لم يكن متوقّعاً ان تنطلق سلسلة مضاعفات تصريح جورج قرداحي بالضد من السعودية والإمارات , والتي بانَت لها ابعادٌ اقليمية .! , فضلاً عن ابعادها الأخرى في الداخل اللبناني , وبلغت الأمور حداً جعل بعض الرؤى الإعلامية لتسجلّ أنّ عملية اطلاق تصريح الوزير جورج وتوقيت تصريحه وكأنها مبرمجة ومخططة مسبقاً .!
من حقّ المملكة السعودية والإمارات ان تدافع عن نفسيهما ضدّ ما جرى توصيفها مؤخرا حول قضية اليمن , وبالشكل الذي ترتأيه موضوعياً وبما يتناسب طردياً مع موقعيهما على الصعيدين الأقليمي والدولي , بيدَ أنّ تفاصيل ردّ الفعل السعودي كانت متسرّعة اكثر مما هي سريعةً وفورية .! , فلم يكن مبرراً ولا مسوّغاً إتّخاذ قرارٍ مفاجئ بوقف كلّ الإستيراد السعودي من لبنان , فهي بذلك الحقت ضرراً بالغاً بالشعب اللبناني واقتصاده المتواضع , مما يفاقم من الأزمة الإقتصادية الخانقة للبنان , ولن يؤثر او ينعكس هذا القرار على قرداحي , والمملكة تدرك بالكامل والمطلق أنّ الحكومة اللبنانية لا تملك من أمرها بشيءٍ , وهي تدرك ايضاً أنّ عملية إيقاف الوزير جورج عند حدّه , فإنّما ترتبط بقوى التطرّف ” تحديداً ” في مجلس النواب اللبناني الذي واجهته حركة أمل شقيقة حزب الله سياسياً ومذهبياً , كما أنّ السعودية لم تمنح نفسها فرصةً للتريّث في التعامل مع هذه الأزمة الإعلامية – القرداحية ! , والعمل لمواجهتها رويداً – رويداً او خطوةً بخطوة , لمنح القوى الوطنية اللبنانية فرصةً للضغط على قرداحي وإرغامه على التنازل عن اقواله , قبل قرار وقف الإستيراد من لبنان , والذي يؤثّر على بعض سبل المعيشة على قطاعات وشرائحٍ واسعة من المجتمع اللبناني , وحتى على اسعار الليرة البنانية .
من الملاحظ بهذا الشأن السعودي المتسرّع والفائق السرعة , أنّ سياسات المملكة وعبر مختلف حكوماتها وملوكها < من قبل تولّي الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد > , فقد كانت تتسم بالتروّي الهادئ والحكمة في اتخاذ القرارات وعلى مختلف الصُعد , وممّا يعزز ملاحظتنا هذه أنّ مملكة البحرين ودولة الإمارات والكويت لم تتخذ قراراً مماثلاً بمقاطعة لبنان اقتصادياً ووقف الإستيرادات منه .
هذا ودونما ضرورةٍ قصوى للإشارةِ الى أنّ إمارة قطر اكتفت بإصدار بيانٍ سياسي تدعو لبنان لبذل ما بوسعه لحلّ هذه الأزمة . كما أنّ سلطنة عُمان ” وكعادتها منذ زمن السلطان قابوس الراحل ” فهي لا تدخل في هذه ” المعمعات ” العربية مهما كانت شرعيتها .!
وَ , امسى واضحى إنهاء وانتهاء الأزمة التي اختلقها وزير الإعلام اللبناني بشكلٍ مفاجئ وربما مباغت , وبسرعةٍ قصوى , والتى من المرجّح إرغام قرداحي على الإستقالة , بالرغم من الغموض الذي يكتنف موقفه هذا وما وراءه .!