23 ديسمبر، 2024 1:38 ص

مقدمة الكتاب الأول 1/4

مقدمة الكتاب الأول 1/4

مقدمة كتاب «الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل»
باسم الله الذي وحده أطمع في أن يقبلني، عندما يرفضني الكثير من الناس. وأحمده بإقراري أنه هو، وكما هو، لا كما تحاول أن ترسم صورته تخيلات أذهاننا، سجينة حدودها، التي لا تملك أن تتجاوزها، هذا مع فرض صحة عقيدتي بوجوده وبالتالي وجوب تنزهه عن مقولات الأديان، مع احترامي للملحدين واللاأدريين وعقلاء الدينيين.

سيرفضني أكثر الدينيين – لاسيما أكثر المسلمين – رفضهم للّاإلهيين (الملحدين)، لأني ألتقي إلى حد كبير واللاإلهيين في الموقف من الدين، ولكنْ بعضٌ منهم سينسجم معي لمشتركي وإياه في الإيمان بالله، وعدم تبنيَ الإلحاد (اللاإلهية)، وسيجد نفسه منسجما بقدر أكثر معي أولئك العقليون وباأخص التنويريون من الدينيين. كما وسيرفضني الكثير من اللاإلهيين (الملحدين) رفضهم للدينيين، لأني ألتقي والدينيين في الإيمان بالله، ولكنِ الكثيرُ منهم سينسجم معي لمشتركي وإياه فيما يتعلق بالدين، وفي نفيي لله الديني. وسيجد نفسه منسجما معي بدرجة أكبر أولئك اللاأدريون، سواء اللاأدريون الإلهيون، أو اللاأدريون الدينيون. إني إلهيٌّ كما الدينيون، وإن سيكفّرني الكثير منهم، ولكني من جهة أخرى – صحيح – لاإلهيٌّ أي (ملحد) أيضا رغم إيماني بالله، لأني كافر وملحد بذلك الإله الذي رسمت ملامحه الأديان، أو تصورات الدينيين. وكما سيحسبني ربما بعض الماديين خرافيا، كما هم الدينيون محكوم عليهم من قبلهم، لأني ألتقي مع الدينيين في عدم نفيي للغيب، إلا أني أتخذ العقل مرجعية في فهمي للغيب، لا النصوص (المقدسة؟)، وأعتمد الفلسفة لا الوحي، فالغيب عندي إما غيب واجب، لا يملك العقل إلا أن يُقرّ بصدقه، وإما غيب ممتنع، لا يملك العقل إلا أن يأبى الإقرار بصدقه، وإما غيب ممكن، يتخذ العقل منه موقف الحياد ابتداءً، ثم عليه اختبار صدق ذلك الممكن أو عدم صدقه.

فالدينيون سيتمنَّون عليّ، بعد سردي لأدلتي العقلية على الإيمان بالله، لو أني واصلت الشوط معهم، بإثبات الدين كوحي إلهي. والتنويريون سيتمنَّون لو أني وقفت عند نقد الفكر الديني، دون نقد الدين نفسه، ناهيك عن نفيه. واللاإلهيون سيتمنَّون لو أني واصلت الشوط معهم، بعد الموقف من الدين، في نفي الله.