مقامة أطاعة المسؤول

مقامة أطاعة المسؤول

عام 1977عندما تخرجت من جامعة بغداد , تم سوقي الى كلية الضباط الأحتياط لأداء الخدمة العسكرية , ولما أنتظروا وصول قسيمتي الحزبية لمدة أسبوعين , ولم يجدوا لها أثرا , تم احالتي الى مركز تدريب المحاويل للمدفعية , لأساق كجندي خريج , وليس كظابط احتياط كما كان مؤملا , وبعد التدريب نقلت الى احد بطريات المدفعية في بعقوبة بدرجة نائب عريف خريج , وتم ألأرتباط الحزبي معي قبل وصول قسيمتي , في خلية ضمت كثير من زملائي الخريجين الحزبيين والمستقلين , كان المسؤول عن الخلية ضابط شاب من بلدروز من أسرة فلاحية معروفة , وبدرجة ( رفيق , عضو عامل ) , ألا ان الطبيعة الريفية كانت غالبة عليه , فلم يكن يقبل أي مناقشة أو سماع رأي مخالف لما يقوله , وكانت طريقته في شرح الموضوع الثقافي أن يقرأ احد الحضور جزءا من موضوع الكتاب المعد للأنصار , ثم يطلب المسؤول من الرفيق الجالس جنبه أتمام القراءة , الى أن يمر الكتاب على الجميع , وكما كان معلمنا في الصف ألأول ألأبتدائي يعلمنا القراءة , دون شرح أو تعليق .

في أحد الأجتماعات كان الموضوع الثقافي عن الطبقية في المجتمع , كانت هناك عبارة تتحدث عن السلم ألأجتماعي ( بضم السين وتشديد اللام ) , ولكن الرفيق الذي قرأها قالها ( بكسر السين وتسكين اللام ) , ودون ان يصححها الرفيق المسؤول , مما حدا بي الى ان ارفع أصبعي , وأستأذن لأشرح بأنها بضم السين لأن الموضوع يتحدث عن طبقات المجتمع , وبالتالي لابد من درجات السلم بضم السين , اجاب المسؤول بأن القراءة صحيحة وبأني مخطيء , ألا اني ازددت اصرارا , وأسهبت في شرح رأيي , مما حدا به الى اسكاتي , مستهزئا من شرحي , واستمروا في القراءة .

في اليوم التالي صباحا كنت في ساحة التدريب الباكر , وبعد أنتهاء درس الرياضة والهرولة الذي استمر لمدة ساعة كاملة , عدت منهكا للأستراحة مع زملائي , الا اني وحال جلوسي سمعت الضابط يناديني بالأسم , مما جعلني أقوم متثاقلا لمعرفة مايريده مني , وبعد ان أديت التحية العسكرية , ابتسم في وجهي مستذكرا حديثي في ألأجتماع الحزبي , وسألني عما اذا كنت مصرا على رأيي , مما جعلني أؤكد له رأيي السابق بمزيد من الشرح عن الطبقية , وتشبيهها بعتبات السلم الواحدة فوق ألأخرى , فضحك وقال لي (( سأقنعك بأنه سلم بكسر السين وليس سلم بضمها , اطلب منك ان تهرول فورا حول ساحة التدريب بكامل عدتك )) , كانت الساحة اوسع من ملعب لكرة القدم , فدرتها وانا المتعب أصلا , ولما عدت له , سألني أذا كنت لاازال مصرا , ليعيد هرولتي مرة أخرى , مما جعلني أستسلم له وأعترف بصحة رأيه وبأنه السلم بالكسر وليس بالضم .

أحدث المقالات

أحدث المقالات