27 ديسمبر، 2024 6:15 ص

ملاحظات على قانون الموازنة لعام 2016

ملاحظات على قانون الموازنة لعام 2016

بداية يمكن القول بأنه لأول مرة منذ عام 2005، يقوم مجلس النواب العراقي بإقرار الموازنة الإتحادية في موعدها المقرر قانونا، ولأول مرة أيضا نرى ترشيدا في النفقات، لكن هذ الترشيد جاء على حساب الموظف البسيط، وليس على حساب موظفي الدرجات الخاصة، ذلك لأنه بالعودة الى قرارات مجلس الوزراء بشمول موظفي الدرجات الخاصة بقانون الخدمة المدنية رقم (22) لسنة 2008، نجد أن هؤلاء بلد أن تكون رواتبهم قد إنخفضت؛ نجد العكس من ذلك، حيث زادت رواتبهم أكثر من ذي قبل.
عودة الى موازنة العام 2016، نجد أنه تضم كثير من المفارقات، والتي لا نظن أن مستشاري رئاسة الوزراء لم ينتبهوا لها، ومع ذلك فهي قد مرت مرور الكرام، ولم يقوموا ولو من باب رفع العتب، بالإشارة الى عدم دقتها.
الملاحظة الأولى نطالعها في المادة (24) والتي تؤكد على ((عند نقل الموظف من دائرة من دوائر الدولة الممولة مركزيا او ذاتيا الى القطاع الخاص تتحمل الوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة نصف راتبه الذي يتقاضاه من الدائرة المنقول منها لمدة سنتين اعتبارا من تاريخ نقله على ان تقطع علاقته من دائرته نهائيا))، ولا نعلم ما هي العلاقة التي تربط بين القطاع الخاص ودوائر الدولة محاسبيا، ثم ما مصير نصف الراتب الأخر الذي لم يتم صرفه للموظف، الى أين ذهب؟!، كما أننا لا نعلم لماذا يتم صرف نصف الراتب من دائرته السابقة لمدة سنتين، وبحسب أوجه الصرف المقرة في قانون الموازنة، تعد هذه مخالفة محاسبية، فكيف سيتم تكييف هذه المخالفة قانونيا؟
الملاحظة الثانية لا تزال الحكومة عند تقدير لسعر برميل النفط، تقوم بوضع سعر غير منطقي، ولا يتلائم مع الظروف التي تمر بها السوق العالمية للنفط، فحتى يوم إقرار الموازنة كان سعر برميل النفط في السوق العالمي، لا يتجاوز 40دولار، ومع إستمرار هبوطه في الأيام التالية، نجد أن الموازنة تم إقرارها على أساس أن سعر البرميل هو 45دولار، وبحساب الفرق بين السعر المعتمد في الموازنة، وبين سعر برميل النفط الذي تبيع في شركة سومو، نجد هناك فرق لا يقل عن 10دولار في أفضل الحالات؛ إذا لم يكن أكثر من ذلك، فمن أين سيتم تغطية الفرق بين الرقمين؟ ونحن نعلم أن القدرات التصديرية للنفط العراقي محدودة، كما أن إيراداته تقتصر على بيع النفط فقط.
الملاحظة الثالثة لا نعلم لماذا لا يتم إجراء مقاصة بين الإقليم (بإعتباره وحدة محاسبية مستقلة) وبين الحكومة الإتحادية، فيما يتعلق بالموازنة، مع مراعاة العجز في موازنة الإقليم؛ على أن يقوم الأخير بتقديم كشف بحساباته الى ديوان الرقابة المالية لتدقيقها، وفقا لمقتضيات أساسيات المحاسبة.
الملاحظة الرابعة لا تزال الحكومة ومعها مجلس النواب قاصرين عن معالجة الخلل في تنويع مصادر الدخل، بالرغم من وجود إمكانيات كبيرة غير مستثمرة، الأمر الذي ينتج عنه سؤال كبير هو، لماذا لا تقوم السلطتين التنفيذية والتشريعية بإستثمار هذه الموارد؟ وحتما الإجابة لن تكون في صالح هاتين السلطتين، ذلك لأن الإجابة ستكون بمثابة إتهام لهما بالتقصير في عملهما، وواحدة من عقوبات التقصير المتعمد هو العزل عن الوظيفة، مع عدم إغفال العقوبات الأخرى.
الملاحظة الخامسة دائما نجد أن الموازنة تضم عجزا كبيرا يزيد على 20مليار دولار، وهو عجز كتابي في كثير من الحالات، ويعود ذلك لعدم تنفيذ أغلب المحافظات لبرامجها التي أعدتها لعام الموازنة، ومع هذا هناك طرق عديدة لتمويل هذا العجز، مع إلزام للمحافظات والوزارات لتنفيذ برامجها بدقة.
نعلم جميعا بأن هيئة التقاعد الوطنية، تستلم شهريا ما يقرب من 500مليون دولار شهريا، عن مساهمة التقاعد الحكومية لموظفي الدولة، وبما لا يقل عن 6مليار دولار، وهو مبلغ كبير لا يستهان به، نرى ضرورة مساهمة الهيئة بهذه المبالغ من خلال إقامة مشاريع تنموية في القطاع الزراعي والصناعي، بما يعود بالنفع على البلد أولا، وثانيا لا تكتفي الهيئة بمنح المتقاعد راتبه التقاعدي؛ بل منحه أرباح عن المبالغ المستثمرة.