23 ديسمبر، 2024 6:05 ص

ملائكة خلف الستار ملائكة خلف الستار

ملائكة خلف الستار ملائكة خلف الستار

لم تعد الطرق المعهودة للترويح عن النفس تغني شيئا فضياء فجرنا تناغم مع حلكة الليل لترسم لنا الايام قدرا سقيما عجزنا عن عناده فقررنا التماشي معه ..علنا نظفر يوما بالحياة..
التزمنا انا وعدد من اصحابي بحضور امسية لكن ليست كباقي الامسيات عندما نجلس منصتين لصديق لنا يعمل ممرضا في احدى المستشفيات وهو يسرد قصصا كأنها لأناس ليسوا من عالمنا قدموا الى المستشفى التي يعمل بها وهم مصابين بامراض دكت سواتر ايامهم وجاءت لهم بما لم يعهدوه يوما لينتهي بهم المطاف بين يدي .. بنغالي .. ينزلهم الى ثلاجة الموتى لتلك المشفى .. صاحبنا يروي تلك الماسي بطريقة درامية ممزوجة باسلوب كوميدي لكي لا يفسد علينا امسيتنا حتى يصل الامر به ان يصف نفسه في العمل بأنه.. عبد مطيع .. وعندما نسأله عن السبب ينقل لنا واقعا مريرا يعانيه .. ملائكة الرحمة … في المستشفيات فالأطباء .. كما يروي .. يشعرونهم على الدوام بانهم ادنى مرتبة انسانية منهم ويكلفونهم بأمور ليست من واجباتهم وعلى الرغم من عملهم الذي لا يحتمل بين انفاس المتألمين ونقم المرافقين تجدهم يشعرون بأنهم يؤدون واجبا مقدسا ويأنسون المرضى وكأنهم من ذويهم راجين سماع ترانيم الدعاء لهم من والدة لراقد في تلك المستشفى او كبير سن اضنكه جشع العيادات الخاصة عله يجد ضالته في المستشفيات الحكومية .. لكن اشد ما يثير صاحبنا هو .. الاهانة .. كما يصفها لحالة تفشت بين ثنايا تلك المهنة ونخرت مفاصلها حتى تهالكت فوق رؤوس كل من يعمل ضمنها عندما يضن جميع المرافقين للمرضى بان المضمد الة لا تعمل الا اذا وضعت فيها النقود واذا ما ابى ان يأخذها اعتقدوا ان المبلغ ليس كافيا لأنه ربما يكون جشعا اكثر من الباقين ويطالب بالمزيد والا فانه لن يؤدي واجبه كما ينبغي … الامر ليس بهذه الصورة ايها السادة فرواية صديقنا الناقم .. ارجعت ذاكرتي لحادثة شهدتها بنفسي عندما كنت مرافقا لأخي الذي رقد في احدى المستشفيات الحكومية نتيجة اصابته في احدى الانفجارات وكانت وقتئذ الردهة التي نحن فيها مليئة بالمصابين من ذلك الانفجار وعلى الرغم من الفوضى التي سادت الاجواء بين صارخا من الالم ومنذهلا من الحادث وذوي المصابين الذين يتسابقون للظفر بالطبيب اثار انتباهي احد المتفقدين للجرحى وهو يرتدي .. صدرية .. ناصعة البياض منمقة كانها خرجت توا من .. المكوى .. وكذا الحال لبنطاله وحذاءه الملمع بحرص ..يضع نظارته الطبية ذات الاطار الفضي بطريقة تتناسب مع لون بشرته

البيضاء يتجمع حوله ذوو المرضى اينما يقف منادينه .. دكتور كيف حال مريضنا … دكتور هذا الدواء كم جرعة في اليوم .. دكتور .. دكتور ..واستمر نداء الرجاء ذاك الى ان استقر الامر وسكنت الصيحات في تلك الردهة وعلم كل منا بقدره حينها خاطبت ذلك الشاب لاستفسر عن وضع اخي وما ان ناديته دكتور .. لم يدعني استرسل بكلامي مقاطعا اياي ومسمعا الموجودين .. انا لست طبيبا يا اخوة انا مضمد .. حينها ذهل من كان في الردهة …ما بين معجب بأناقة هذا المضمد وحسن تصرفه وما بين من رمقه بنظرة من الاعلى الى الاسفل وكأنه يرغب بالتأكد من صدق ادعاءه .. ولما انتقل الى المريض المجاور لاخي وانتهى من واجبه تجاهه مد والد المريض يده في جيب ذلك الشاب واضعا مبلغا من المال ومعتذرا عن عدم علمه بأنه مضمد والا لما كان يغفل عن تلك الطقوس منذ تفقده لولده للمرة الاولى .. ارتسمت علامات الاستياء على وجه ذلك الانيق وهو يخاطب الجميع .. قبل ساعات مضت كنتم تعتقدون باني طبيب ولم يجرؤا احدا منكم على هكذا فعل ولأنكم علمتم انني مضمد بدا لكم اني لن اؤدي عملي ما لم تدسون في جيبي مبلغا من المال .. كلا ايها السادة ليس كما تضنون ، صحيح انه لا يسمح لنا بدخول بهو الاطباء!! الا اننا ملائكة الرحمة ..