18 ديسمبر، 2024 9:56 م

مقومات نجاح الأكراد في العراق

مقومات نجاح الأكراد في العراق

الأكراد في العراق ومنذ عام 1991 يعيشون شبه مستقلين عن باقي العراق, حيث هناك وزارات ومؤسسات خاصة بما يسمى بكردستان, والتي تشمل اربيل والسليمانية ودهوك, وهناك نظام مالي واقتصادي متكامل, وهناك منظومة عسكرية جيدة, ويتواجد نظام استخباري عال الكفاءة, ولهم علاقات خاصة مع دول الجوار والدول الإقليمية المهمة, لكن قيام الدولة يحتاج لنفط كركوك.
بعد سقوط صدام سعى الأكراد للاستفادة القصوى من الحالة الجديدة للعراق, فهم يطمعون بكركوك لتحقيق الاستقرار المستقبلي, والتي تمثل ضمان مهم لنجاح إعلان دولتهم, فضغطوا على الساسة الجدد, وعملوا بكل خبث ودهاء للوصول لغايتهم, حتى لو كان على حساب مصلحة العراق, فاختط الدستور مواد خاصة عن كركوك, باعتبارها ستقرر مصيرها مع العراق, أو يصوت أهلها للانضمام لإقليم كردستان, هكذا قبل الساسة الجدد أن يخدموا الأكراد.
وخلال السنوات التي تبعت كتابة الدستور لم يفعل شيء من مواد تقرير مصير كركوك, بل عمد الأكراد في كل انتخابات للضغط على التحالف الوطني “الكتلة الأكبر”, كي يغض الطرف عن كركوك ويجعلها تحت الرعاية الكردية, مما جعل كركوك بيد الأكراد تماما منذ عام 2006 حيث عمدوا للتغيير الديمغرافي لصالح الأكراد, عبر تهجير ممنهج للعرب والتركمان, وجلب مئات العوائل الكردية, باعتبار أنهم يدعون أن صدام هجرهم في الثمانينات من القرن الماضي, كل هذا يجري وقيادات التحالف الوطني تغط بنوم عميق.
الى أن جاءت فتنة الدواعش والتي يشتبه بان للأكراد دخل في حصولها, حيث انكشفت عورة الحكومة وهشاشة سلطتها وجيشها, وكاد الوحش الداعشي يبتلع البلاد لولا فتوى السيد السيستاني بالجهاد والتي حفظت العراق وأهله, ومكنت السلطة العراقية من البقاء, خلال أيام الفتنة الأولى تمدد الأكراد تحت شعار محاربة داعش فاحتلوا كركوك بسبب هرب القوات الحكومية, واحتلوا أجزاء من الموصل وديالى, وبعد الانتهاء من حرب داعش رفضوا تسليم المناطق التي دخلوها.
العبادي وكعادته واجه الموضوع باستسلام, لم يتخذ أي إجراء حقيقي لإخراج الأكراد من تلك المناطق, بل صمت ونام.
ألان الأكراد يريدون إعلان دولتهم, لكن مع الأجزاء التي احتلتها بقوة السلاح, وهي تهدد بأنها لا تتنازل عن شبر واحد, حتى لو دعي الأمر لاستخدام السلاح ضد العراق.

● مقومات النجاح الكردي
يمكن اعتبار توحد الأحزاب الكردية في مقابل العرب وباقي القوميات العراقية هو عنصر مهم لنجاحهم, فكانت سياستهم ومنذ اليوم الأول تسعى لتكريس المكاسب للكرد على حساب العراق, ومنعت أي تدخل في شؤونها بل كانت على الدوام تعتبر نفسها دولة جارة للعراق, وكانت مشاكل ساستها تحل داخليا ولا تسعى للارتباط, وعمدوا الى تأسيس جيش قوي يحفظ حدود الكرد.
بالمقابل يمكن اعتبار ضعف ساسة بغداد, وتفرقهم ونزواتهم وهشاشة فكرهم السبب الأكبر لنجاح الكرد, فإذا كان الند ضعيفا فلما لا يتوسع ويكبر وينمو وتزهر الأحلام, لم تقدم كل الأحزاب العراقية نموذج جيد للحكم, كلهم فاسدون متعفنون, لا يملكون رؤية ولا حلول, مجرد طبقة برجوازية مزدوجة الجنسيات لا تمت بصلة لشعب العراق, الى أن أوصلونا الى هذه النقطة وهي تقسيم العراق, واعتقد أن الانشطارات ستتلاحق, الا أذا تم إقصائهم عبر حراك جماهيري, وهو ما لا يمكن تصوره حاليا.
أذن ما يحصل في العراق من محنة وتقسيم, فهو في رقبة الطبقة السياسية البرجوازية, التي تحكم العراق بغباء لا متناهي.

●فقط ما نخافه هو…
ما نخافه هو حصول أعمال انتقامية ضد العرب في دولة الكرد, وهم بآلاف فالكثير من البغداديون استقروا في اربيل وسليمانية بعد 2003 وقد يتعرضون لعمليات انتقامية من الكرد, أو يحصل لهم تهجير, وهناك تجارة وإعمال مستمرة, وهناك السياحة الكردية التي تعتمد تماما على أهل العراق, كل هذا يجب أن يكون في حسابات جماعة البرزاني.
بالمقابل الأكراد في محافظات العراق وخصوصا بغداد, فقد يحصل عمليات “فرهود” سلب ونهب جديدة, ويحصل تهجير قسري كرد فعل, وهذا الأمر يجب أن يكون في حساب الساسة, حيث ستكون محنته فقط على البسطاء ممن يعيشون هنا أو في الإقليم.

●هل هناك مخاوف على الدولة الكردية القادمة؟
ويستشعر الأكراد العراق أنهم أقوياء ويمكنهم الصمود بوجه التهديدات, فهم يضمنون إطراف كثيرة ومؤثرة ومنها:

الجانب الأمريكي: بحسب العلاقات العميقة مع الأمريكان فهم يضمنون دعم لخطوتهم وان كانت التصريحات الإعلامية خلاف ذلك, إن أمريكا هي صاحبة مشروع تقسيم العراق وقيام دولة للأكراد خطوة في طريق مشروعهم, والأكراد عملوا خلال 27 عاما بالتعاون الوثيق مع الأمريكان, وفتحوا أراضيهم لهم, وهم مستعدون لأي أمر من البيت الأبيض, لأنهم يدركون أن قوتهم من خلال التحالف مع الأمريكان.

إسرائيل: بالاضافة لحليفهم السري القديم وهو إسرائيل, وألان أصبح الأمر علني, فهي مكنت إسرائيل من دخول الأراضي العراقية, وهي متعاونة في سبيل تحقيق مشروع إسرائيل لهجرة 200 إلف يهودي لشمال العراق في الموصل تحديدا, ويمثل الدور الكردي أساسي في عرقلة جهود بناء عراق قوي وواحد, فالتفتيت هو مطلب اليهود, وخطوة في سبيل تحقيق خريطتهم التي تحكي عن جار لهم خلف الفرات يدعى بالدولة الكردية.

تركيا: تركيا حليف مهم لهم, وهذا التحالف قائم منذ عام 1991, وقد ساعدوا الأتراك في ملاحقة أكراد تركيا, أي إن مصالحهم فوق أبناء قوميتهم الكردية, فهل توجد خسة اكبر من ذلك, وتركيا تفهم مقدار المكاسب من استمرار التحالف مع كرد العراق, هناك تجارة النفط والسلاح الخفية والتي تقدر بمئات الملايين سنويا, بالاضافة لاعتماد الأتراك على كرد العراق في تعجيزه وإخضاعه لها.

إيران: إما إيران فهي تنظر لمصالحها أولا, وهي تدرك مخاطر أي ردة فعل ضد الأكراد لان حلفائها خطرين ويمكن إن تنتقل الفتنة للأراضي الإيرانية, فان استمرت تلك المصالح, مع ضمان عدم التدخل بشان أكراد إيران, فإنها ستتعامل مع المولود الجديد, وهناك تجارة كبيرة بين إيران والأكراد عبر الأراضي الإيرانية, إذن لا خوف على الدولة الكردية من إيران بل ستدعهم بسكوتها.

دول الخليج العربي: هذه الدول متفقة تماما مع الأكراد وهي يسعدها هذا كي يضعف العراق ويشدد من الضغط على حكام بغداد, دول الخليج يهمها أولا إن يبقى العراق ضعيفا, وثانيا استمرار مصالحها التجارية مع الأكراد, حيث الكرد يمثلون فرد ضمن مجموعة متناسقة تعمل معا منذ سنوات,

سوريا: ألان هي دولة ضعيفة بسبب الحرب القائمة فيها وتقطعها جغرافيا فلا تأثير لها في القرار الكردي, بل بالعكس قد تمديدها للوليد الجيد كي يكون عونا لها في حربها ضد الإرهاب.

النتيجة:
سينجح الكرد في تحقيق حلمهم, لكن بغداد لن تستقر أبدا, بل سيكون ما حصل للكرد انعكاساته السلبية عليهم.