19 ديسمبر، 2024 12:58 ص

مقاسات على طول الوطن  

مقاسات على طول الوطن  

في لقاء تشرفت به مع سماحة السيد آية الله حسين إسماعيل الصدر قبل أكثر من سنة تقريبا تعلمت منه درسا بليغا أضاف لي فيه خبرة جديدة في الاستعارة اللفظية والمعنوية بين الدين والوطنية. كان حديثنا عن الطائفية. وعن الطائفيين. وعن الصراع الطائفي وما قد يؤدي إليه من مخاطر تهدد وحدة العراق. قال السيد الصدر في حينها : إن الإيمان بوحدة الوطن تشبه إلى حد كبير الإيمان بوحدة القرآن الكريم. وتساءل سماحته : هل يجوز أن يؤمن المرء ببعض منه ويكفر ببعض آخر؟؟. وهو يشير بهذا الكلام طبعا إلى الآية الكريمة : ” أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ “. فانطبعت هذه الصورة في ذهني وأخذت مجراها إلى أعماقي وهي تتفاعل لتذكرني بالطائفيين الذين يحبون أو يتظاهرون بحب الديوانية والسماوة ويكرهون صلاح الدين والأنبار وهؤلاء أمثالهم الذين يحبون أو يتظاهرون بحب الأنبار وديالى ويكرهون البصرة وميسان. ووجدت نفسي أفرش يدي أمامي لأتساءل كيف يتأتى لهم هذا ؟؟ .. ألا يستحقون قول الله تعالى في نفس الآية من توبيخ وإدانة ” فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ” [البقرة:85]. ؟؟
ورحت أسحب من القرآن الكريم مقاسات على طول الوطن .. نعم هكذا .. وأظن أن لا يستطيع أحد أن يكفرني إذ استعير من الدين مقولة الشرك بالله وعقوبتها وإدانة مرتكبيها وفاعليها إذ هي أكبر الكبائر التي : ” إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ” [النساء:48]؟ لأجعلها مقاسا للوطنية وتحريم الشرك بالوطن .. لذلك أقول إن الولاء لغير الوطن شرك .. والعمل لصالح دولة غير الوطن شرك .. والإستقواء بالأجنبي على أبناء الوطن شرك .. واستقدام الأجنبي لاحتلال أرض الوطن شرك .. وبيع أراضي الوطن شرك … والتنازل عن مصالح الوطن شرك .. وتقسيم الوطن شرك ..
” قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ” [الكافرون]..