* هذهِ لَيْسَتْ حِكايَةٌ لرَجُلٍ شُجاعٍ واحِدٍ وَحَسب، إنَما هيَ حِكايَةٌ لملايين من العراقين الشجعانِ الأبرارِ مِن رِجالٍ وَنِساء. فأليكم أهديها ياأهلي العراقييّن الجَميلين الأُصلاء جَميعاً.
بَينَ حِلٍّ وارْتِحَالٍ
وبقُربٍ وافتِراقٍ
كُنتَ، ولَم تَزَل
قَمَرٌ غَنِيٌّ بالجَوًى
مُفعَمٌ بالهَوَى، بِإحتِراق..
يَسكُنُ فِيكَ التَتَيُّم وَالتَوَلُّه وَالغَرَام
تَمنَحُ كل الصَبابَةِ والهُيامِ
لِلعراقِ..
*
وَحِينَ جاءَ مَخَاضُ الحُروب الرديء
جُثة الحُلمِ إستَفاقَت
بَيدَ أنّكَ، مِثلَما كل الرِفاق
لَم تَجِد نَفسكَ فِيه..
إحتَسى طَيشُ الحُرُوب عُمركَ، كأساً بَعدَ آخر..
ثُمَ أهداكَ سَراباً
إِذْ تَدَلَّت في الوَهَم
جُثة الأحلامِ مَصلوبَة
عَلى لَوحِ المُحال
وَبِخَيطٍ لِحِذاءٍ عَسكَريّ
وَبِخُوذة تَمضي فِيها لِلِقِتال
تَنتَظر إذناً عَلى هَيئَة رَصاصَة
تَطوي جُثة مِن حُلُم
بَعدَ أعوامٍ طِوال.
*
عِندَما حَلّ الخَرابُ مِن سِنيّن
لَم تَجِد إلّا يَقِيناً قَد تَبَدَّدَ، كالضَباب
وَعُيُونٌ تَتَطَايَرُ، تَتَرَصَّدُ كَالذُباب..
لَم تَجِد إلّا نُفُوساٌ مُترَعاتٌ بالعَذاب
لَم تَجِد إلّا حَبيبَة تَتَلاحَمُ بِعِناق
مِثلما تَفعَلُ شَتلاتُ النَخيلِ بِحَنين
في بساتينِ العراق
أوعِندَ واحَةٍ في عُمقِ اليَباب.
*
حِينَما عَسَفَ الزَمان
خَطَفَ مِنكَ القَصيدَة
وَالكِتاب والغِناء
وَشوَّهَ الجَمَال..
أطفأ آخر دِرهِم كانَ طَيفَاَ مِن ضِياء
لِرَغِيفٍ بِكَرامة
أسكَنَ الظُلمَة بِسَقفٍ يَحتَويكَ والعِيال
فَغَضِبتَ وَرَفَضتَ بِشَجَاعة وَشَهامَة
صِرتَ لِلإيثارِ طَّوْداً وَرَمْزاً وَعَلامَة
صِرتَ شاهِدٌ وتَشهَد في الزَمانِ والمكان..
*
هاهوَ العَسَفُ والظُلمُ
وطَيشُ الحُرُوبِ العِجاب
والتَنابُذِ والقِتال
وَمن كانَ ضَليعَاً بِكُرهِ العِراق في سِنيّنُ الخَرابِ
قَد تَهاوَوْا وَتَسَاوَوْا في نُّفاياتِ الزَمن..
غَيرَ أنَ عُشاق الوَطَن
يُنشدونَ اليَوم للتآخي والسَلام
مُفعمونَ بالهَوَى، بِإحتِراق
يَرفِلونَ بالتَتَيُّمِ وَالتَوَلُّهِ وَالغَرَامِ
والصَبابَةِ والهُيامِ بالعراق.
الشاعر والفنان والكاتب
فاضل صبار البياتي
شَمال السويد، قَريباً مِن القارةِ القُطبيّة الشَماليّة.