23 ديسمبر، 2024 9:04 ص

مقتدى الصدر وخياره الصعب

مقتدى الصدر وخياره الصعب

كنت قد كتبت في مقال سابق ان الحركات الاسلامية مهما كبرت ومهما كانت ايديولوجيتها لابد ان يصيبها التشظي وقد بينت الاسباب في حينها التي تؤدي لتلك النتيجة وانا وحسب فهمي فان اكثر جهة لها حضور فعال في الساحة العراقية وكثرت فيها الانشقاقات هي التيار الصدري وقد يكون لكل شخص اسبابه التي دفعته للانشقاق والاستقلال الا انني اعتقد ان هناك اسباب جوهرية هي التي دفعت الجميع الى ترك البقاء تحت قيادة السيد مقتدى الصدر على الرغم من معرفتهم انها قيادة حق وهذه الاسباب يمكن اجمالها بالنقاط الاتية :

1. اغلب الحركات التي ظهرت عبر التاريخ وحققت نجاحات في الساحة دائما تكون نهاية افرادها الذين يتصدون للمسؤولية هي العيش الرغيد والحياة في القصور والبيوت الفارهة بينما يريد مقتدى الصدر له ولقياداته ان يعيشوا في حالة كفاف ومواساة للطبقة الفقيرة من المجتمع العراقي بصورة عامة ولأبناء التيار بصورة خاصة الامر الذي تكون فيه صعوبة بالغة في تقبل هذا الامر فتكون النتيجة البحث عن طريق اخر وهو الانشقاق .

2. كل قيادات التيار الصدري ومنذ تأسيسه هم طلبة العلوم الدينية وعلى الرغم من الانتصارات التي حققها التيار خلال مسيرته الجهادية الا ان السيد يرفض ان يشترك احد من هذه القيادات في العملية السياسية او الاشتراك في البرلمان او المناصب التنفيذية وان على طلبة الحوزة ان يحافظوا على هذا العنوان وعدم الانخراط في الدنيا وملذاتها فتكون النتيجة عندئذ هي الرفض والبحث عن طريق اخر يمكن البعض من الوصول الى مبتغاه .

3. النفس البشرية بصورة عامة تتوق الى التفرد ورفض التقنين والتوجيه لذلك فان اغلب الشخصيات في التيار الصدري تريد ان يكون لها الحبل على الغارب في كل شيء بينما يريد الصدر القائد ان يكون(اوصيكم بتقوى الله ونظم امركم) هو الشعار السائد فتحصل حالات الرفض وتؤدي الى الانشقاق .

4. العراق لا يمكن في اي حال من الاحوال ان يخرج من دائرة التأثير الاقليمي وبما ان التيار الصدري هو صاحب الاغلبية في كل شيء ويسيل لعاب الجميع عليه لذلك فان رفض السيد مقتدى الصدر للدعم الخارجي خشية الوصاية دفع البعض الى ترك السيد والبحوث عمن بيده (الكاك) .

5. كما قلت في نقطة سابقة ان اغلب قيادات التيار هم من طلبة العلوم الدينية وكما هو معلوم حالة الكفاف التي كان ومازال يعيشها طلبة الحوزة لذلك وجد البعض من قيادات التيار ان الدنيا قد اقبلت عليهم “وما عاقل باع الحياة بدين” فاتجه بعضهم الى ترك السيد والابتعاد عنه .

6. شبهة قد وقع بها البعض من شخصيات التيار الصدري وهي انه بالإمكان ان يختار الفرد طريقا اخر غير المعتاد ينصر به الدين وامامه المنتظر وعدم حصرها بطريق ال الصدر فاختاروا الانشقاق والعمل باستقلالية وقد غاب عنهم ان الطرق وان كانت بعدد انفاس الخلائق الا ان طريق الحق صعب مستصعب .

7. الامور التي قام بها السيد الصدر ومنذ تأسيس التيار والتي يصعب تقبلها فمثلا في اوج قمة الانتصارات يصدر امر تجميد جيش الامام المهدي وفي اعلى قمم النشوة يصدر امر الغاء المكاتب وغيرها من الاوامر التي يصعب جدا التعاطي معها (ويرادله قلب من حديد) هي التي دفعت البعض الى الانشقاق على الرغم من قناعة الجميع انها امور صائبة ولا تشوبها شائبة .

8. الجهات التي تقف في الجانب الاخر بالضد من التيار وتوجهات السيد تملك الدنيا بكل معانيها فبينما يكون ما يحصل الفرد عليه كراتب او مساعدة من التيار لا يكاد يسد رمقه نجد ان الجهات الاخرة(تغرف غرف) وتعطي بغير حساب.

9. على الرغم من ان السمة العامة لأبناء التيار هي الولاء والطاعة والتقليد وللولي الطاهر (رضوان الله تعالى عليه) وهوكما يقال نار على علم في الشجاعة والعلم والزهد وغيرها من الصفات الحميدة الا البعض قد يخرج من هذه الامور ويحب (خفق النعل ) ورائه.

10. قد يقوم الجميع من ابناء التيار الصدري برفض الانشقاق ويحاولون النيل ممن لم يتمكن من البقاء تحت قيادة الصدر القائد والتشهير بهم ومقاطعاتهم الا انني اعتقد انه من الضروري جدا ان يتوجه ابناء التيار الى الدعاء والتضرع الى الله سبحانه وتعالى في ان يثبتهم على خطى الصدر وال الصدر فليس الامر كما يتصورنه من السهولة .