لا بدّ أنّ الانتخابات العامة السابقة في العراق وما تمّخضت عنه من نتائج , قد تركت آثارها وانعكاساتها الواضحة على سير العملية السياسية , سواء كان ذلك على مستوى السلطة التشريعية في البلد أو السلطة التنفيذية , ومن أبرز الملاحظات التي تؤشر على سير هذه العملية , هي إخفاق الكتل السياسية جميعا من اختيار ولو بشكل مقبول العناصر الوطنية والنزيهة والكفوءة القادرة على النهوض بأعباء العملية الديمقراطية ومتطلبات الإعمار والبناء , فالتجارب السابقة قد أوصلت إلى قبة البرلمان برلمانيين فاسدين ومزوّرين وطائفيين ومنهم من كان محسوبا على النظام الديكتاتوري السابق ومنهم من هو مرتبط بأجندات إقليمية معادية للعراق ونظامه السياسي , وبما أنّ البلد على أعتاب انتخابات عامة جديدة يتحدد من خلالها مستقبل وحدته ونظامه السياسي , فلا بدّ من شروط يجب توافرها في المرشح لهذه الانتخابات , وأهم هذه الشروط هي :
أولا / الولاء للوطن العراقي , وهذا يتطلب من كل مرشح أن يوّقع على تعهد خطي يؤكد عدم ارتباطه بالأجندات الخارجية المعادية للنظام القائم في العراق , هذه الأجندات التي ثبت توّرطها بأعمال العنف والإرهاب الجارية في البلد .
ثانيا / البراءة من البعث الصدّامي , وهذا شرط أساسي كما نصّ عليه الدستور للدخول في العملية السياسية , فليس من المنطق أن يكون النائب أو الوزير وهو لا زال يتغّنى بأمجاد القائد الضرورة ويقيم العلاقات بالخفاء مع بقايا البعث المحظور , ولهذا يجب إبعاد كل من كان بدرجة رفيق فما فوق للترشيح و خوض هذه الانتخابات .
ثالثا / أن لا يكون من أرباب السوابق أومن كانت لديه قيود جنائية وأحكاما سابقة مخلة بالشرف , وفق ما جاء في المادة 8 ثالثا من قنون مجلس النوّاب العراقي لسنة 2013 .
رابعا / أن لا يكون متورطا بأعمال العنف والإرهاب الجارية في البلد , أو من الذين وردت اسمائهم في وثائق الحكومة السورية المتعلقة بالتحريض على إسقاط النظام القائم ومطالبة الحكومة السورية بفتح حدودها لدخول المجاهدين .
خامسا / أن لا يكون متورطا بملفات الفساد والنهب للمال العام الذي ينهش مؤسسات الدولة ووزاراتها .
فتوافر هذه الشروط في المرشح لهذه الانتخابات سيساهم بكل تأكيد بانتخاب برلمان متماسك ومنسجم , قادر على النهوض بالأعباء الوطنية الكبرى التي تواجه بلدنا وشعبنا , فبدون هذا البرلمان المنسجم لا يمكن أبدا القضاء على الإرهاب والفساد اللذان يفتكان بالمجتمع ومؤسساته , وتجربة البرلمان الحالي خير دليل على الانحدار الذي وصلت إليه العملية السياسية , ولو كانت هذه الشروط قد تمّ الأخذ بها لما توّلى رئاسة مجلس النواب عميل رخيص مثل اسامة النجيفي , ولما أصبح الطائفي صالح المطلك نائبا لرئيس الوزراء , ولما وصل أحمد العلواني ومحمد الدايني وسلمان الجميلي وسليم الجبوري وغيرهم من الطائفيين والمتعاونين مع الإرهاب نوابا في البرلمان العراقي .
فقد آن الأوان للعملية السياسية أن تنفض أردانها وتبدأ بتصحيح المسارات الخاطئة التي رافقت هذه العملية , فالبرلمان ليس ساحة للصراعات الطائفية والقومية بين الكتل السياسية , بل هو مكان لتشريع القوانين التي تبني البلد ومؤسساته الدستورية , وعندما يكون البرلمان منسجما , ستكون الحكومة المنبثقة عنه منسجمة هي أيضا , وليس كالحكومة الحالية الفاقدة لابسط قواعد الإنسجام .