18 ديسمبر، 2024 11:07 م

بعيدا عن آلية النظام السياسي البرلماني في العراق، فأن أساس الديمقراطية في العملية السياسية والتي تعمل بها غالبية دول العالم المتمدن والمتحضر، تقوم على الأعتماد على ما تفرزه نتائج صناديق الأقتراع التي يدلي بها الناخبون عبر أنتخابهم لهذه الشخصية المرشحة أو تلك، أو لهذا الحزب أو ذاك، وعندها تتولى الشخصية أو الحزب الفائز وحسب النظام الدستوري السياسي لذلك البلد تشكيل الحكومة من ألفها الى يائها، أما الأحزاب الأخرى التي فشلت في كسب أصوات الناخبين، فهي تمثل المعارضة السياسية الوطنية عبر البرلمان، ويكون دورها مراقبة عمل الحكومة وأدائها ونقدها نقدا بناء بما يصب في مصلحة الشعب والوطن، ونفس الشيء يجري في أنتخاب مجالس الولايات (المحافظات).ولكن في العراق الديمقراطي الجديد يبدو أن الأمر غير ذلك تماما! فلا وجود لهذه الأساسية الديمقراطية في العمل السياسي،لعدم تقبلها من قبل الأحزاب السياسية وقياداتها نفسها!. فأنقلبت الديمقراطية الى محاصصة معيبة بين الأحزاب السياسية! ولكنهم أرادوا تجميلها فأطلقوا عليها الديمقراطية التوافقية! مختلقين بذلك عذرا أقبح من فعل! بسبب أن العراق له تركيبته الأجتماعية والأثنية والطائفية فلم يكن من مفر غير الديمقراطية التوافقية والقبول بها!، متخذين من التجربة السياسية اللبنانية مثالا قريبا للأحتذاء بها!، رغم أن الكل يعرف بأن لبنان هي الأخرى تعيش حالة من عدم الأستقرار السياسي بسبب تلك المحاصصات والتقسيمات بين الأحزاب السياسية منذ زمن طويل!(فمهما جاءت نتائج الأنتخابات في لبنان، فرئيس الجمهورية في لبنان يكون مسيحي، ورئيس البرلمان مسلم شيعي، ورئيس الحكومة مسلم سني!) وهنا لا بد من الأشارة بأن لبنان أجرت انتخاباتها البرلمانية في آيار من العام الماضي ولحد الآن لم يتم أكتمال تشكيل الحكومة!، ونحن أجرينا النتخابات البرلمانية في 12/5/2018 ولم يتم اكتمال تشكيل الحكومة! حيث يعاني البلدين من التدخلات الأقليمية والعربية والدولية في أمر تشكيل الحكومة!!. نعود بالقول فقد تناسوا سياسيينا بنفس الوقت دولة (الهند) وتجربنها السياسية ونظام حكمها، حيث تعتبر الهند واحدة من الدول الرائدة في مجال الديمقراطية في العالم رغم تعداد سكانها الذي يقارب المليار وربع، والذي يحتوي على المئات من الطوائف والأثنيات والقوميات!ولم نسمع مرة أن تشكيل الحكومة في الهند قد تأخربعد اجراء الأنتخابات لأكثر من 3 أو4 أيام!، لكون قادة أحزابها السياسية لم يفكروا لا بموضوع المحاصصة ولا بالديمقراطية التوافقية مثل سياسيينا وأحزابنا الطامعة للسلطة والجاه والثراء!!. وبالتالي يتضح ان الأمر ليس له علاقة بموضوع التركيبة الأجتماعية والدينية والأثنية والقومية وتتعددها في البلاد، بقدر ما له علاقة بقادة تلك الأحزاب السياسية وما يحملونه من أيمان ومباديء وروح وطنية وتفاني للعمل من اجل الوطن والمواطن. ونسأل هنا: ما فائدة الأنتخابات العامة والمحلية ما دام الموضوع يتم في الآخرعلى أساس المحاصصة والتوافقات السياسية والحزبية بين الأحزاب السياسية المهيمنة على المشهد السياسي في العراق منذ 2003 ولحد الآن، والذي صار أمرا مفروضا ومفروغا منه حتم أنف الناخبين؟! ونسأل أيضا: هل أن أجراء الأنتخابات يأتي من باب ذر الرماد في العيون؟ كما يقال، ومن أجل التباهي أمام العالم بأننا نعيش زهو الديمقراطية ونمارس العملية الديمقراطية الأنتخابية!. أعود للقول ومادام الأمر كذلك، ليسمح لي قادة الأحزاب السياسية وكافة السياسيين بمقترح ديمقراطي ولو قد يرون فيه شيئا من الغرابة؟! ولكنه سيقي سياسيينا وأحزابنا والمواطن كل هموم الأنتخابات والصراع بين الأحزاب السياسية ومصاريف الدعاية الأنتخابية وأشغال الأجهزة الأمنية وما الى ذلك من دوخة الراس!. والمقترح هو: أن يصار الحكم لطيف سياسي معين، أو لطائفة دينية او مذهبية أو قومية معينة كل أربع سنوات!!، أو أقل حسب أتفاق الأحزاب السياسية، بدلا من كل هذا الضحك على الديمقراطية وتشويهها وبدلا من الضحك على أنفسهم وعلى المواطنين الذين صاروا لا يطيقون سماع ورؤية غالبية قادة الأحزاب السياسية وكل من عمل بالسياسة منذ 2003 ولحد الآن!، ولا أرى غرابة وصعوبة في تقبل ذلك من قبل سياسيينا وقادة أحزابنا!، لا سيما والكل يتذكر بأنهم بدأوا العملية السياسية بالعراق من بعد سقوط النظام السابق بتشكيل مجلس الحكم ورئاسته بشكل دوري ولمدة شهر حسب الحروف الأبجدية! في سابقة لم تألفها كل التجارب السياسية بالعالم والتي صارت موضع تندر وسخرية في عالم السياسة!. أقول أن في ذلك خيرا لكم!، وأبعدوا الوطن والمواطن من كل صراعاتكم وعبثكم وأطماعكم والتي لم يجن منها الوطن غير الخراب والدمار والمواطن غير الفقر والموت والتشرد والتخلف . وليجعل الله بيننا وبينكم سدا من نار.