لطالما راودنا تساؤل غاضب عن الكيفية التي يبعث بها الاسلاميين المتشددين لأشخاص يقومون بعمليات ارهابية تحمل معها الموت للآخرين ، فالشخص الطبيعي يميل لاستغراب جميع أشكال العمليات الهجومية والتي قد يكون المقصد منها – كما يفهم عموما – ضرورة الالتفات الى مقصد فاعليها والى عقيدتهم محاولين فرض احترامهم ورهبتهم ولو بالقوة امام العالم محاولة منهم لاستعادة مكانة كانوا قد فقدوها لمئات السنين تحت اسم او راية الله اكبر ، وإذا اردنا الوصول لتصور قريب يشرح الخلفية الفكرية والنفسية التي تحمل الآمرين المخططين ومن ثم المنفذين أصحاب العقيدة على ارتكاب جرائمهم توجب علينا طرح السؤال التالي : على ماذا يعتمد ذلك المكر الكامن وراء تلك الفتاوى المأساوية التي ينطق بها بعض رجال الدين ؟ انه حتما قائم على استغلال الهدف وذلك قبل تحوله الى ارهابي والذي يكون في حالة صراع نفسي سببه شعور بالإحباط ناجم عن كونه لا يستطيع الجزم بان ذنوبه سوف تغفر له أخيرا ام لا ، وهو في اعماقه يكون مستعدا لفعل أي شيء لإيقاف هذا الذعر الدفين والذي يجعله في قلق مستمر . وهنا يكون دور المرشدين الذين يصرخون بأعلى صوت مبلغين بان الدين في خطر كبير! ،وأنه يتوجب على الشباب المؤمنين ان يدافعوا عنه حتى يحافظوا عليه ، ولا سبيل لذلك سوى الجهاد ومن ثم الجهاد ! ، وان استشهادهم سوف يقفز بهم الى مرتبة مقربة من الله لأنه سوف يغفر لهم جميع ذنوبهم فورا ليدخلوا جنته وحتى دون ان يتم استجوابهم يوم القيامة ، وهكذا…، يرتاح المتلقي لأنه سيستطيع انهاء خوفه من خلال فعل يضمن له كل شيء بضربة حجر واحد ، فالحرب المقدسة كما يصفوها لهم هي وحدها التي سوف تحافظ على نقاء ارواحهم الى الأبد لأنها حرب ضد من كفر بالله ! . ومن خلال ما ورد دعونا نلاحظ أن تلك الأفكار الجميلة في ظاهرها والقبيحة في غايتها هي التي ستقفز بالمجاهد المزعوم من حضيض اليأس الى قمة النشوة وحب الفوز بالقرب من الله ، مما يسهل عليه قتل الآخر وذبحه حيا طالما أن الله مبارك لما يفعل بمن كفرو به ! ، فجهلهم وضيق الافق في تفكيرهم يحجب عنهم ابسط الافكار التي تستغرب حاجة الاله لذبح ملايين الناس عبر التاريخ كي يتمم انتشار دينه على أكمل وجه ! ، والحق ان أي رجل دين يدعو الى هذا النوع من الجهاد او ممن يخطط ويأمر بأي عمل دموي : انما يكون دافعه اساسا هو الحفاظ على المكاسب التي لم يكن ليحلم بالحصول عليها فيما لو بقي بعيدا عن الكسوة الدينية ، لان الاحترام والتقدير لمكانته من قبل مريديه ، فضلا عن الاموال الطائلة التي تصله حتى لو كان مصدرها الشيطان ذاته ، تزيده رغبة في تعزيز تلك المكانة والحفاظ على سلطته وموقعه مستخدما أو مستغلا لمنصب ديني يجلب اليه كل انواع الملذات التي يشتهيها من وراء الحجب ,لذلك يعمد على خلق أو اشراك رغبة لله وهو أعلم بها لخدمة ما يرغب به وما يطمح إليه ، فالمعادلة الخطيرة التي حصلت للأسف في وعيه كتبت كالتالي : فليكن لي الحياة والعزة والمال حتى لو كلف الأمر موت الآخرين ، ولا تستغربوا ذلك لأن البشر عبر التاريخ وجدوا الكثير من المبررات لقتل الناس في الحروب والفتوحات او حتى ابادة شعوب كاملة للاستقرار في أراضيها ، وإيقاف تلك المبررات برأيي هو التحدي الأهم لارتقاء ضمير الانسانية ككل. وهنا أود القول بأنه يجدر على حكومات الدول التي ينشأ فيها هذا الفكر السرطاني ، عدم تجاهل الطبقات المرهقة ماديا من الناس والذين ضاق بهم الفؤاد من الفساد والظلم الذي يصيبهم أو حالة اللا عدل التي تطلق في نفوسهم مشاعر الحقد ، لأنهم أصلا في وضع معيشي بائس , مما يضرهم للجوء الى الدين حتى يواسيهم ويدخل اليهم بعض الاطمئنان ، والحق ان جميع الاديان تعتبر المساحة الآمنة لنفوس معتقديها ومريديها ، ولكن هناك فخ قد نصب حقا استغل واضعوه شهرة دينهم وانتشاره الواسع للإيقاع بضحية تستخدم لتنفيذ حكم الاعدام على الكثير من الأبرياء ، فمكافحة الارهاب اذن تبدأ من ضرورة تحسين واقع حال الضحية الأولى ، وذلك قبل استدراجها الى الفخ الذي من شأنه تحويل من يقع فيه… الى متطرف حاقد .