من سيئات هذا النظام العديدة أنه قام بتشويه المفاهيم وأساء إلى معانيها ودلالاتها حتى وصل الحال بالجماهير أنها تكره لفظ الديمقراطية والوطنية والمقاومة والحزب والانتخابات والسياسي وكل مايتم تداوله في نظامنا الحالي تم تشويهه وقلب معناه وهو أمر مقصود فاختطاف المفاهيم وتشويهها من أهم أركان مشروعهم في اختطاف الدولة والوطن والشعب..
وإذا كان اختطاف المفاهيم وتشويهها من الإشكاليات العظيمة في مشروع التغيير فإن الإشكالية الأكبر والأخطر هو عدم الوعي بذلك والانجرار في فخ التشويه فمثلا يعاني السياسي الوطني حينما يؤسس حزبا ويعاني حينما يريد أن يكون معارضا لأن هذان المفهومان يحملان تجارب مسيئة وممقوتة وقميئة لأحزاب هذا النظام ولرموزه الحاكمة فانعكس كل ذلك على المفاهيم ..
لذلك فأي مشروع وطني اليوم للمعارضة عليه قبل كل شيء أن يبدأ بتقويم مفهوم المعارضة وتصحيح مداليله وأن لا يألو جهدا في بث الوعي عند الجماهير وسيتم ذلك حينما يتحلى المعارضون بصفات القيادة الوطنية وحينما يؤسسون برنامجا وطنيا يعملون عليه ليل نهار لإنقاذ الوطن وحقا الطريق طويل وواهم من يعتقد بأن تأسيس نظام وطني سيتم بين ليلة وضحاها فمعركة المفاهيم وحدها قد تستغرق منا سنينا وعقودا..
إن الطريق لتأسيس معارضة وطنية يتم من خلال ركنين أساسيين هما
النظرية والتطبيق
ولا قيمة للنظرية من دون القدرة على تطبيقها على أرض الواقع فالتغيير لا يأتي فقط بالكلام والتنظير ونشر البيانات وإن كان كل ذلك مهما بل وضروريا لأي تغيير جديد ولكن أيضا من دون نظرية متكاملة ستكون خطوات التطبيق كالعشوائيات .. إذن هذا ما يجب أن يعمل عليه المعارضون ليكونوا حقا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم ..
وسأكون سعيدا لو انبرى المفكرون الوطنيون جنبا إلى جنب أخوتهم من المعارضين للبدء بوضع نظرية وطنية للمعارضة تحمل في تلابيبها هموم الوطن وناسه الأصلاء لتكون الخطوة الأولى على طريق التغيير والارتقاء وإنقاذ وطننا وشعبنا من براثن هذا الاحتلال البغيض ..
…