تدلل الآية الكريمة( ٢٤٧) في سورة البقرة (وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا انى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال…)، كيف كانت الموازين، والمقاييس الاجتماعية، مختلة لدى بني اسرائيل، عندما اعتمدوا المقاييس المادية الصرفة في التقييم، يوم كان جوابهم، حينما بعث الله تعالى لهم طالوت نبيا (أنى يكون له الملك علينا ولم يؤت سعة من المال) ؟!!.
أي أن مقاييسهم، كما يتضح من ردهم المباشر، كانت مادية بحتة. فالإنسان مرجح عندهم في التقييم ، بسعة ما يحوزه من مال ، لا على أساس ما يمتلكه من أخلاق، او علم، وحكمة.
إلا أن الجواب من لدن رب العالمين كان حاسماً كما يتبين لنا من الآية (قال ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤت ملكه من يشاء الله واسع عليم)، ليكون المقياس، والميزان الإلهي في التمايز بين الناس،قائماً على على اعتبارات رفيعة، ومعايير معنوية نبيلة ، تتجاوز في مغزاها مجرد القدرة المادية، وليكون الاستحقاق بموجبها قائماً على أساس العلم والحكمة، على قاعدة (…ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ومايذكرالا أولوا الالباب).
ولذلك يتطلب الأمر، أن يتم إنزال الناس منازلهم، بموجب معايير المقياس الإلهي، من أجلال العلما والمفكرين، وكبار القوم، والصالحين، في المجتمع، وألا تكن موازين الحكم مادية بحتة، فيختل بنيان الحياة، باعتماد المقاييس الشاذة في التقييم.
وهكذا تبقى المعايير العلمية، والأخلاقية، المرتكزة على الحكمة والرشد، اساسا في التقدم، والازدهار، في كل مجالات الحياة، مما يشيع الإطمئنان، بعدالة تلك المعايير، ويضع الأمور في نصابها الصحيح، ويرسخ قيم العدالة بأبهى صورة.