23 ديسمبر، 2024 1:16 م

مقتدى الصدر .. والتظاهرات

مقتدى الصدر .. والتظاهرات

يبدو ان خطف الناشط جلال الشحماني، هو مقدمة لعدد من الخطوات، لانهاء التظاهرات… وتعالت اصوات منتفعة من الفساد، تبشر الفاسدين بنهاية قريبة للتظاهرات.. في هذا المفترق، جاء رد الصدر عمليا، وهو النزول للتظاهرات في الجمعة القادمة، التي ستكون اكبر تظاهرة في العراق، تاريخيا، من ناحية الكم والنوع.. لماذا..؟

يمكن ان نفهم تصرف الصدر ومن هم ضده، اذا استطعنا ان نحلل العقلية التي ينطلق منها، اي فهم منطلقات الصدر التي تدفعه لدعم التظاهرات.. وهذا يكفي، لان الاخر ضده. بعبارة اوضح، اذا تمكنا من ادراك ما ورائيات الموقف الصدري، يمكن لنا ان نفهم الاخر، الرافض للتظاهرات، وذلك بمخالفة الوصف والتفاصيل.

وهذه ملاحظات ومحتملات حول موقف الصدري من التظاهرات وما لازمها وما يلزمها ..كالتالي:

اولا: الصدر يهتم بالشأن العراقي الى اقصى حد، ويمكن ان نصفه بانه عراقي (قرص).. ومتعصب للعراق بشدة، وهو يجد الامور العراقية تسير الى الاسوأ.. الا في حالة اصلاح جذري شجاع وعاجل.

ثانيا: الصدر يشعر ان عائلته (ال الصدر) دفعت دماء زاكية لاجل العراق وشعبه، ابتداءا من عمه الشهيد محمد باقر الصدر، الذي اعدمه صدام عام 1980 مع اخته.. ثم اغتيال والده الشهيد محمد الصدر .. واخويه الشهيد مصطفى والشهيد مؤمل.. هذه التضحيات تفرض على الصدر الاستمرار بالمنهج التضحوي لاجل العراق..

ثالثا: الصدر شارك في العمل النضالي ضد السلطة منذ 1991، حينها تم اعتقاله مع والده، بعد انتفاضة 1991.. وبالتالي يكون ملزما عقليا واخلاقيا باستمرا العمل والنضال ضد الطغمة الحالية (انظر هامش1).

رابعا: يبدو ان الصدر، رتب مع الاطراف المحلية المؤثرة، امكانية اصلاح جذري، يخرج العراق من الازمة، ناظرا الى الجهود الشعبية التي تنادي بالاصلاح ومحاربة الفساد (2).

خامسا: ضعف التظاهرات او (الفوضى) فيها، تهدد المصالح الاساس للشعب العراقي، ويفترض من الجهات الوطنية، وخاصة الصدر، صاحب المشروع الوطني، ان يتصدى لحماية التظاهرات وانجاحها (3).

سادسا: الصدر يدرك انه اهم العوامل المؤثرة في الساحة العراقية، ولا يمكن ان يكون سلبيا تجاه تكليفه الوطني (4).

الهوامش:

(1) يمكن القول، ان الطغمة الحاكمة الحالية، هي الاسوأ، في تاريخ العراق. وهذا الكلام، لا مبالغة فيه، بالنظر لما ترفعه احزاب الحكومة من شعارات ومدعيات، لا مصداقية لها في الواقع. وبالرغم من الايمان بالحقيقة، القائلة: ان حكم الديكتاتور صدام، هو الاسوأ، على مستوى العالم، الا ان الاحزاب الحالية اسوأ، لماذا..؟ لان الهدام لم يدعي انه اسلامي، فضلا عن عدم وجود ميزانية ضخمة تجاوزت ال 1000 مليار دولار، يضاف لها الدعم الدولي وغير ذلك. ولكن.. ولا يمكن للصدر ان يسكت، عن هذا الظلم والفساد، انطلاقا من منظومته الصدرية المتوارثة.

(2) اليوم، تحرك الشعب لاجل اصلاح الوضع العراقي، وعسى ان يتمكن من ازاحة الطغمة الحاكمة، بانتفاضة شعبية، بعد ان رفض (الفاسدون) الاصلاح او التنحي. وفي هذه الظروف المظلمة التي يمر فيها العراق، يتلمس (الثوار) ضامنا وداعما لهم في الساحة، بعد ان وصلت سكين الميليشيات الوقحة وفرق الموت الى ظهور الناشطين ونحورهم..

(3) في هذه الظروف التي يمر بها وطننا العزيز، يفترض ان تتلاحم القوى الوطنية الخيرة، بعيدا عن (التبعية) للاجنبي. ولا يمكن للقوى الخيرة، الا ان تتعارف وتتفاهم وصولا لمشتركات وطنية، واقعية، موضوعية، بعيدا عن (الخفة) وبدون (ببغاوية).. لان الوضع العراقي خاص جدا.. ولا يوجد بلد في العالم، بلد تؤثر عليه العوامل والمتغيرات العراقية..

(4) ان العامل المؤثر الاساس في اغلب دول الربيع العربي – خاصة مصر وتونس- هو الجيش ويقف خلفه (في الكواليس) مخابرات وطنية فاعلة.. وهذا غير موجود في العراق.. اذن، كيف نطبق المعادلة المصرية على العراق..؟

لكوني احد المتظاهرين، وقريبا من الحراك الشعبي، لا يغيب عن نظري ذلك الذوق (النخبوي) الذي ابتلى –غالبا- بمرض (فقدان الذات).. والبحث عن تجربة خارج الحدود.. لمحاكاتها، دون وعي لخصوصية الواقع العراقي.. لماذا..؟

اتمنى ان يسال، اخواني الناشطين، أنفسهم: من يؤثر فعليا في الساحة العراقية..؟ ومن يساعدهم لانجاح تظاهراتهم وتحقيق اهدافهم الانسانية والوطنية المشروعة..؟ وهل يوجد طرف عراقي يشاركهم في مشروعهم الوطني..؟

انا اقول: ان الناشطين يمكن لهم ان يحصلوا على دعم من السيد الصدر دون مقابل ودون شروط، لاجل ثورة ضد الفساد، وضد الفاسدين.. تنتصر بارجاع المال العام واقامة حكومة كفاءات نزيهة عادلة تخرج العراق من مستقبل اسود قاتم.. وهذا التفاهم مع الصدر يحتاج (فهم) له.. وهي خطوة تخدم المشروع الوطني والاصلاح.

هذه السطور قد تنفع اخواني الناشطين، هذا ما دفعني لنشرها قبل التظاهرة المليونية في هذه الجمعة.