تتعلق مفاهيم (السياسة والسلطة والدولة) عند الإمام علي بن أبي طالب.. بحاجة المجتمع الإنساني لها من حيث:
ـ قيم العدل والعفو.. وتربية (جهاد النفس).
ـ مستقبل الساسة رَهين بـ (حُسن السياسة).
ـ يحدد الإمام علي.. مفهوم الدولة حيث يقول:
“لكل دولة بُرهة”.. فما هي: القيم السياسية.. والإدارية.. والإرشادية.. لإقبال الدولة وقيامها
عنده (عليه السلام) حيث يحددها ب:
1. العدل: حُصِّن الدول.. فهو: سور يحمي الدولة من السقوط أمام العدوان الخارجي.
2. الحِذقُ: (المهارة.. وبُعد النظر).. والقدرة على دقة التصرف في الأمور.
ـ حيث يقول (عليه السلام): “أماراتُ الدول إنشاء الحِيَلِ”.. ويعني بالمفاهيم الحالية (الرجل المناسب في المكان المناسب).
3. اليقظة والانتباه: حيث يقول الإمام: “من دلائل الدولة قلة الغفلة”.
ـ و “من أمارات الدولة.. التيقظ لحراسة الأمور”..
ـ فللدولة (القوة المتأهبة للدفاع عنها).
ـ وللدولة حراسها في التخوم وحراسها في الداخل).
4ـ الأخطار المحدقة بالدولة:
ـ يحذر الإمام منذ البداية من الإنسان “الشرير”.. عند قيام الدولة وزوالها.
ـ حيث يقول: “احذر الشرير”:
ـ عند إقبال الدولة.. لِئلا يُزيلها عنك.. وعند إدبارها لِئلا يُعِين عليك”.
5ـ أسباب زوال الدولة عنده (عليه السلام) فيحددها الإمام بثمان علامات..
وهي:
ـ تضييعُ الأصول.. (وتعني: تضييع حقوق الفرد والمجتمع).
ـ التمسكُ بالغُرورِ.. (وتعني: الاستبداد والتفرد بالسلطة).
ـ تقديم الأراذل.. وتأخيرُ الأفاضل.. أي : (تقديم الفاسد.. وتأخير الصالح).
ـ الفرقة: تؤدي الى الضعف.. والضعف يؤدي الذُل.. والذُل يؤدي الى زوال الدولة.. وذهاب النعمة.
ـ بمعنى الاستبداد.. والتفرد بالحكم.. والسلطة (اوتوقراطية).
6ـ روحية التكاثر.. وجمع الأموال لدى مسؤولي الدولة.. (أي الفساد المالي عند المسؤولين).
7ـ سوء الظن والتشاؤم ببقاء الدولة وديمومتها.
8ـ عدم الاعتبار بالعبر والتجارب السابقة.
يقول (عليه السلام) في عهده لمالك الأشتر النخعي: “إنما يُؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها..
ـ وإنما يُعْوِزُ أهلها لإشرافِ أنفس الولاة على الجمع.. وسوء ظنهم بالبقاء.. وقلة انتفاعهم بالعبر”.
ـ وإذا تولى زمام الحكم والسلطة فيها الإنسان الفاسد والسيئ.. فانه يمكن أن يقلب الباطل إلى حق ويقلب الحق إلى باطل.
ـ حيث يقول (عليه السلام): “الدولة تردُ خطاء صاحبها صواباً.. وصواب ضدهِ خطأً
مظاهر السياسة عند الإمام (عليه السلام)..هي:
ـ بإزالة جميع أسباب التخلف والانحطاط..
ـ وتحقيق حياة كريمة يجد فيها الإنسان جميع متطلبات حياته.. من الأمن والرخاء والاستقرار.
نؤشر بعض مظاهرها عند الإمام:
أولا: المساواة: وتتجسد في:
أ- المساواة في الحقوق والواجبات.
ب- المساواة في العطاء.
ج- المساواة أمام القانون.
ـ لقد ألزم الإمام (عليه السلام) عُمّاله وَوُلاته بتطبيق المساواة بين الناس على اختلاف قوميّاتهم وأديانهم.
فيقول: (عليه السلام) في بعض رسائله إلى عماله:
(واخفضْ للرعيّة جناحك.ً. وابسط لهم وجهكً.. وأَلِنْ لهم جنابكً.. وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة.. والإشارة والتحية.. حتى لا يطمع العظماء في حيفكً.. ولا ييأس الضعفاء من عدلكَ).
ثانياً: الحرية:
ـ الحرية عند الإمام (عليه السلام).. هي من:
ـ الحقوق الذاتية لكل إنسان..
ـ يجب أن تتوفر للجميع.. شريطة أن لا تستغلّ في الاعتداء والإضرار بالناس.
ـ من أبرز معالمها هي الحُرّية السياسية.. ويعني بها أن:
ـ أن تُتَاح للناس الحرية التامة في اعتناق أي مذهب سياسي دون أن تفرض عليهم السلطة رأياً معاكساً لما يذهبون إليه.
ـ منح الإمام (عليه السلام) هذه الحرية بأرحب مفاهيمها للناس.. وقد منحها لأعدائه وخصومه الذين تخلفوا عن بيعته.
ـ فكان الإمام (عليه السلام) يرى أن الناس أحرار.. ويجب على الدولة أن توفر لهم حريتهم ما دام لم يخلوا بالأمن.. ولم يعلنوا التمرد والخروج على الحكم القائم.
ـ منح (عليه السلام) الحرية للخوارج.. ولم يحرمهم عطاءهم.. مع العلم أنهم كانوا يشكلون أقوى حزب معارض لحكومته.
ـ فلما سَعوا في الأرض فساداً.. وأذاعوا الذعر والخوف بين الناس.. انبرى إلى قتالهم حفظاً على النظام العام.. وحفظاً على سلامة الشعب.
ثالثاً: الدعوة إلى وحدة الأمة:
ـ جهد الإمام كأكثر ما يكون الجهد والعناء على العمل على توحيد صفوف الأمة.. ونشر الأُلفة والمحبة بين أبنائها.
ـ اعتبر (عليه السلام) الأُلفة الإسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الأمة.
ـ حيث يقول: (إنّ الله سبحانه قد امتَنّ على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلها.. ويأوون إلى كنفها بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة.. لأنها أرجح من كل ثمن.. وأجلُّ من كل خطر).
ـ وعنى الإمام (عليه السلام) بوحدة الأمة.. وتبنّي جميع الأسباب التي تؤدي إلى تماسكها واجتماع كلمتها.. وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع أدوار حياته.
رابعاً: تربية الأمة:
ـ أولى أمير المؤمنين (عليه السلام) المزيد من اهتمامه بهذه الناحية.. فاتخذ جامع الكوفة معهداً يلقي فيه محاضراته الدينية والتوجيهية.
ـ كان (عليه السلام) يشغل أكثر أوقاته بالدعوة إلى الله.. وإظهار فلسفة التوحيد.. وبَثّ الآداب والأخلاق الإسلامية مستهدفا من ذلك نشر الوعي الديني.. وخلق جيل يؤمن بالله إيمانا عقائدياً لا تقليدياً.
ـ كان الإمام (عليه السلام) المؤسس الأعلى للعلوم والمعارف في دنيا الإسلام.
ـ بذل جميع جهوده على إشاعة العلم ونشر الآداب والثقافة بين المسلمين.
ـ فكان دوماً يذيع بين أصحابه قوله: (سَلوني قَبلَ أن تفقدوني.. سَلوني عن طُرق السَّماء.. فإني أبصَرُ بها من طُرُق الأرض).
الخاتمة:
ـ (أيها المسؤولون في عراق اليوم.. أين أنتم من هذه السياسة.. وأية فقرة طبقتم منها ؟.
ـ ألا تخجلون من أنفسكم: سياستكم: (كذب.. وتزوير.. وطائفية مقيتة.. وتقسيم الكعكة.. وسرقة المال العام.. والقتل.. والخطف.. والاستيلاء على أموال الناس.. وتمارسون كل الموبقات).
(الأسوأ: هو أولئكً الفاسدون الذين يهتفون لكم: (علي وياك علي).. للفاسدين !!