ربّما يتصور بعض القراء أن هذا الموضوع فيه حيفٌ وظلم كبير وتطاول على شخصية السيد مقتدى الصدر ، وربّما يرى البعض أن هذا التشبيه باطلٌ ولا يستند الى حقائق ملموسة . ومن أجل وضع النقاط على الحروف وفصل الشك عن اليقين أطرح بعض الجوانب المهمة التي تدعم هذا التشبيه بشكل منصف وعادل . مع العلم أن أي شخصٍ يريدُ أن يرى الحقائق بوضوح لابدّ من الاعتماد على مبدأ الحيادية دون أن يكون للتعصب الأعمى وجودٌ مسبق في ذهنه . وأهم الخصال التي يشترك بها مقتدى الصدر وصدام حسين قوة النرجسية وروح ( الأنا ) الطاغية على جميع تصرفاتهما وأحاديثهما وسلوكهما . فقد كان صدام يرى نفسه فوق الجميع حتى فوق رفاقه من حزب البعث ، ويعتقد من خلال غروره المطلق أنه القائدُ والمُلهمُ الأوحد وأنه منقذ الأمّة وربّان سفينتها ، وكأنّ العراق ليس فيه رجلٌ واحد بمستواه المرموق ، وهذا الأمرُ يظهر واضحاً في شخصية مقتدى الصدر الذي يعتبرُ نفسهُ فوق الجميع بكلّ ما يملك من غطرسة وغرور . ونتيجة لهذا الاعتقاد الذي دعمه بقوة أنصاره وصعاليكه والمستفيدون منه امتلأت الشوارع والساحات والحدائق العامة والخاصة وحتى بعض مؤسسات الدولة بصوره ( وبالحجم الكبير ) كما كان يفعلُ صدام بالضبط . وقد كان صدام لا يعترف بالقوانين وبثبوتيتها ، وكان يرى أن أي قانون ما هو الاّ قصاصة ورق تصدرُ منه لتكون نافذة المفعول فوراً ، وهو نفس الشيء الذي يراه مقتدى الصدر ، وما أكثر قصاصات أوراقه في هذا المجال ( حيث قالها مقتدى بنفسه : بقصاصة ورق أستطيع أن أغير أيّ شيئ) كما أن الرجلين يشتركان بخصلة أخرى واضحة المعالم تتمثلُ بتقلبات أمزجتهما في قيادة الميادين الداخلية والخارجية وفقاً لمتطلبات مصلحتهما الآنية وليس من باب الأديولوجية الثابتة المرسومة على أسس مستقبلية ، وتحالفات صدام ومقتدى مع الآخرين دليل واضح على صحة هذا الرأي . حيث دخل صدام حسين مع ايران حرباً قاسية اشتعلت لمدة ثمان سنوات بدعم مالي ومعنوي من قبل حكام الخليج ، وحينما اجتاح الكويت وجد نفسه مضطرا للاعتذار من ايران والاعتراف بخطيئته . وهذا ما يفعله مقتدى الصدر دائما من خلال تحالفاته الانتخابية وغير الانتخابية مع بعض القوى السياسية . فقبل بضع سنوات تعرض المجلس الأعلى بقيادة الراحل السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله لحملة شعواء من قبل التيار الصدري وصلت الى الاعتداء على مكاتب المجلس الأعلى وتمزيق صور السيد الحكيم ، ثم انقلب الموقف فيما بعد وأصبح المجلس الأعلى صديقا حميما ( سبحان الله مغير الأحوال ) ناهيك عن تحالفه مع الحزب الشيوعي الذي يختلف مع منهجه اختلافا جذريا ،
ولم يستمر هذا التحالف طويلا لأن الحزب الشيوعي وجد نفسه أمام عبودية لا يمكن القبول بها . لقد كان صدام حسين وأتباعه من ( عبّاد الأصنام ) لا يسمحون للنقد اطلاقا ، بلْ يعتبرون أيّ نقد ضدّ صدام جريمة لا تغتفر ، والسجن والتعذيب والموت عقابها ، وهذا بالضبط ينطبق على ردّ فعل مقتدى وعصاباته تجاه أيّ شخص يتفوه بكلمة واحدة ضدّ زعيمهم الأوحد . وقد شهد الشعب العراقي مشاهد كثيرة جدا تظهر عمليات التنكيل والتعذيب والذبح وتفجير البيوت لكلّ من حاول امتلاك الشجاعة لنقد مقتدى وأساليبه الخاطئة . ومن الأشياء التي يشترك بها الرجلان اعتماد كلّ منهما على فصائل مسلحة دموية عديمة الرحمة والانسانية لفرض هيبتهما بالاكراه وبقوة السلاح . حيث لجأ صدام الى تكوين عصابات خاصة به من المنبوذين في المجتمع من أمثال علي حسن المجيد وبرزان التكريتي لمراقبة المجتمع العراقي وتركيعه الركوع التام للقائد الضرورة ،
وهو نفس الشيء الذي لجأ اليه مقتدى في اختيار أسوء الناس وأكثرهم جهلا واجراماً لفرض وجوده على المجتمع العراقي . ومن الصفات المشتركة بينهما استغلال الشارع العراقي والتلاعب بعواطف ومشاعر المواطنين لتحيق أهداف أخرى . حيث كان صدام بين الحين والآخر يلجأ الى تعبئة الشارع العراقي من خلال مسرحياته الكثيرة مثل جيش القدس وفدائيو صدام و… و …. وهذا هو الأمر الذي اعتاد عليه مقتدى الصدر في تأجيج الشارع العراقي لتحقيق غايات وأهداف لا يعلمها الاّ هو و أجهزة مخابرات بعض الدول المتربصة بأمن العراق.