بعد إنسحاب السيد مقتدى الصدر من العملية السياسية، في ذلك الوقت الضيق، حيث أشرفت شمس الانتخابات على الشروق، بعد مخاض عسير عانى منه الشعب العراقي المظلوم.
أعلن السيد الصدر بأنه لن يكمل مسيرته السياسية، فسيفه الذي رفعه بوجه قوى الاحتلال العتيدة، رآه اليوم أمام عينيه، عاجزاً عن الوقوف بوجه الظلم والفساد، لان نمط الإحتلال الجديد، لم يأت عابراَ المحياطات هذه المرة، وإنما هو نابع من تحت أقدامه، فعندما تخون الأرض صاحبها، تتكسر أسنة المناجل تحت رقاب السنابل!
الحسابات السياسية كان مسارها بالإتجاه النمطي، الذي أعتمدته خارطة الانتخابات في الولايتين المنصرمتين، إلا أن إنسحاب السيد الصدر من العملية السياسية، أحدث فجوة كبيرة، نفذت منها أصوات الناخب الصدري بإتجاه كتلة الحكيم، بيد أنها لن تؤثر كثيراً على حظوظ كتلة دولة القانون، في المكوث على سدة السلطة، وسعيها لولاية ثالثة، فالكتلة لا تخشى من تسرب تلك الأصوات الانتخابية.
بعد انسحاب السيد الصدر، وتحول القطبية الثلاثية الى قطبية ثنائية، طرفاها دولة القانون وكتلة المواطن، فإن دولة القانون مصرة على التجديد للولاية الثالثة للمالكي، ولن يرهبها علو كعب كتلة المواطن، التي ضمنت قدراً كبيراً من أصوات الناخب الصدري، الى جانب أصوات مؤيديها، فلا ريب أن أصوات الناخب الصدري سوف تتشضى، والنسبة الأكبر ستكون للحكيم، والمتبقي منها ستتوزع على بقية القوائم.
بالرغم من اجتماع الرأي العام في العراق، على عدم التجديد لولاية ثالثة للمالكي، إلا أن كتلة دولة القانون راهنت على الوضع الأمني المتدهور، وأعلنت عن تمكنها من دحر الإرهاب في صحراء الأنبار، وتسوية الخلافات مع السنة في المنطقة الغربية.
لعل البعض راهن على الإجتماع الأخير، الذي جمع السيد مقتدى الصدر، مع السيد عمار الحكيم، في ضيافة السيد محمد رضا، نجل المرجع السيستاني؛ والذي قد أعطى هاجساً باتخاذ قرار جماعي، للوقوف بوجه تطلعات دولة رئيس الوزراء نوري المالكي، نحو ولاية ثالثة كما يرى خصومه، إلا أن ذلك الاجتماع لا يعني بالضرورة، رفع الفيتو على المالكي.
الإنتخابات الديمقراطية هي من يحدد الفائز من الخاسر، لا إجتماعات الخصوم، ولا وجهات النظر، التي يتبناها رجال الدين والمرجعيات الدينية.
فبالرغم من التحديات التي تواجها كتلة دولة القانون، أثر خسارتها للحليف الصدري، إلا أن حظوظها مازالت قائمة لنيل الولاية الثالثة.