجزء كلا والخاص عاما في روايته؟.ومما روى للقارئ عني أيضا قوله(وكان حينذاك قرار بعدم مزاولة العمل السياسي في صفوف الجيش مع انه لم يكن منتميا فتعرض إلى مضايقات شديدة كادت تودي بحياته) والحق أني كتبت (كانت السلطة العراقية مصدرة قرارا يومذاك يقضي بحكم الإعدام على كل من يثبت انتماؤه السياسي لغير الحزب الحاكم وهو في صفوف الجيش.ولما كنت غير منتم لحزب السلطة،ومصنفا سياسيا،ضمن المعارضين لخطه؛تعرضت إلى مضايقات شديدة كادت تودي بحياتي.) إن ادعاء الجندي الإضطهاد السياسي في الجيش حد الموت مع عدم انتمائه للمعارضة بشكل من أشكال الأنتماء هو زيف وبهتان بلا شك .لأن ادعاءه مبني على لاشئ.وهذا ما أوحت به كلمات الكاتب عني.إن اضطهاد العراقيين في الجيش لم يكن مبنيا على لاشئ بل كان مبنيا–وهذه حقيقة موثقة تاريخيا – على شيئين:أولهما عدم الإنتماء للحزب الحاكم وثانيهما معارضة سلطة الدولة.ولا ألوم من لايصدق تجربتي السياسية في المعارضة وانا جندي لأن تجربته السياسية في الولاء تقول له غير ما اقول. ولقد حان الآن،بعد مناقشة هذا التناقض المفهومي بين كلام الكاتب وكلامي،أن اقول قولي.وهو أن النص الأدبي ملكية خاصة وما من حق أحد أن يتصرف به مالم يستأذن مالكه..وما قام به الكاتب لم يكن تصرفا بنص غيره وحسب وانما كان تحريفا له.وهنا أسأل: لماذا الكاتب قد حرّف الكلام؟ وللإجابة على هذا السؤال هناك احتمالان لاثالث لهما فاما قد حرّفه لسوء نية واما لحسن نية. فإن فعل لسوء نية فينطرح سؤال جديد هو هل الكاتب بمستوى المسؤولية الثقافية والأمانة الأدبية التي يحملها الكتاب للقراء اليوم وللإجيال القادمة غدا؟ وإن فعل لحسن نية فينطرح سؤال آخر ايضا هو هل الكاتب يفهم ما يقرأ،و يفهم ما يكتب كذلك؟
نص مقالة الكاتب عبد الكناني(جذور الفجر تتقارب مع انا وليلى) على الرابط التالي
http://altaakhipress.com/viewart.php?art=20846#pagebegin