22 نوفمبر، 2024 6:03 م
Search
Close this search box.

مقتبسات من كتابي فقراء العراق

مقتبسات من كتابي فقراء العراق

“الإنسان الذي يحمل خبزاً للفقراء أقرب الى الرب من إمام مسجد يحمل مصاحف”
العراق شعب عظيم رُغم ولد من صميم المأساة الذي عاشها خلال أكثر من قرن، بين صدامات ومجابهات بسبب ما يحويه من خيرات وثروات هائلة، وأصبحت أرضَ مطمع للقوى السياسية الخارجية والداخلية، لنبدأ حديثنا عن العراق من سنة 1920 فصاعداً وتحديداً من بداية ثورة العشرين، لنضع نقاط التحول مما مر به العراق وشعبة، قبل ثورة العشرين أندلعت ثورة النجف سنة 1918 الذي أخمدها البريطانيون وبعدها أصبحت فكرة أنطلاق ثورة قوية شاملة ضد البريطانيين وإنهاء الحاق العراق بمحمية عدن وجعلها مستعمرة تابعة لها.

بعدها أجتمع زعماء منطقة الفرات الأوسط وتحديداً في بيت الشيخ هادي مكوطر أحد أمراء شيوخ الديوانية، وكان كثير من الشيوخ حاضرين ومن ابرزهم خيون العبيد احد كبار امراء شيوخ ذي قار، وتبلورت فكرة الثورة ضد البريطانيين لكن أنتهى الأجتماع بنشر التوعية بين الشعب وتحشيد الجهود، ومن الأسباب المباشرة لإندلاع الثورة كما يؤكد شهيد قيام القوات البريطانية بسجن الشيخ شعلان أبو الجون شيخ عشيرة الظوالم في محافظة المثنى (السماوة) جنوب البلاد يوم 30 يونيو/حزيران 1920، والاستعداد لإرساله عبر القطار إلى مدينة الديوانية. لكن عشيرة الظوالم هاجمت السراي الحكومي وحررت الشيخ من السجن، حيث تعتبر تلك الحادثة من الشرارات الأولى لاندلاع الثورة وانتقالها لباقي المُدن العراقية. وتفجرت ثورة العشرين مع انتفاض جميع قبائل وعشائر العراق وعلى الرغم من أن الثورة قد حققت بعض النجاح الأولي، فإن البريطانيين تمكنوا من قمعها نهاية أكتوبر/تشرين الأول 1920.

وكانت أهداف الثورة هي: الاستقلال عن الحكم البريطاني، وتأسيس حكومة عراقية مستقلة. وسبب فشل ثورة العشرين في بدايته كان من ضمن الأسباب: قلة موارد الثورة، ندرة العتاد الحربي لدى الثوار، جهل الثوار بأسلوب الحرب النظامية، حصر الثورة في الفرات الأوسط، فقدان القيادة، خيانة بعض البرجوازيين والإقطاعيين، انقطاع الصلة بالعالم الخارجي. كتابنا هو خاص بفقراء العراق في بلد يحوي أكبر أحتياطي من النفط، ولكن جعلنا بداية حديثنا من سنة 1920 فصاعداً من نضال الشعب العراقي من أجل إستقلال العراق وما مر به من ويلات الحروب والظلم والفقر.

نظام المملكة العراقية هو نظام ملكي الذي أسسهُ البريطانيون في العراق إثر اضطرابات ثورة العشرين وخروج فيصل بن الحسين من دمشق على يد الفرنسيين الذين دخلوا سوريا. استطاع فيصل أن يحصل على تأييد عارم من الشعب العراقي ليكون ملكاً على البلاد واضطر أثرها لتوقيع اتفاقيات امتياز مع الإنكليز. ومرت المملكة العراقية بظروف قاسية منذ تأسيسها جراء النشأة الفتية للدولة والقوى الدولية الطامحة للسيطرة على مقدراتها والهيمنة على سياساتها وعلى رأسها بريطانيا. ومنذ البداية انشطرت مراكز القوى السياسية إلى تيارين مختلفين في التوجهات والتي تمثل اللاعب الرئيس في المسرح السياسي فهنالك طبقة النخبة الوطنية التي لعبت دوراً في تأسيس الدولة العراقية من السياسيين والضباط المنتمين للجمعيات السرية التي كانت تنادي باستقلال العراق عن الدولة العثمانية كون ارتباطه مع الولايات العربية الأخرى أكثر ارتباطاً من الدولة التركية كما عمل هذا التيار على استقلال العراق عن السياسة البريطانية وهيمنتها على مصالحه الاقتصادية.

ولعبت بعض العوامل المحلية والإقليمية والدولية، دورا في تهيئة الظروف المؤاتية للإطاحة بالحكم الملكي، أكثرها أهمية تكمن في أن الحكم الملكي ومنذ تأسيسه كان يحمل بين جنباته النقيضين النزعة الوطنية من جهة وموالاة النفوذ البريطاني والمستعمر السابق ذو اليد الطولى في العراق والمنطقة من جهة ثانية. ويتجاذب هذين النقيضين استناداً لأهواء هذا الملك أو ذاك أو انتماءات وبرامج هذه الوزارة أو تلك فكانت نهاية النظام الملكي بنتيجة ثورة 14 تموز عام 1958.

خلال هذة الفترة منذ ثورة العشرين مرورا بالنظام الملكي الذي أسستهُ بريطانيا للمحافظة على مصالحها، وحتى قيام ثورة تموز عام 1958، الشعب العراقي يعاني من الفقر والجوع والحرمان من حقوقه الإنسانية، تاريخ مليء بالمحن والدماء لم يتهنى شعبنا العراقي وخاصة الفقراء بثرواته النفطية، الذي جعله كأرض خصبه بهذه الثروات مطمع لكل الدول الإستعمارية، والآن سنبدأ حديثنا عن ثورة تموز وماذا اعطت للعراقيين وشعبة، بعد أعلان عبد السلام عارف البيان الاول لحركة تموز وأعلان جمهورية العراق، وتأمل العراقيين عهد جديد مليء بالخير والعدل والمساواة وفي الوقت الذي أخذ المواطنون على حين غرة وقد فوجئوا بنشيد الله اكبر الحماسي ثم تلته اناشيد ثورة رشيد عالي الكيلاني : لاحت رؤس الحراب ، و موطني ، ثم اهدت ام كلثوم للعراق انشودة بغداد ياقلعة الاسود ، التي كان يمتزج صداها مع ازيز الرصاص ودوي المدافع، وكان عبق تلك الاناشيد الحماسية والثورية والأغاني الوطنية والعربية يتردد صداها في شوارع بغداد وأزقته ، والتي تفاعلت مع الحدث ، فطغت روح الحماسة الوطنية لدى المواطنين من جميع الشرائح والقطاعات ، مشمرين سواعدهم في مجاميع هائجة تأييداً وابتهاجاً بالحدث الصاعق. وبعد ذلك قطع البث الأذاعي فجأةً ، وأعلن المذيع بأن نبأ هاماً سيذاع من محطة دار الإذاعة العراقية من بغداد .. وساد صمت مطبق الأزقة والشوارع المكتظة بالجماهير الهائجة وهم يصغون إلى أجهزة المذياع المنتشرة في المقاهي والأماكن العامة .. وبعد دقائق من الأنتظار تقطعت فيها أنفاس الجماهير وهي تنتظر اللحظات الثقيلة التي مرت ببطئ .. واذا بدوي صوت جهوري ذو نبرة حماسية يعلن النبأ الهام .. انهُ البيان الأول للثورة يذيعه العقيد الركن عبد السلام عارف والذي استهلة بآية من الذكر الحكيم ، ثم بدأ بتلاوة البيان.

جميعها آمال وأمنيات جديدة داخل أنفس العراقيين، الذي ينتظرون الخير بعيد عن الصدامات والظلم الذي عانوه خلال هذه الفترة، بعد هذه الفترة أيضاً لم يتهنى العراقيين، الفقر والعوز هو نفسه باقي لم يتغير، بل توالدت الأحداث بحركة 8 شباط عام 1963 الذي قادتها مجموعة من الضباط الأحرار وحزب البعث وكثير من القوميات العروبية والشخصيات الوطنية، وتم ازاحة عبد الكريم قاسم وإستلام رئاسة الوزراء اللواء احمد حسن بكر من قيادي حزب البعث وهو الحاكم الفعلي حسب الدستور آن ذاك وبيدة كل الاوامر التنفيذية وبقى عبد السلام عارف رئيس جمهورية وهو منصب شكلي، رغم شعبية عبد السلام عارف لدي الشعب العراقي لكن لم يكن لهُ اي سلطة أو قرار سوى مركزة كعضو بقيادة الثورة حاله حال بقية المجلس الثوري.

وتخللت هذه الفترة أنشقاقات وانشطار بحزب البعث وصراعات داخلية، فطالبت الجماهير عبد السلام عارف بالتدخل، لكونه يمثل اعلى سلطة بالجمهورية العراقية وايضاً كان مستاء من الوضع الداخلي من صراعات وإنشقاقات وفوضى وأحتقان الشارع العراقي، وبدأت عدة تغيرات من تغيير الدستور وتغيير مراكز الوزراء والأعفاءات من المناصب، كل هذه المحن والمصائب كان صداها مؤلم داخل الشعب العراقي، وهم ينتظرون للخلاص من الفقر والأستقرار بعد هذه الفترة الممتدة من سنة 1920 _1966 حتى وصولاً الى إنقلاب 1968 بقيادة حزب البعث الذي أطاح بنظام عبد الرحمن عارف وإستلام السلطة بقيادة احمد حسن البكر ونائبة صدام حسين وذياب العلكاوي بعد تسلم السلطة من قبل حزب البعث مره أيضاً الشعب العراقي بمرحلة دموية من الأغتيالات والأعتقالات رغم لحظة الأنقلاب لم تسيل قطرة دم بحيث سميَ ب(الأنقلاب الأبيض)

نتحدث عن تأريخ العراق الطويل، صراعات كانت مفروضة على الشعب العراقي، وصراعات أنفرضت عليه مجبوراً، بسبب أرضَ الذي أستهوتها الأطماع الخارجية لمركزة الإستراتيجي في الشرق الاوسط ومما يحوية من ثروات مهولة من الخيرات، فتجد لحد سنة 1968 العراقيين لا يزالون يسكنون بيوت الطين وبيوت التنك، ويعتمدون على الزراعة والاعمال الثقيلة كالبناء، وغيرها من الأعمال الثقيلة الذي أضافت على المواطن العراقي وكاهله من الهموم والأتعاب الذي قصّرت عمره، لكن ميزة التواصل وأواصر المحبة وأولى القربى باقية وقوية لم تتزحزح، لذالك تجدهم متثبتين بأرضهم رغم ويلات المصائب الذي مرت عليهم.

العراقيين خليط من الطوائف وبعض القوميات وخليط من الإنتماءات، يتميزون بالكرم والضيافة العربية والثقه الكبيرة، ويتميزون بإحترام الغريب وضيافتة وإكرامه وهذا مشهود لهم عالمياً، وقنوعين بموائدهم وما تحوية من زرع الأرض الذي يعتمدون عليها معيشياً كرزق اليهم وبنفس الوقت يقتاتون منها كفطور وغذاء وعشاء، ويكرمون من واردات زراعة أرضهم جيرانهم في ذالك الوقت رغم الصراعات والمحن الذي مرت عليهم.

الحزب الشيوعي ودورة في مناصرة شعب العراق

نحاول جمع أكبر عدد من المعلومات لإضافتها لكتابي (فقراء العراق) والحقبة الذي عاشها العراق من سنة 1920 _1968، وما مر بها من صراعات ونكسات، و إنبثاق حركات وتيارات وصولاً الى عام 2021 ، والهدف من الكتاب القاء نظرة لمعاناة شعبنا وما عاناه من فقر مدقع خلال هذا القرن من الزمان..
وللتكملة بقية وحين صدور الكتاب سأهديه الى جميع كتاب موقع (كتابات) هذا المنبر الإعلامي الكبير والعريق الذي يؤمن بحرية الفكر والوقوف جنبنا، لنجد مساحة نعبر بها عن حرية رأينا وأفكارنا بدون تقييد، أشكر القائمين عليه ومجهودهم الكبير بمساندة الكتاب.

أحدث المقالات