22 ديسمبر، 2024 11:02 م

مقال / آفاق تدخل المرجعية/ 2

مقال / آفاق تدخل المرجعية/ 2

ان اهمية المظاهرات الحالية ليس في حجمها بل بنوعها في كونها ستبقى كجذوة وان غطاها الرماد كما يبدو لكنها مخبوءة بانتظار من يثيرها عندما يتراكم الغضب الجماعي او غضب شريحة معينة فنارها باقية لن تنطفئ تتحين الفرص لتحرق الفساد ورموزه.ان جزء كبير من فتور المظاهرات يكمن في طبيعة الشعوب فالشعب العراقي مُتعب , انهكته ابتداءا ً سلسلة الاعدامات في السبعينات بل وقبلها ثم حرب ايران وبعدها الانتفاضة ثم فترة الحصار كل تلك الاحداث اكلت خيرة رجال هذا الجيل وشبابه فتم ترويض الشعب بعد تقليم مخالبه وأنيابه , ولن تعود هذه للنمو الا بعد مضي فترة معينة.
المظاهرات كذلك تمثل حكم تاريخي على هذه الحقبة وقادتها بأنها حقبة سرقات قادها لصوص وهو امر مهم لأجيالنا التي ستلتفت للوراء بعد 200 او 500 سنة لترى ان هذه الحقبة كانت كذلك والدليل خروج مظاهرات فضحت تلك الفترة ووصمتها بهذه الصفة ورعتها المرجعية ولولا ذلك لسألت الاجيال اللاحقة اين هو الدليل على ادعاء لصوصية تلك الفترة فمن غير المعقول ان لا يتحرك الناس لرفضها.
الى الان العبادي اثبت انه ليس رجل المرحلة وانه ليس من طراز بسمارك او ابراهام لنكولن او السيسي فاولئك طراز من قادة عظام ذوي ارادة اجابوا اممهم عندما دعتهم. والعبادي الان بعد ان فقد المبادرة اصبح تحت رحمة خصومه الذين استوعبوا الضربة الاولى وقد اعطاهم العبادي الفرصة لاستعادة المبادرة. فإما يكون الرجل متردد وليس من نبحث عنه لسوء حظ الناس او هو متمالىء معهم .
وإذا كان عذره خوفه من الصدام المباشر لانه قد يعني تحطيم العملية السياسية وبالتالي قد تخرج الامور عن السيطرة ونعيش وضع اسوأ من وضعنا , لربما هذا تبرير منطقي لكنه مع ذلك لا يبرر عدم اقدامه على خطوات مؤثرة مع انها لن تؤدي لانهيار الوضع من قبيل اعلان استقالته من حزب الدعوة فهو ان خشي انهم سيبحثون عن اكثرية برلمانية لاستبداله فالمفروض انه يسبقهم للبحث عن هذه الاغلبية ويدعوا البرلمانيين للأستقالة من كتلهم وبالتالي يُكّون اكثرية سياسية من مستقلين تسانده.وكذلك كان يستطيع لو صدق ان يفعل ما اشارت عليه به المرجعية وهو الاشارة لمن يعارض الاصلاح فيذكر اسمه علنا ً وهو سلاح قاصم لدرجة انه لم يلجأ اليه اي سياسي منذ 2003 فقط يهددون به.
اما السنة فعليهم التوقف عن حلم ارجاع الساعة للوراء بأيدي ملطخة بالدماء والقيام بدلا ً منه بما هو ممكن كمشاركتهم في التظاهر بقوة فالشيعة خرجوا على قادتهم الشيعة ولم يطلقوا اي شعارات طائفية وهو امر من مصلحة السنة ويوفر حاضنة وطنية لشبابهم الناقم افضل من حاضنة الارهاب.
ان قادة الشيعة السياسيين قد يواجهوا المظاهرات في مرحلة ٍ ما فهم قد هددوها فعلا ً لكنها مع ذلك ستكون خطوة محفوفة بالمخاطر لأنهم يتعاملون مع حاضنتهم هذه المرة وهنا مكمن الخطر فالقتال الطائفي في بغداد 2006 حسمه الشيعة لهم لان حاضنتهم كانت معهم , اما وقد يفكرون هذه المرة بمواجهة حاضنتهم فاعتقد ان الامور لن تسير لصالحهم حتى وان وفر التحالف الشيعي لباقر جبر كل دريلات الدنيا.
القادة السياسيين الشيعة احنوا رؤوسهم بداية امام الريح حتى اذا مرت واظبوا على انتقاد المظاهرات ووصفها بالعمالة او بالعلمانية او هددوها ثالثة لكن الطفها ما صرح به هادي العامري من ان تراجع الحشد في بيجي هو بسبب المظاهرات لأنشغال القوات الامنية بحمايتها وهو تصريح يذكر بتبرير عدنان حمد لفشله مع المنتخب حين قال انه خسر بسبب الاحتلال إذ ان كلا التصريحان يمثلان نكات تنتمي لخانة التهريج السياسي.
شاركت مجموعة من المعممين تمثل العصائب وقد اخذت جانبا ً من ساحة التظاهر بالحبوبي في مرة اولى منها شغلوا نشيد ” نحن لا  نهزم ومنا عطاء الدم ” وهو خطاب تعبوي تشترك فيه الانظمة الشمولية على اختلاف اطيافها وهذا النشيد مكانه ساحة المعركة وليس ساحة التظاهر لكن يبدو ان كل شيء من اجل المعركة.وفي مناسبة ثانية شغلوا دعاء كميل والحال ان خصمنا يقرأ دعاء كميل ايضا ً وهو ليس خلافنا معه  ومرة ثالثة ادعوا انهم يقفون بوجه كل من يتجاوز على المرجعية والحقيقة انه لم يحصل اي تجاوز على المرجعية الا انهم يقصدون مرجعية اخرى غير مرجعية السيستاني وهذا ممكن لان كل قادة الشيعة لا يتبعونها تقليدا ً في حين ان الواقع يقول ان المدعي بالدفاع عن المرجعية هو اول متجاوز عليها عندما نادى بتغيير النظام الى رئاسي في حين ان توجيهات المرجعية تصر على تعديل النظام من الداخل والإبقاء على النظام البرلماني.