أمريكا بعد ان تراجعت عن الاستراتيجية العسكرية التي تسببت لها بخسائر مادية وبشرية ومعنوية، انتقلت لتركز اعتمادها على استراتيجية العقوبات الاقتصادية في أضعاف الأنظمة الرافضة لسيطرتها ولسياساتها، وهو ما يحصل مع ايران، ولكن هذه العقوبات لن يُكتب لها النجاح في تحقيق أهدافها لعدة أسباب منها :
١- ان العقوبات تستهدف خلق جو رافض للوضع الاقتصادي والسياسي، مما يدفع الى حركات شعبية واسعة تعبيراً عن التذمر، مما يخلق فرصة للتغيير من الداخل، بدون الحاجة الى تدخلات خارجية، وهذا الامر تم تجربته في العراق وفشل، لان النظام متوازن وقوي، ومؤسساته الأمنية والعسكرية لازالت متماسكة وقوية، وبالتالي فلن يتحقق ذلك، لان الانقلابات تحدث في الأنظمة ذات الأرضيات الهشة، وهو امر غير موجود في ايران .
٢- العقوبات الاقتصادية بالنتيجة لن تؤثر على النظام بقدر تأثيرها على الشعب، مما سيخلق جو عام رافض للسياسات الامريكية ورافض لتدخلها، ويحمل أمريكا المسؤولية عن كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليها، وخصوصاً اذا ما تم العمل على حملات إعلامية حكومية مدروسة وممنهجة في هذا الصدد، مما سيجعل المجتمع يلتف حول حكومته ويُسكت أصوات المعارضة، وبالتالي فالعقوبات تساهم بتدعيم النظام بالنتيجة .
٣- المجتمع الإيراني مجتمع عقائدي بدرجة كبيرة، وكذلك يعتبر منطلق محور الممانعة الرافض للسيطرة الامريكية على العالم، مما يجعله معد نفسياً وفكرياً لهذا الاختبار، والاعداد النفسي العالي اهم نقطة في الانتصار وعدم كسر الإرادة لأي نظام سياسي .
٤- الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها النظام الإيراني، في تعامله مع العقوبات التي يفرضها عليه المجتمع الدولي او أمريكا، كونه صاحب تجربة مع العقوبات، مما جعله يتعامل معها بحنكة وحكمة، متجاوزاً إياها من خلال تركيز موارده باتجاهات اكثر أهمية وضرورة من جهة، ومن جهة ثانية تطوير القطاعات الزراعية والصناعات المحلية والسياحة الدينية، مما يخلق فرص اقتصادية اخرى، تعوضه بنسبة معينة عن تصدير النفط وان كان للأخير أهمية اقتصادية لا يزاحمه فيها غيره .
٥- تشير اغلب التسريبات ان اوبك عاجزة عن سد النقص الذي سيحصل بعد منع ايران من تصدير نفطها، مما سيجعلها ( اوبك ) محرجة كثيراً جراء ذلك، وهذا سيشكل عائقاً كبيراً امام التزام العديد من الدول خصوصاً بعض دول أوربا من الالتزام بعدم استيراد النفط الإيراني لاعتمادها بشكل شبه تام عليه .
٦- قدرة ايران على تنفيذ تهديداتها، بمنع دول الخليج من تصدير نفطها عن طريق مضيق هرمز، اذا ما تم منع ايران من ذلك، وبالتالي فان سوق النفط العالمية ستمر بازمة حقيقية، اذا ما نفذت ايران تهديدها، لتشابه الأزمة العالمية حينما استخدم العرب سلاح النفط في صراعه مع اسرائيل .