23 ديسمبر، 2024 8:46 ص

مفهوم الوظيفة العامة والية اختيار الموظف في العراق

مفهوم الوظيفة العامة والية اختيار الموظف في العراق

يحكى أنه كان هناك ملك يعشق الصيد في الغابات وكان لهذا الملك وزير مختص بحالة الطقس فإذا ما أراد الملك أن يخرج للصيد أمر الوزير أن ينظر في أمر الطقس فيذهب الوزير ويقرأ مسارات النجوم ثم يعود للملك فيخبره إذا كان الطقس مناسبا للخروج أو غير ذلك حتى جاء يوم أراد الملك أن يخرج للصيد وقرر أن يصحب معه الأميرة والملكة حتى يشاهدا براعته في الصيد وأمر الوزير أن يخبره عن حال الطقس فقال الوزير الطقس رائع ومناسب جدا يا مولاي فخرج الملك في موكبه بصحبة الأميرة والملكة وما أن أوغلوا في قلب الغابة حتى أنقلب الجو فجأة .. رياح وأعاصير وسحب وأمطار وأتربة فسقطت الأميرة والملكة في الوحل !! وغضب الملك غضبا شديدا ونقم على وزير الطقس وبينما هم عائدون إذ رأى على أطراف الغابة كوخا لأحد الحطابين يخرج منه الدخان فطرق الباب فخرج إليه الحطاب فسأله الملك لماذا لم تخرج لجمع الحطب ؟ فأجاب الحطاب كنت أعرف أن الطقس سيكون اليوم سيئا فلم أخرج فاندهش الملك وقال وكيف عرفت ذلك ؟ فقال الحطاب عرفت من حماري هذا !! فقال الملك  كيف ذلك ؟
قال الحطاب عندما أصبح أنظر إلى حماري هذا فإن وجدت أذناه واقفتان عرفت أن الجو سيئ وإن وجدت أذناه نازلتان عرفت أن الجو مناسب فنظر الملك إلى وزيره وقال له أنت مفصول وأمر بصرف راتب شهري للحطاب وأخذ منه حماره وأصدر الملك مرسوما ملكيا بتعيين الحمار وزيرا للطقس ومنذ ذالك الحين والحمير تتولى المناصب الرفيعة في المملكة !!
فمادام الحمير عفوا اقصد الموظفين غير الأكفاء يعتلون المناصب الرفيعة بالدولة فاعتقد إن العراق لن يتطور في ظل فشل النظام الوظيفي المعتمد في العراق وكذلك إلية اختيار الموظف لشغل الوظيفة العامة وهنا يبرز سؤال مفاده ماهو مفهوم الوظيفة العامة ؟ وماهية إلية اختيار الموظف العام؟ وماهي المعالجات في سبيل النهوض بالوظيفة العامة؟
حيث اعتبرت بعض المدارس مفهوم الوظيفة العامة ومنها (الفرنسية) يقوم على أساس الاحتراف واستقرار العمل الذي يحدده نظام قانوني يمنح الموظف ضمانات وامتيازات لايتمتع بها المواطن العادي ونظام تأديبي يحدد واجبات الموظف والعقوبات في حالة المخالفة حيث تكون العلاقة هنا علاقة تنظيمية.
وترى مدرسة أخرى ومنها (الأمريكية – كندا – سويسرا) أن الموظف يخضع لنفس القانون الذي يخضع له عمال النشاط الخاص ولايتمتع بأي حقوق خاصة سوى الحقوق التي يتمتع بها المواطن العادي إي أن الموظف يخضع للقانون الخاص حيث تكون العلاقة هنا تعاقدية.
 
إما بالنسبة لإلية اختيار الموظف العام فهناك عدة أساليب ومنها:-     
1-  أسلوب الانتخاب حيث يتم اختيار الموظف عن طريق الشعب كاختيار الحكام.
2- أسلوب المسابقة أو الاختبار حيث يقوم هذا الأسلوب على اختيار الموظف من بين عدد من المرشحين بعد إجراء امتحان (تحريري و شفوي ) تقوم به هيئة متخصصة.
3- أسلوب الإعداد الفني حيث يقوم هذا الأسلوب على قيام الإدارية بإعداد الموظفين إعدادا خاصا عن طريق مدارس فنية متخصصة مثل مراكز التدريب المهني التابعة إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حيث تقوم بإعداد كوادر فنية ويتم توزيعهم بعد ذلك على الدوائر الأخرى وحسب الاختصاص.
4-أسلوب الأسلاب والغنائم ويقوم هذا الأسلوب على اختيار الموظف عن طريق الواسطة والمحسوبية ودرجة القرابة وهو من الأساليب المعتمدة حاليا في العراق بعد عام 2003 وأهم سلبياته انه يشيع الفوضى والفساد والتخلف في دوائر الدولة حيث تتراجع الوظيفة العامة فنيا وإداريا.
وبعد ان تطرقنا إلى مفهوم الوظيفة والية اختيار الموظف العام فلابد من تقديم معالجات لمفهوم الوظيفة العامة في العراق والية اختيار الموظف  في سبيل النهوض بهما وبالتالي تطور البلد والقضاء على الفساد الذي استشرى وبصورة مخيفة حيث أرى لابد من تقسيم مفهوم الوظيفة في العراق إلى مفهومين:
الأول – مفهوم العلاقة التنظيمية لبعض الوظائف ومنها (مدير قسم /مدير دائرة/معاون مدير عام /مدير عام /إلى أعلى وظيفة إدارية وهي وظيفة وكيل وزير والذي تناط به جميع الصلاحيات حسب الاختصاص فيما إذا كان إداريا او فنيا وتترك بعض الصلاحيات البسيطة جدا إلى الوزير لان الوزير ليس ذو اختصاص وتأتي به عملية سياسيه وبالتالي القول بإعطاء جميع الصلاحيات له يؤدي إلى الفوضى والتخلف والفساد والمحسوبية ) ويتم اختيار هؤلاء الموظفين عن طريق إنشاء معهد  متخصص يعلن عن الوظائف الشاغرة في جميع إنحاء العراق ويفتح أبواب التقديم للترشح لهذه الوظيفة وفق شروط منها( مدة الخدمة في الاختصاص المطلوب– التحصيل الدراسي) ويتم اختبار هؤلاء المتقدمين وبعد اختيار العدد المطلوب مع عدد أخر للاحتياط يتم إدخالهم في دورة تدريبية تكون مدتها حسب الوظيفة (ستة أشهر او سنة او سنتان حسب نوع الوظيفة المراد إشغالها) ويتم إقصاء من ثبت عدم كفائتة ويمنح المتخرج شهادة إدارية عليا تؤهله لاعتلاء المناصب الإدارية وبعد ذلك تصدر أوامر إدارية بتعينهم في الوظائف المحددة كلا حسب اختصاصه ويصدر قانون ينظم حقوقهم وواجباتهم والامتيازات الممنوحة لهم ونظام تأديبي يحدد العقوبات في حالة المخالفة حيث لايجوز إقصاء الموظف من إعمال وظيفته إلا وفقا للإلية المحددة بالقانون وفي حالة نشوء خلاف فان محاكم القضاء الإداري هي المختصة بالنظر في هذا.
 الثاني- مفهوم العلاقة التعاقدية في الوظائف الأخرى والتي هي (دون منصب مدير قسم) حيث تحدد حقوقهم وواجباتهم وامتيازاتهم وفقا للعقد المبرم بينهم وبين الإدارة بحيث تستطيع الإدارة ( والمقصود بالإدارة هنا هو مدير القسم) حيث يكون في هذه الحالة الاستغناء عن الموظف إذا ثبت عدم كفاءته أو زوال العمل المكلف به ويتم تحديد الأجور حسب نوع العمل المناط به وليس الشهادة لان القول بهذا سوف يؤدي إلى ظهور إعداد كبيره من الموظفين يحملون شهادات عليا أو وسطيه وهم يقومون بإعمال خدمية فتقل قيمة الشهادة وكذلك يلجأ الموظف إلى اقصر الطرق وأسهلها ومنها(الجامعات الأهلية ) للحصول على شهادات دون جهود تبذل أو ماده علمية تعطى حيث لاحظنا تخرج موظفين من جامعات في بغداد وهم ساكني محافظة البصرة دون إجازة دراسية والسؤال كيف يوفق الموظف هنا بين أداء واجبات وظيفته وبين الحضور إلى الصفوف الدراسية !!!! ويتم اختيار هذا النوع من الموظفين أيضا عن طريق الاختبار وحسب الإعمال المناط به إشغالها وبعد ثبات كفاءة المتقدم يتم توقيع عقد معه لمدة سنة ابتداءا وبعد ذلك تكون المدة تصاعدية فيما لو ثبت الموظف جدارة وكفاءة في أداء مهام وإعمال الوظيفة والالتزام بالواجبات وفي حالة نشوب خلاف بين الموظف والإدارة فان المحاكم العادية هي المختصة بنظر هذا الخلاف.