18 ديسمبر، 2024 8:07 م

ملابسات إسقاط الطائرة الروسية “IL-20”

ملابسات إسقاط الطائرة الروسية “IL-20”

تمهيد
منذ التدخّل الجوي الروسي في “سوريا” عام (2015) لم يُثِرْ حدث ما لغطاً سياسياً وعسكرياً وإعلامياً قدر ما أثاره إسقاط طائرة الإستطلاع والتشويش الألكتروني الروسية “إليوشن IL-28” -عن طريق الخطأ وتداخل الوقائع- مساء (الإثنين-17/أيلول/2018)، فتبادلت “موسكو” قبالة “تل آبيب” عبارات غضب وإتهامات ومحاولات تليين وتشنّج العلاقات المتميّزة طيلة سنتَين بالهدوء والصداقة والتعاون وتبادل المعلومات الآنية كي لا تتقرّب طائراتهما بعضها عن بعض وتتواجه في أجواء “سوريا” المبتلاة بقتالات داخلية منذ عام (2011) وتدخلات خارجية بإذن منها أو بدونه، حتى تمَوضَعَت عشرات الطائرات الروسية في قاعدة “حميميم” لشارك في تدمير مدن عامرة وقتل مئات الألوف من مواطنيها، فيما رابط أسطول بحري وقوات برية خاصة حفاظاً على موطئ قدم “روسيا” الإستراتيجي الأوحد في الساحل الشرقي لأهم بحار العالم المتمثل بالأبيض المتوسط.
فما الذي حدث؟ وما الملابسات في كارثة هذه الطائرة الإستطلاعية التخصصية؟؟

الطائرات الإسرائيلية فوق “سوريا”
إستأنست “إسرائيل” بدمار الوطن السوري وشعبه منذ (2011) والأذى الكبير بقواته المسلّحة… ولكنها لم تَرتَحْ -في العلن- من تعزيز “إيران” لنفوذها في “بلاد الشام” والإنتشار المُفتَخَر به وغير المسبوق لفصائل مسلّحة تتبع “طهران” علانية في ربوعها منضمّة لمحور “المقاومة والممانعة”، ولذلك باشرت بشنّ العشرات من الغارات الجوية منذ أوائل العام المنصرم (2017) على أهداف منتقاة في “سوريا” -زعمت كونها مواقع محددة لتلك الفصائل المسلّحة- حتى فاق تعدادها (100) ضربة في غضون سنة واحدة من دون أن تُصاب ولو واحدة من طائراتها بأذىً حتى حلّ يوم (10/شباط/2018) لتسقِط مقذوفة أرض-جو سورية (S-200) مقاتلة إسرائيلية (TF-16) ذات مقعدَين للتدريب المتقدّم قذف طياراها بالمظلّة في أرض “فلسطين المحتلّة”.
الطائرة الروسية المنكوبة
طارت “دمشق وطهران” وأتباعهما وحزب الله اللبناني بالفرح عند تحقيق هذا الإنجاز غير المسبوق منذ عام (1982) إذْ كانت الحرب الأهلية اللبنانية في أوجّ عنفها، مُعتبِرينَه نصراً محققاً وبداية النهاية للهجمات الجوية الإسرائيلية، فإستحضر طواقم الـ(S-200) السورية لتحقيق المزيد… ولكن الضربات تضاعفت وأضحت بمعدلات أسبوعية من دون أن تقتدر الدفاعات الأرضية السورية الحدّ منها رغم تكثيف نيران مقذوفاتها المسيّرة وإطلاقات مدافعها وأسلحتها المقاوِمة للطائرات، حتى حدث مساء (الإثنين-17/أيلول/2018) ما لم يكن بالحسبان، وقتما أنهت (4) طائرات إسرائيلية (F-16) مهمّتها الليلية عن بعد بضع عشرات من الكيلومترات نحو أهداف -إدّعت أنها لأغراض إيرانية- جنوبي قاعدة “حميميم” حيث إنطلقت نحوها مقذوفة (S-200) سورية، وعوضاً عن إسقاطها لإحدى طائرات العدو الصهيوني فقد هَشّمَت جسد طائرة إستطلاع أخصّائية روسية ضخمة من طراز “إليوشن IL-28” قبل إنهوائها إلى البحر بأفرادها الـ(15).
الرئيس “بوتن” وقراراته الغاضبة
وفي لحظة غضب أمَرَ الرئيس “فلاديمير بوتن” يوم (25/أيلول) بإتخاذ ثلاثة إجراءات شبه فورية:-
الأول:- نصب نظام آلي لا يمتلكه سوى “روسيا” للتحكم والسيطرة على جميع مواقع الدفاع الجوي السورية لضمان القيادة والسيطرة المركزية لكل دفاعاتها، وتحديد هوية الطائرات الروسية في أجوائها.
الثاني:- تشويش كهرومغناطيسي روسي تجاه مياه البحر المتوسط المحاذية للسواحل السورية يستهدف منع عمل الرادارات والإتصال بالأقمار الصناعية والطائرات أثناء أي إقتراب نحو القوات الروسية.
الثالث:- نقل منظومة (S-300) بمستوى كتيبة متكاملة في غضون أسبوعَين إلى “سوريا”.
ماهيّة الدفاع الجوي القطري والميداني
قبل الخوض في ((الملابسات)) لتكن مع القارئ الكريم لغة مشتركة تجعلنا ببعض الصورة عن ماهيّة الدفاع الجوي لأية دولة، فنوضّح -بإختصار- أنه يُقَسّم إلى شطرَين رئيسَين تًضاف إليهما قيادة ذات أغراض خاصة:-
الدفاع الجوي القطري:- المسؤول عن درء أخطار الطائرات والأجسام الطائرة التي تخترق أجواء الوطن، وذلك بالإعتماد على رادارات ذات مديات متوسطة وبعيدة لغرض الإنذار المبكّر ومسك الأهداف الجوية بمختلف الإرتفاعات قبل توجيه المقاتلات السريعة لإعتراضها وإسقاطها أو إطلاق مقذوفات المنظومات الأرضية بعيدة المدى نحوها للحيلولة دون وصولها إلى أهدافها.
الدفاع الجوي الميداني:- الذي يكون تحت إمرة قائد دفاع جوي بمستوى فرقة برية تُناط إليه مسؤولية حماية مقرها وتشكيلاتها الميدانية العاملة ضمن مساحة إنتشارها أزاء أجساد طائرة فلتت من الدفاعات القطرية، وتعتمد على راداراتها الذاتية التي لا تتجاوز مداها (200) كلم وتستثمر أسلحة ومنظومات خفيفة محمولة على الكتف وأسلحة مركّبة على أبدان مدرعات أو مسحوبة بعجلات ضمن نظام معركة الفرقة والتشكيلات الميدانية، وتتميّز بالردّ السريع.
الدفاع الجوي الخاص:- في العديد من الدول غير المستقرة سياسياً وخشية الإنقلابات العسكرية، تتشكل “قيادة دفاع جوي خاص” تُحمّل مسؤولية حماية مواقع محددة لا تتعدى مساحتها بضعة كيلومترات، كمجمعات قصور الزعماء ومؤسسات إستراتيجية وإقتصادية حساسة ومصانع ذات أهمية خاصة، ويُخَوَّل أفرادها إسقاط أية طائرة تخترق أجواء تلك المواقع لأي سبب كان حتى لو كانت صديقة بإستثمار ما لديهم من أسلحة خفيفة وفعالة ودقيقة.
ولا بدّ لقيادات الدفاع الجوي الثلاث أن تنسّق في ما بينها لدرء الأخطار المشتركة وتلافي التداخلات في كلّ الأحوال والأزمان، شريطة إلتزام القيادتَين الثانية والثالثة بتوجيهات الأولى وأوامرها.
الدفاعات الجوية السورية
من الطبيعي أن تمتلك “سوريا” عدة قيادات للدفاع الجوي تتلاحك حدود مسؤولياتها لتغطي كلّ أجواء الوطن، وترتبط عمليّاتياً بالقيادة العليا للدفاع الجوي المعتمدة على مقاتلات إعتراضية أمثال “ميك-21، 23، 29” ومنظومات مقذوفات مسيّرة “سام-2 فولكا، سام-3 بيجورا” وسواهما وصولاً إلى “سام-5 S-200” الأحدث لديها والأقدر.
وتعمل هذه القيادة العليا وقيادات القواطع المرؤوسة طيلة (24) ساعة بلا إنقطاع لتأدية مهمّاتها، وتراقب الطيران العسكري وكذلك المدني والممرات الجوية الدولية في الأجواء السورية، ولذلك يفترض أن تكون قيادتها متمتّعة بـ((سيطرة مركزية للغاية)) لا تقبل تهاوناً ونقاشاً.
ومنذ نكبة (حزيران/1967) وما تلتها من “حرب الإستنزاف” (1968-1970) فقد مارست الدفاعات الجويّة والأرضية السوريّة -على تنوّع مسمّياتها- مسؤولياتها الصعبة قبالة الطيران الإسرائيلي، وبرهنت أداءَها المشهود في “حرب تشرين/1973” بالسيطرة على الحركة المكثفة لعشرات الطائرات السورية في وقت واحد وإلى جانبها عشرات أخرى من المقاتلات وطائرات الهجوم الأرضي العراقية المشاركة في تلك الحرب.
وقد إتسعت مهامّها إلى الأجواء اللبنانية لدى إنتشار تشكيلات من الجيش السوريّ في “لبنان” منذ عام (1976) لوقف الحرب الأهلية ولحين عودتها لأرض الوطن سنة (2005)، ورغم عدم إثباتها جدارة تُذكَر حيال الطيران الإسرائيلي في أجواء “لبنان وسوريا” معاً طوال (29) سنة، فإن المفترض لهذه القيادة كونها قد أضحت على كامل التقدير لأهمّية القيادة والسيطرة المركزية في عمل الرادارات وتحريك الطائرات وجهوزية الدفاعات الأرضية، وبالأخص بعد إندلاع الإقتتال الداخلي منذ (2011) وإحتمالات المواجهة مع الطيران التركي من جهة وأزاء طيران التحالف الغربي الذي تشكّل بزعامة الخصم الأمريكي في (آب/2014) ضد (د.ا.ع.ش) المزعوم من جهة أخرى.
وأتى التدخل الجوي الروسي الواسع مطلع (أيلول/2015) -بطلب من القيادة السورية- ليُضاعِف مقامات الإلتزام بـ”القيادة والسيطرة المركزية” بعد إتخاذهم قاعدة “حميميم” لعمليات طائراتهم ونشر منظومَتَيهم (S-300) ثم (S-400) ولربما (S-600) حولها، وقد أضافوا إليها إنطلاق قاصفاتهم العملاقة والمتوسطة من قواعدها الأساس في “روسيا” مخترقة أجواء “إيران والعراق”، إلى جانب إطلاقهم مقذوفات “كروز” من غواصات وسفن تخترق سماء “سوريا” نحو أهداف في أرضها، وإسنادهم الجوي القريب لوحدات الجيش السوري في عملياتها التعرضية على عشرات المواقع الخارجة عن سيطرة الدولة.
مركز السيطرة المشتركة
وهنا يأتي إستغرابنا الأول أزاء قرار الرئيس “فلاديمير بوتن” بعد إنقضاء (ثلاث) سنوات والمتضمّن:- (((نصب نظام آلي لا يمتلكه سوى “روسيا” للتحكم والسيطرة على جميع مواقع الدفاع الجوي السورية لضمان القيادة والسيطرة المركزية لكل دفاعاتها، وتحديد هوية الطائرات الروسية في أجوائها))).
فهل يُعقَل لدولة عظمى بمستوى “روسيا الإتحادية” والدولة السورية ذات الخبرة عدم إكتراثهما لهذا المبدأ بإقامة “مركز مشترك للعمليات الجوية” في “حميميم” للتحكّم والسيطرة المباشرة بينهما؟؟!! حيث لو كانتا قد أسّسَتاه لَعَلِم الطرف السوري بوجود طائرة صديقة في حدود منظومته الـ(S-200) وقَيَّدَ إطلاق أية نيران لأي سلاح في كل سمائها.
ويتراءى لنا من إسقاط الطائرة الروسية أن هذا المركز لم يُنشَأ، وهذا ما يقذف مثلَبة لا تُغتَفَر نحو الطرف الروسي -كونه صاحب القرار الأعظم في سماء “سوريا”- أكثر من إيلام الجانب السوري المغلوب على أمره.
التمييز الآني للصديق عن العدو
منذ حرب “كوريا” (1950-1953) رُكِّبَ في الطائرات العسكرية الأمريكية جهاز يُميّز -رادارياً- الصديق عن العدو يسمّى (Identification Friend of Foe) ومختصره (I.F.F)، وقد طُوَِرَ بإضطراد بحيث جعل قيادات الدفاعات الجوية لا تستهدف طائرة صديقة ما دامت محمّلة بهذا الجهاز، ولا يُعتقَد في يومنا هذا خلوّ طائرة من هذه المنظومة لدى أبسط البلدان.
ومن المُسَلَّم به أن الـ”إليوشن-20″ كانت تحمل جهاز (I.F.F) متقدّم الطراز تميّزها على شاشات الرادارات الروسية والسورية سويّة.
وهنا السؤال الذي يفرض ذاته:- كيف إنطلقت مقذوفة الـ(S-200) السورية نحو تلك الطائرة؟؟!! والجواب يكمن في إحتمالات عدّة:-
إما:- أن يكون منظومة (I.F.F) عاطلاً في تلك اللحظة لسوء الحظ.
أو:- قد شُوِّشَ عليه الإسرائليون وأوقفوه عن أداء مهمته في تلك الساعة.
أو:- أن الجنود السوريين الخافرين على الرادار الخاص بمنظومة (S-200) التي أسقطت الطائرة الروسية قد أهملوا تثبيت التردد الذي تعمل عليه أجهزة الـ(I.F.F) لدى الروس.
أو:- أن الروس إستخفّوا بالطرف السوري ولم يبلغوه بتردد الـ(I.F.F) في تلك الساعة.
أو:- ((وهو الإحتمال الأخطر الذي ذكرناه)) إنعدام التنسيق بين الروس والسوريين جراء عدم تأسيسهم لـ”مركز القيادة والسيطرة المشتركة” الذي من واجباته الآنية تعميم ترددات الـ(I.F.F) على جميع مواقع الدفاعات الجوية كي تشخّص الطائرات الصديقة فلا تستهدفها.
التشويش الألكتوني المقابل
لا نعتقد أن تخلو أية طائرة عسكرية صُنٍعَت منذ عقد السبعينيات من جهاز إنذار يُعلِم الطيار عن تقرّب جسم طائر نحوها ليناور عنه ويحاول التخلّص من شروره.
والأهم من ذلك أن هذه الطائرات جُهِّزَت بمنظومات إجراءات ألكترونية مقابلة (Electronic Counter Measures) بما فيها التشويش المقابل (Counter Jamming) إذا ما تعرضت للتشويش، ناهيك عن إقتدارها من حيث الأساس على الإستراق الألكتروني.
وهذا مستغربنا الثالث الذي يجعلنا نتساءل:- ((هل يُعقَل أن طائرة إستطلاع تخصصية (تجسسية) تحمل معدات خاصة بالإستراق والتشويش الألكتروني تمتلكها “روسيا الإتحادية” تكون غير مزوّدة بهكذا أجهزة ضمن قوة جوية تعبوية مكلّفة بمهمات قتالية خارج الوطن وفي منطقة ساخنة تغلي منذ عقود تصول فيها الطائرات والصواريخ والمقذوفات وتجول؟؟؟!!!!)).
الإنذار الفوري للطائرة المنكوبة
رغم التنسيق المعلَن والقائم طوال (24) ساعة بين القيادتَين الروسية والإسرائيلية ووجود شبكة مهاتفات مباشرة بينهما منذ عام (2015)، وإدعاء “إسرائيل” بأنها كانت تُعلِم القيادة الروسية بضرباتها الجوية قُبًيلً تنفيذها طيلة (18) شهراً مضت، إلاّ أن “موسكو” تصرّ أن الإسرائيليين في هذه المرة لم يهاتفوا “حميميم” سوى قبل دقيقة واحدة من موعد الضربة، ما جعل مركز القيادة الروسية لا تجد فرصة لإنذار الطائرة “إليوشن-20” فوقعت الكارثة… فيما تزعم “تل آبيب” بأن الطائرة الروسية لم تُسقَط إلاّ بعد عودة طائراتها الـ”F-16″ الأربع إلى الأجواء الإسرائيلية.
وهنا نستغرب رابعة… فلو كَذّبنا الزعم الإسرائيلي وإفترضنا مصداقية الجانب الروسي، فلربما حتى الدقيقة الواحدة في هكذا مواقف تعتبر غالية للغاية وشبه كافية للضباط الخافرين لدى مركز القيادة والسيطرة الروسية في “حميميم” –وهم الوحيدون الذين يفترض كونهم على علم مُسبَق بتحليق طائرتهم الإستطلاعية الضخمة ضمن منطقة الخطر—لذا كان لزاماً عليهم أن يوعزوا حالاً لقائد الطائرة بالإنحراف عن مسارها والإبتعاد فوراً إلى خارجها لتجنيبها الأخطار…. وهذه مثلبة رابعة لطالح الروس.
إحتماء الإسرائيليين بالطائرة الروسية
ويكمن مستغربنا الخامس في قذف الروس للطيارين الإسرائيليين بأنهم إحتمَوا خلف الـ”إليوشن-20″ وإتخذوها حاجباً بينهم وبين الدفاعات الساحلية السورية، ولولا هذا الإحتماء لتوجهت مقذوفة الـ(S-200) نحو إحدى المقاتلات الإسرائيلية وأسقطتها.
ويستهزئ الإسرائيليون هذا الطرح الروسي، متسائلين عن أسباب عدم إحتماء طياريهم في عشرات المرات خلف طائرات تكتظّ بها سماء “سوريا” وقتما نفذوا (200) ضربة جوية طيلة سنة ونصف السنة المنصرمة!! ولماذا لم تُصِبْ الدفاعات السورية سوى طائرة “F-16” واحدة بمقعدَين مخصصة للتدريب في أجواء “الجولان” يوم (10/شباط/2018) بعد إسقاطها لطائرة “درونز” مُسَيَّرة من دون طيار؟؟!!
التشويش الألكتروني المتأخّر
ونصّ القرار الثاني للرئيس “بوتن” على:- ((تشويش كهرومغناطيسي روسي تجاه مياه البحر المتوسط المحاذية للسواحل السورية يستهدف منع عمل الرادارات والإتصال بالأقمار الصناعية والطائرات أثناء أي إقتراب نحو القوات الروسية)).
والمعروف أن أسراباً من الطائرات الروسية تحتوي -حسب الإعلام الروسي- (69) طائرة كانت ترابط في قاعدة “حميميم” السورية قبل أن يُضاعَف عددها أواخر (أيلول/2015) وتتدخّل للقضاء على فصائل المعارضة والتنظيمات الإرهابية، وأن مثل هذا العدد من الطائرات يسمّى ضمن المصطلحات العسكرية بـ”قوة جويّة تعبوية” ما دامت مكلَّفة بواجب خاص خارج وطنها، وعلى القيادات العليا إتخاذ جميع الإجراءات وتوفير كامل المستلزمات التي تحقّق لها مبدأ الأمن الذي هو من أهمّ مبادئ الحرب العديدة.
وإستناداً إلى نصوص قرارات الرئيس “بوتن” يتبادر للذهن أسئلة عديدة:-
لماذا لم يخطط القادة العسكريون الروس للتشويش الكهرومغناطيسي وهو واجب عسكري صرف؟ ولماذا إنتظروا قراراً سياسياً من رئيس دولتهم؟؟
ولماذا يكتفي “بوتن” بتوجيه التشويش نحو مياه البحر المتوسط المحاذية للسواحل السورية فقط؟ ولماذا لا يُسَلَّط من إلى كلّ الإتجاهات ليشتمل البعض من الأجواء السورية التي تخترقها الطائرات الإسرائيلية طيلة (18) شهراً من دون رادع يُذكَر؟؟
ولماذا يكتفي “بوتن” بأمر التشويش على الرادارات والإتصالات بالأقمار الصناعية والطائرات أثناء أي إقتراب ((نحو القوات الروسية لوحدها)) من دون ذكر القوات السورية؟
وهذا ما يؤكّد أن الروس لم يأتوا إلى هذه المنطقة لحماية “سوريا” رغم إدعاءات الصداقة والعلاقات والوشائج، بل للحفاظ على موطئ قدمهم الوحيد المطلّ على البحر الأبيض المتوسّط والمتمثّل بقاعدتَيهم البحرية في “طرطوس” والجوية في “حميميم”.
تزويد سوريا بمنظومة (S-300)
وفي الوقت الذي أستشعر بالإطالة -كعادتي في معظم كتاباتي- فإن قرار الرئيس “بوتن” بنقل منظومة (S-300) متكاملة إلى “سوريا” في غضون أسبوعين مع ذكر أهم مواصفاتها ومدى تأثيرها على توازن القوى أزاء “إسرائيل”، فسنأتي عليها بمقالة أخرى في قادم الأيام بعون الله تعالى.