العروبيون والوطنيون العراقيون يتشكرون للكلازي ثامر لتسليطه الضوء على هذا الصرح الشامخ للأمة العربية ومنتوجه الشهير كتاب ألأستشراق (الاستشراق (Orientalism المترجم لعشرين لغة , وهو الكتاب الأول في سلسلة من ثلاث كتب تتناول العلاقة بين العالمين الغربي والعربي , والكتابان الآخران هما القضية الفلسطينية (1979) , وتغطية الإسلام (1981)، ثم أتبعهم بكتاب (الثقافة والإمبريالية) الذي قال عنه في المقدمة إنه بمنزلة الجزء الثاني من ( ألأستشراق).
تتمثل السمة الأساسية في الاستشراق أنه (( تحيُّز خفي ومستمر محوره تفوق الحضارة الأوروبية ضد الشعوب العربية الإسلامية وثقافتها )) , وتُشتق تلك النظرة من التصورات الغربية عن ما يمثله الشرق (التصوير الثقافي), واختزال الشرق إلى جوهر خيالي للشعوب الشرقية , وأماكن الشرق , وتهيمن تلك التصورات الثقافية على خطاب الشعوب الغربية مع الشعوب غير الغربية أو عنهم , وتصف تلك التصورات الثقافية الشرق بـ((البدائي , اللاعقلاني , العنيف , المتطرف , الاستبدادي , أنه أدنى من الغرب )) , وبالتالي لا سبيل إلى التنوير إلا باستبدال القيم الرجعية بالأفكار المعاصرة التقدمية, التي إما أن تكون غربية أو متأثرة بالغرب.
وددت أن أضيف ان كتاب ألأستشراق عممته وزارة التعليم العالي العراقية لدراسته وتدريسه في عدد غير قليل من الكليات العراقية , وفي بعض المعاهد التابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي ومنها معهد التاريخ العربي , وأنه اي ادورد سعيد تعرض لهجمة شرسة من ألأعلام الخليجي والمصري بعد عام 1990 بسبب معارضته للحرب ضد العراق , وبسبب مشاركته بالدعوة لرفع الحصار عن العراق , وكذلك موقفه المتميز ضد كنعان مكية المروج لقيام ألأميركان والغرب بغزو العراق.
بقي ان اقول انني التقيته مرتين عندما كنت اشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الخمسين في نيويورك , حضرت عام 1997 دعوة غذاء اقامها السفير د. سعيد الموسوي في دار سكنه , وكان من بين المدعوين سفير روسيا لدى ألأمم المتحدة سيرجي لافروف ( وزير الخارجية الحالي ) , وادورد وديع سعيد استاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا,وألأستاذ المحاضر في عدد من الجامعات ومراكز البحوث ألأميركية , والصحفية اللبنانية راغدة ضرغام , وعدد من مؤيدي حملة رفع الحصار عن العراق من الشخصيات التي كان السفير ينسق معها في هذه الحملة , وألأخرى مع عدد من الدبلوماسيين في الدوبلوماتيك لونج في مقر ألأمم المتحدة , والذي لفت نظري عن السيد ادورد سعيد انه كان يتحدث عن مجتمعنا العربي وكأنني أجالس المرحوم علي الوردي وأسمع تعليقاته وقفشاته عن تاريخ العراق والعرب عندما أقرأ كتبه او أتابع أخباره , او مجالسته عندما يحضر الى بستان عديله في الهويدر.
رحم الله أدورد سعيد العروبي الذي اعطى للقومية العربية حقها , وظل على موقفه المدافع لحين مغادرته الحياة عام 2004 , وشكرا للأستاذ ثامر على التذكير به.