تقليد السيد الشهيد الصدر الابتدائي صار ممنوعاً الحديث فيه , هكذا امرهم ( السيد القائد ) من على منبر الوعظ والإرشاد , وهم لم يبادروا ان يسألوه كيف يكون ممنوعاً اليوم وقد كان بالأمس باباً لدخول صرح ( المقتدى ) ؟! , فهذه المجموعة من العمائم لم تكن في غالبيتها العظمى ( صدرية ) يوماً , لكنها جاءت من اصقاع الدنيا باحثة عن حاجة في نفسها , وقد كانوا في اغلبهم من اتباع المدرسة السيستانية الكلاسيكية , حتى انهم لا يعرفون شيئاً عن طلبة الشهيد الصدر , غير انّ بعضهم كره انه لم يكن الى جانب الصدر الاب فاراد ان ينصر الابن , وبعضهم شاء ان يكون شيئاً خارج ( الضوابط ) , والبعض الآخر رغب بالدنيا في بلد متدين فاختار عمامة لا تدري الشمال من الجنوب في فقه الصادق . جمع اولاء مشروع لاعادة التأهيل ( الصدري ) تحت اسم ( الزهراء ) , لكن من اين لفاقد الشيء ان يعطيه , فكان ان خرج عن هذا المشروع ( بقايا انسان ) يريد ان يقيم ( دولة الانسان ) بمخالب ( وحش ) .
حسب البعض ان قول مقتدى لانصاره من على منبر الجمعة بأنهم ( جهلة .. جهلة .. جهلة ) سيحدث ردة فعل قاسية , لكنّ هؤلاء المساكين كانوا مصابين في نفوسهم بداء الانكسار , و ( المقتدى ) لم يكن قد قرأ قول الله ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) .
حين أراد الامريكان ان يكون ( قانون إدارة الدولة المؤقت ) حاكماً على ( الدستور الدائم ) حرّكوا المواجهات مع ( جيش المهدي ) في النجف الاشرف , فتخلّصوا من اعتراضات المرجعيات والنخب , بداعي ( الاضطراب ) , وحينها – عندما رأى الجميع ان مقتدى الصدر كان سبباً في رهن البلاد لمبادئ دستورية مغلوطه بنزقه – لم يرَ أنصاره المساكين سوى ان ( سيدهم القائد ) كان ( شجاعاً واجه الاحتلال ) , وما دروا انهم منذ ذلك اليوم صاروا مرتهنين لارادة الاحتلال .
وحين دخل ( المقتدى ) في صراع طائفي لسنين ثم حالف خصومه من ساسة الإرهاب والطائفية كان يرى المصلحة في هذا كما عبّر أنصاره . وحين جاء بالطاغوت ( نوري المالكي ) مرتين وحاربه بالسلاح مرات كان يرى المصلحة المشؤومة ايضاً . وفي جميع هذه الأدوار كان ( عبّاد الصنم ) يذوبون في طقوسهم الوثنية لادراك ( الله ) , وانّى لهم ذلك ! .
ولمّا صار لنخبة ( المقتدى ) أربعة وزارات وأربعين مقعداً , لم يفهم أنصاره اكثر من شكل ( ام أربعة وأربعين ) , ولم يدركوا يوماً ان الوزارات الخدمية التي تمس وجودهم وحياتهم هي في عهدة سيدهم القائد , فخرجوا يصرخون ضد الذي اعدمهم الخدمات ولم يعوا انهم خارجون على انفسهم . لذا ما كان متوقعاً ان يفهموا كيف للسيد القائد ان يذيب قضية فاسد كبير مثل ( بهاء الاعرجي ) ويجعلها في غياهب النسيان , وقد يخرجه لاحقاً مصلحاً كبيراً ويدخله في بانثيون القداسة .
ان الذي اشترى ( جواريب ) السيد الباقيات عند مكان اعتصامه في المنطقة الخضراء للبركة لم يكن ليحضر هناك وهو يعي ابعد ( شكل الصنم المقدس ) , وبالتالي هو يتحرك فقط ضمن منطقة ( لا وعي الصنم المقدس ) . ومن ثمّ ليس غريباً ان يجتمع المتخاصمين بالفساد من ( دولة القانون ) و ( كتلة الاحرار ) تحت سقف برلماني واحد للاعتصام , ولا يهم ضد من , فكلاهما ( مصلحان ) ما لم يعترض السيد . وتكون بسالة ( حاكم الزاملي ) وثورته الوردية والإصرار المقدس الذي اعلنه من خلال وسائل الاعلام مساوية للحظة الانسحاب المفاجئ لكتلته بأمر السيد بعدما رأى المصلحة في كسر هذه الثورة البرلمانية الباسلة ضد الفساد المجهول , ليتركوا شركائهم في ساحة اللعب لا خلاق لهم سوى فتح الفم , اذ ثبت لدى ( السيد ) بصورة مفاجئة انّ هؤلاء الشركاء مفسدون أيضا , وهو ما لم يثبت لدى الكاهن ( الزاملي ) سابقا .
ولمّا كان السيد القائد هو وحده من وجّه السلاح الى القوى الأمنية ومؤسسات الدولة قديماً لن يدرك أصحابه انهم بخطواتهم المرسومة من قبله انما يحرقون الدستور ويجلدون القانون ويتممون ما بدأه ( الدعاة ) في دولة القانون من انتهاك للدولة والقانون , لتجتمع هذه العصبة على فوضى الانتماء والحركة , اذ لا هم مع المكتوب ولا هم ضده , وليس لهما معاً ومع الآخرين تحالفات او علاقات دائمة , وبعد ان يرونا ( شيطاناً رجيماً ) نجدهم يجالسونه في طقس عبادة . وقد عبّر عن حال العراق مع السيد مقتدى الصدر بمشهور اللهجة الدارجة ( بَت بعد بالدلّال جاهل يعت بيه … يبجي من اصيح اعليه يكطعه من اخليه ) .
لذا تكون عودة مقتدى الصدر لمشروع غيره في الدعوة ل ( انتخابات مبكرة ) غير مفاجئة , لكنّ المفاجئ ان يحيل الامر الى ( منظمة المؤتمر الإسلامي ) و ( الأمم المتحدة ) , اذ كلاهما كانا جزءاً من المشكلة العراقية , وكلاهما لن يحلّا شيئاً من هذه المشكلة ما لم تكن هناك رغبة اصلاح عراقية واقعية , تبدأ من تغيير نظام الانتخابات الدكتاتوري الذي يفرز زعماء كتل مهيمنين , فيما يزيح من ينتمي للناس عن دائرة المنافسة .
عن أبي يحيى الواسطي قال: ( لما افتتح أمير المؤمنين عليه السلام البصرة اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري ومعه الألواح , فكان كلما لفظ أمير المؤمنين عليه السلام بكلمة كتبها, فقال له أمير المؤمنين عليه السلام بأعلى صوته: ما تصنع ؟ قال نكتب آثاركم لنحدث بها بعدكم, فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما إن لكل قوم سامريا وهذا سامري هذه الأمة ) .
( قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي * قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ * فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ * أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا * وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي * قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى * قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي * قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي * قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا * إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ) .