كشف الكاتب المصري يوسف زيدان عن سبب تسمية إسرائيل لعملياتها ضد إيران بـ (( صعود الاسد )) , موضحاً : (( ان التسمية مستوحاة من نبوءة توراتية في سفر التكوين تتحدث عن (( سيادة يهوذا ابن النبي يعقوب على باقي الشعوب )) , وان هناك إسقاطا من التوراة علي تسمية العملية ضد إيران (( الأسد الصاعد )) وهي من سفر العدد في العهد القديم , القائل : (( هُوَذَا شَعْبٌ يَقُومُ كَلَبْوَةٍ , وَيَرْتَفِعُ كَأَسَدٍ , لاَ يَنَامُ حَتَّى يَأْكُلَ فَرِيسَةً وَيَشْرَبَ دَمَ قَتْلَى )) , سفر العدد 23: 24 , وأضاف : (( حسب التفاسير, هذه الآية وردت في سياق نبوءة بلعام , الذي استُدعي للعن بني إسرائيل , لكن الله جعله ينطق ببركة بدلًا من لعنة , في هذا النص , يُشبَّه شعب إسرائيل بـ(( لبوة )) و(( أسد )) رمز القوة والشراسة والسيادة , وهو تصور يُبرز نهضة الشعب وقوته في مواجهة أعدائه , ورفضه للضعف أو التراجع , وتابع: (( في التفسير الحاخامي التقليدي , خاصة في التلمود والمدراش , يُعتبر هذا النص تعبيرًا عن استثنائية إسرائيل بين الشعوب : أمة لا تهاجم اعتباطا , بل تنهض عند الضرورة , وتضرب بقوة حاسمة لا تنام قبل أن تُنهي المعركة لصالحها , ونتنياهو استخدم صورة (( الأسد الصاعد )) على الأرجح كإسقاط توراتي مُتعمّد , فهو ليس فقط يعكس مبدأ الردع والضرب الاستباقي , بل يعزز البعد اللاهوتي القومي , حيث تُصوّر إسرائيل على أنها أمة لا تُستفز بسهولة , لكنها حين تنهض لا تنام حتى تفترس عدوها , والضربة ضد إيران واغتيال قيادتها العسكرية وإصابة منشآت نووية تُرادف في سياق هذا النص (( أكل الفريسة وشرب دم القتلى )) , إنها محاولة لتقديم إسرائيل كقوة لا تُردع , بل تنهض عندما تُستفز, وتُنهي المعركة دون هوادة )) .
يتحدث نتنياهو عن شكل الشرق الأوسط الجديد , وكأنه امتداد لمزرعته الخاصة , وتتحدث إيران عن فلسطين وكأن العرب دخلاء غرباء , وتتروّى تركيا قليلاً في اندفاعها الجغرافي كي لا تُفسد ما حدث حتى الآن , إن الحرب الحالية ستقرر من يملك مفتاح المنطقة ولا مصلحة لنا فيها مطلقاً ,فالعراق اليوم في وضع لا يحسد عليه فهو لا يملك القدرة على فرض سيطرة كاملة على أجوائه ولا يستطيع المجازفة بالدخول في صدام مع أي طرف من أطراف النزاع وتبقى الحدود العراقية المفتوحة وتعدد القوى غير الرسمية داخل البلاد سببا إضافيا لتعقيد الموقف.
تحت عنوان ( وا أسفاه يا عراق ) , كتب أحدهم : ((أين نحن من زمن العلم والحضارة ؟
أين بغداد التي كانت تسابق الشمس في إشراقها ؟وا أسفاه على وطنٍ باتت جراحه زادًا , ودموعه نشيدًا , وتاريخه خرائط ممزقة يلوكها الغرباء , وا أسفاه على أمةٍ كانت منارة الدنيا , فأصبحت مادةً لتهكم الأمم , وأضحوكة لجهلة التاريخ , وا أسفاه على زمنٍ انقلبت فيه الموازين , فصار الحق باطلاً , والباطل يُزفُّ كالعرسان في موكب المجد , وصار الشريف منبوذًا , والدنيء على العروش جاثمًا ,وتولّى أمرَ الناس من لا خُلق له , ولا عقل , ولا ضمير)) .
حسابات تقدير الموقف للوطنية العراقية يعتمد على طبيعة حساب الخسائر, ففي حساب انتصار اسرائيل التوراتية , فلا بد بالتالي أن يكون مستقبلها هو ما حكت عنه التوراة وما بشر به التلمود , وستتحول من دولة مشكوك بهويتها إلى دولة تشكك بهويتنا , وستدعي اسرائيل بعائدية كل شبر من الأرض مشى عليه النبي إبراهيم من (أور) وحتى (أورشليم) , وكل متر من الأرض باركها النبي موسى بأقدامه ستبرهن على أنها كانت لها وليس لفرعون ( الكافر ) , والخوف أن ثقافتنا الدينية تقف في صفها حينما يضع موروثنا الديني النبي إبراهيم مقابل النمرود , والنبي موسى مقابل الفرعون , والسبي البابلي مقابل نبوخذنصر , أما إذا انتصرت إيران فسيكون العراق , الدولة الوطنية والمجتمع الطامع للخروج من ثقافة اللطميات والنحيب والندم , هو أول الخاسرين .
هناك من يتمنى ألا تنتصر أيران وأن تخسر أسرائيل الحرب , مقارنة بين السيء والأسوء , لقد كان الشباب الإيراني والعربي على موعد مع مستقبل مفعم بالأمل والحياة , قادر على إعادة بناء أوطانهم ودفع عجلة التنمية بمختلف المجالات , لكن نظام ولاية الفقيه في إيران أجهض طموحاتهم بشراسة , زاجًا إياهم في حروب عبثية خاسرة تُخدم أجندتها التوسعية , هذا النظام , الذي يتستر وراء شعارات دينية زائفة , لم يتورع عن التضحية بأحلام جيل بأكمله , مُستغلاً عاطفتهم الدينية لإطالة أمد بقاء رجال الدين المتشددين في السلطة , على حساب دماء الشباب ومستقبل الأمة.
أن التشفي بإيران خلال إصطفاف رخيص مع القوى الخارجية , يشكل كارثة كبرى لن يجني بلدنا منها سوى الخيبة والخسران , فينبغي ألا نفرح إذا خسرت إيران الحرب , ولكن لابد ان ندعو وبصوت عال ألا تنتصر إسرائيل , ففي حسابات الربح والخسارة , ليس من مصلحة العروبيين العراقيين فوز إسرائيل في هذه المعركة , وبروزها أقوى مما كانت وبما يعني المزيد من تقزيم الإرادة العربية وحتى تصفيرها , يقول جعفر المظفر : (( أدري أنها نوع من الأمنيات المستحيلة, لكني كنت قد استنجدت بالأمس بسقراط يوم سألوه : أيهما تفضل الزواج أم العزوبية فأجاب : أيهما فعلت ندمت وسيظل قدرنا إلى أمد مفتوح هو أن نختار بين السيء والأسوأ منه , فنختار السيء ونلعن الأسوء , وتلك هي السياسة , لكن على شرط أن لا ننسى أن السيء لن يكون جيداً لمجرد وجود الأسوأ منه , وتلك هي المبدئية )) .
البارحة كتبت تعليقا على صفحة صديق : (( ثقافة العروبيين العراقيين تقتضي وقوفهم في الصف المقابل لأسرائيل )) .