ظاهرة عجيبة في بلاد الأعاجيب , أن الذي يتسنم السلطة يخوّل لنفسه صلاحيات إمتلاك ما في البلاد من ثروات , ويتحرك المواطنون نحوه إستجداءً للمكرمات , فكل مَن جلس على الكرسي صار من أولياء نعمة المواطنين.
وهذا السلوك غريب ولا مثيل له في مجتمعات الدنيا , إلا فيما ندر.
المتسلط على الناس يعطيهم ما يسمى بالمكرمة , وهي ليست من ماله الخاص , وإنما من أموال المواطنين وحقوق السشعب , لكنه حسب نفسه صاحب الأمر والنهي في البلاد والعباد.
البعض يسميها طغيانا , إستبدادا , دكتاتورية وغيرها , لكنها تمثل ظاهرة متكررة حصلت في البلاد منذ إبتداء عهد الجمهوريات ولحد الآن.
فهل هذا سلوك وطني سليم؟
ثروات أي بلاد لأهله , ولا يحق لفرد أو عائلة إدّعاء ملكيتها وحرمان الشعب منها.
إنه تصرف قبلي بدائي غابي الطباع , مريض النزعات وفيه تعبير مروع عن أسوأ العاهات الفاعلة في الشخص , الذي سيطرت عليه أوهام الفردية والملكية المطلقة لحقوق الناس.
ويساهم المجتمع بتعزيزها بتوفير الحوافز اللازمة لديمومتها , وإتخاذها وسيلة للحكم والإستعباد , والنيل من البلاد والعباد.
فلماذا نمضي في سبيل المكرمات , وحقوقنا مهدورة , وأيامنا مقهورة بالحرمان والجور والإمتهان؟
ما تقدمه الكراسي ليس بمكرمة , بل تعبير عن آليات النهب والسلب والسرقات , وتخدع الناس بأنها تمنحهم ما لا يستحقونه , بصفة مكرمة , أي فضل من الكرسي على المواطنين.
وذلك تضليل وتجهيل , فالمواطن له حقوقه , وما دامت أرضه ثرية فيجب أن يتمتع بثرائها , لا أن يستجدي العطف من المستحوذين على حقوقه , والذين يوهمونه بأن ما يعطونه له مكرمة من سيد الكرسي المبجل المهاب.
لابد من معالجة الظاهرة , والقضاء على سلوك المكرمات , لأنه لا وطني ولا إنساني , وفيه أفك مبين.
فهل لنا أن نحترم حقوقنا , وننالها بعزة وكرامة؟!!