23 ديسمبر، 2024 12:44 ص

مفهوم السياسة.. والسلطة.. والدولة.. عند الإمام علي بن أبي طالب

مفهوم السياسة.. والسلطة.. والدولة.. عند الإمام علي بن أبي طالب

 

ـ رغم ما حصل بعد وفاة الرسول ﷺ.. كان الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

 

ـ ناصحاً حينما يُستشار.. وفي قضايا جوهرية واساسية.. سألوه فيها

 

ـ فقد كان يعطي النصيحة.. الصحيحة.. والواثقة.. والأمينة

 

 

 

مفهوم الدولة والسلطة.. عند الإمام علي بن أبي طالب

 

اولاً: مفهوم السياسة ..عند الإمام علي (عليه السلام)

 

– يستقي الامام علي بن ابي طالب.. مفهوم السياسة معناه من المفهومين القرآني والنبوي

 

– وهذا المفهوم لا يتقوم معناه بالمفهوم القرآني فحسب كما ذهب أحدهم في “رزية يوم الخميس”.. وإنما يعد جزء من كل متكامل الوحي (القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهرة)

 

 

– فقد وردت في الحِكم السياسية القصار للإمام علي (عليه السلام) مفردة السياسة.. وما يتعلق بها من حاجة المجتمع الإنساني لها ومن قيم سياسية وجمالية (العدل والعفو)

 

– وتربية نفسية للقائم على العمل السياسي (جهاد النفس).. بمعنى من ينتصر على نفسه الأمارة بالسوء ينتصر في ميدان السياسة

 

– وان مستقبل الساسة رهين بـ (حُسن السياسة)

 

– يقول (عليه السلام) في حكمه السياسية القصار:

 

1. من ساس نفسه أدرك السياسة

 

2. الاحتمال زين السياسة

 

3. حُسن السياسة يستديم الرياسة

 

4. بئس السياسة الجور

 

5. ملاك السياسة العدل

6. رأس السياسة استعمال الرفق

 

7. حُسن السياسة قِوام الرعية

8. من حَسُنت سياستهُ وجبت إطاعتهُ

 

– يرتبط بهذا المفهوم.. مفهوما: الدولة.. والسلطة

 

– وهذان المفهومان يرتبطان بما يمثله الإمام علي (عليه السلام) من مكانة دينية سامقة في الإسلام عامة.. وعند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) خاصة

 

– مفردة (الدولة) وردت في كلمات الإمام علي (عليه السلام).. حيث ورد في حكمه السياسية القصار:

 

– “الدولة كما تُقبل تُدبر”.. بمعنى أنه (عليه السلام) يفهم الدولة من الإقبال والإدبار.. أي الجيئة والذهاب

 

قيام الدولة.. وقيمها عند الامام علي

 

– يقول (عليه السلام): “لكل دولة بُرهة”

 

– فما هي القيم السياسية والإدارية والإرشادية لإقبال الدولة وقيامها عنده (عليه السلام) ويحددها بثلاث هي:

 

العدل:

 

– حيث يقول (عليه السلام): “ما حُصِّن الدولُ بمثل العدل”

 

 

1- العدل:

 

 

– قيمة سياسية أولى.. بمثابة سور يحمي الدولة من السقوط أمام العدوان الخارجي

 

 

2. الحِذقُ (المهارة):

 

– وبُعد النظر.. والقدرة على دقة التصرف في الأمور

 

– حيث يقول (عليه السلام): “أماراتُ الدول إنشاء الحِيَلِ”

 

3. اليقظة والانتباه

 

– حيث يقول (عليه السلام): “من دلائل الدولة قلة الغفلة”.. و” من أمارات الدولة التيقظ لحراسة الأمور”

 

 

زوال الدولة

– أما ما هي أمارات أو علامات إدبار الدولة وزوالها عنده (عليه السلام).. فيحددها بثمان علامات لذلك، وهي:

 

1- “تضييعُ الأصول.. والتمسكُ بالغُرورِ.. وتقديم الأراذل.. وتأخيرُ الأفاضل”

 

2- بمعنى أن تضييع حقوق الفرد والمجتمع.. وقصر هم الدولة على بناء عالم الدنيا.. ونسيان عالم الآخرة.. وتقديم الفاسد.. وتأخير الصالح

 

3- ويقول (عليه السلام): “الاستئثار يوجب الحسد.. الحسد يوجب البِغضة.. والبِغضة توجب الاختلاف.. والاختلاف يوجب الفرقة.. والفرقة توجب الضعف.. والضعف يوجب الذُل.. والذُل يوجب زوال الدولة.. وذهاب النعمة”

 

– بمعنى: 1-الاستبداد.. 2- التفرد بالحكم والسلطة: (اوتوقراطية)

 

– ويضيف (عليه السلام):

– وروحية التكاثر.. – وجمع الأموال لدى مسؤولي الدولة

 

– سوء الظن.. – والتشاؤم ببقاء الدولة وديمومتها

 

– عدم الاعتبار بالعبر والتجارب السابقة

 

 

– يقول (عليه السلام) في عهده لمالك الأشتر النخعي (رض): “وإنما يُؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها.. وإنما يُعْوِزُ أهلها لإشرافِ أنفس الولاة على الجمع.. وسوء ظنهم بالبقاء.. وقلة انتفاعهم بالعبر”

 

 

مرتكزات الدولة

 

– أما بالنسبة إلى مرتكزات قيام دولة الباطل.. فيحددها (عليه السلام) بدعامتين.. وهما:

 

– الجور.. والفساد. حيث يقول (عليه السلام): “دولة الأوغاد مبنية على: الجور.. والفساد”

 

– أما الغنيمة السياسية من وجهة نظره (عليه السلام) فتتجسد

 

– في تولي الأخيار.. والصلحاء.. والشرفاء.. زمام السلطة والحكم في البلاد

 

– وليس الغنيمة المادية كما يرى الآخر

 

– حيث يقول (عليه السلام): “من أعود الغنائم دولة الأكارم”

 

– أما الإمكانيات الكبيرة المادية والمعنوية التي تتمتع بها الدولة.. كـ مؤسسة سياسية

 

– ففي حالة تولي زمام الحكم والسلطة فيها الإنسان الفاسد والسيئ فانه يمكن أن يقلب الباطل إلى حق.. ويقلب الحق إلى باطل.. حيث يقول (عليه السلام): “الدولة تردُ خطاء صاحبها صواباً.. وصواب ضدهِ خطأً”

 

– أما بالنسبة إلى شكل الدولة عند الإمام علي (عليه السلام) فهل هي:

 

– دولة بسيطة (موحدة).. أم دولة مركبة (اتحادية)؟

 

شكل الدولة..

 

– تباين شكل الدولة عند الإمام علي (ع) حسب قدرات أصحابه ومكانتهم لديه (ع)

 

-أتبع الامام على أسلوب (الإدارة المركزية) مع الأشعث بن قيس.. وعثمان بن حنيف.. وأبي موسى الأشعري.. وابن الجارود العبدي

 

– فمنحهم صلاحيات قليلة.. وأخضع أعمالهم وسلوكياتهم للإشراف والسيطرة هذا من جهة

 

– فيما اتبع أسلوب (الإدارة اللامركزية) مع مالك الأشتر النخعي في عهده إليه وتوليته مصر.. فـ (مالك) عند (علي) (عليه السلام) مثل (علي) (ع) عند (محمد) (صلى الله عليه وآله وسلم)

 

– فالإمام (عليه السلام) قال بحق مالك: “لقد كان لي كما كنت لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)

 

– فالإمام (ع) وضع ثقته المطلقة بـ (مالك).. فلا ضرورة ولا حاجة للإشراف على سلوكه وأعماله في الولاية

 

مبايعته:

 

بويع الامام علي بن ابي طالب (علية السلام) بالخلافة سنة 35 هـ (656 م) بالمدينة المنورة

 

– حكم خمس سنوات وثلاث أشهر.. وصفت بعدم الاستقرار السياسي لكنها

– تميزت بتقدم حضاري ملموس خاصة في عاصمة الخلافة الجديدة الكوفة.

– وقعت الكثير من المعارك بسبب الفتن التي تعد امتدادا لفتنة مقتل عثمان

– مما أدى لتشتت صف المسلمين وانقسامهم لشيعة علي الخليفة الشرعي

 

– وشيعة عثمان المطالبين بدمه على رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي قاتله في صفين

 

– الذي قاتله في يوم الجمل بفعل فتنة أحدثها البعض حتى يتحاربوا

-كما خرج على علي جماعة عرفوا بالخوارج وهزمهم في النهروان.. وظهرت جماعات تعاديه وتتبرأ من حكمه وسياسته سموا بالنواصب ولعل أبرزهم الخوارج.

 

اشتهر علي عند المسلمين بالفصاحة والحكمة.. فينسب له الكثير من الأشعار والأقوال المأثورة

 

– كما يُعدّ رمزًا للشجاعة والقوّة ويتّصف بالعدل والزُهد حسب الروايات الواردة في كتب الحديث والتاريخ

– كما يُعتبر من أكبر علماء عصره علمًا وفقهًا إنْ لم يكن أكبرهم على الإطلاق

 

ـ حين تولى الامر امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)

 

ـ كانت بيعته الوحيدة التي تحقق فيها مبدأ الشورى.. لأنه أرادها ان تكون على الملأ.. وليس اثنين أو واحدٍ يعهدها الى ستة.. وأين مبدأ الشورى

 

ـ وقال عليه السلام

ـ “واعجبا أتكون الخلافة بالصحابة.. ولا تكون بالصحابة و القرابة”.. ورويً له شعر في هذا المعنى: “فإن كنت بالشــورى ملكت أمورهم .. فكيف بهذا والمُشيرون غُيَّبُ.. وإن كنتَ بالقُربى حجَجتَ خصيمَهم.. فغيرك أولى بالنبي وأقربُ”

 

ـ لأنهم احتجوا على الأنصار بانهم قرابة رسول الله وأهله

 

ـ وحينما استلم الخلافة كان الأمام علي بن ابي طالب(عليه السلام):

ـ يُغلب المبدأ على المصلحة.. والسياسة منذ يومها.. وحتى يومنا هذا تُغلب المصالح على المبادئ

 

ـ إلا إن الإمام (سلام الله عليه).. كان موقفـه المبدئي لا يضحي بالمبادئ على المصالح

 

ـ حينما قالوا له موضوع (التسوية بالعطاء).. أكثر الكتاب يقولون ما فتح باب الخلاف على أمير المؤمنين.. الا التسوية بالعطاء.. لان المال عندهم كل شيء.. ولا يجوز التحرش بالمصالح المادية

 

ـ فقبله صار تقسيم الصحابة والمسلمين الى طبقات: الاوائل من المهاجرين والانصار لهم رواتب.. أعلى.. ثم من جاء بعدهم اقل.. وهكذا دواليك

 

ـ فصار هناك تمايز بين المسلمين.. وقد رفض أمير المؤمنين (عليه السلام) ذلك

 

ـ لأن رسول الله ﷺ لم يفعل ذلك.. ويقول الإمام علي مخاطبا طلحة والزبير حينما عاتباه: “وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة.. أي التسوية في العطاء.. فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي.. ولا وليته هوى مني.. بل وجدتُ أنا وأنتما ما جاء به رسول الله ﷺ.. قد فرغ منه.. فلم أحتج إليكما.. فيما فرغ الله من قسمه.. وأمضى فيه حكمه”

 

– وقوله: (عليه السلام): “لو كان المال لي لساويت بين المسلمين.. فكيف والمال مال الله”

 

ـ وقوله: “ان الله فرض على أئمة العدل ان يقدروا انفسهم بضعفة الناس.. حتى لا يتبيغ بالفقير فقره”.. أي لا يَتَهَيَّج

 

ـ هذه سياسة الامام علي بن ابي طالب القائمة على: العدل.. والمساواة.. بمصالح الطبقات

 

 

 

ـ واصطدمت بمصالح هذه الطبقات.. وكان ما كان من حرب الجمل.. وتعلمون ان من قادوا حرب الجمل كانوا من أكبر المحرضين على عثمان

 

المضمون السياسي.. لنصوص الإمام السياسية:

 

ـ فالسياسة: هي فرع من العلم المدني الذي يبحث في: أصول الحكم.. وتنظيم شؤون الدولة

-وهي عند المحدثين: فن حكم الدولة.. أو فن ادارة المجتمعات الانسانية.. فهي فيها شمولية

 

ـ والناظر في نصوص أمير المؤمنين (ع) السياسية يجد انه: امام رؤية سياسية شاملة.. وخاصة في عهده الخالد الى الصحابي مالك الاشتر (رض).. فهي

 

ـ تحدد مواصفات الحاكم.. وعلاقته بالمحكومين

 

ـ وتبين أسلوب الحكم.. والسلطة التنفيذية.. والسلطة القضائية.. والعدالة.. وضرورة تنفيذها على الجميع.. والمعاهدات الدولية.. والقانون الدولي.. لكنها لا تتوقف عند هذا الحد

 

ـ بل تتسع الى السياسة الاجتماعية.. والعلاقة بين الطبقات في تقسيم:

 

ـ العمل.. والرعاية الاجتماعية.. والسياسة الاقتصادية.. والنظام العسكري.. والاداري

 

ـ ويحرس كل ذلك: نظام أخلاقي راقٍ.. لا يحيد عنه الحاكم تحت أي ذريعة من الذرائع

 

ـ فمن ميزات الفكر السياسي عند امير المؤمنين علي بن ابي طالب.. عليه السلام

 

ـ الربط بين: السياسة.. والاخلاق

 

ـ فيما (ميكافيلي) الذي دك أساس السياسة الحديثة.. وله في كتابه (الامير).. وله اشباه فيما مضى.. دعا الى فصل السياسة عن الاخلاق.. و مقولته الشهيرة (الغاية تبرر الوسيلة)

 

ـ أي انه اذا كانت عندك غاية فيمكن أن تصل أليها.. بأي وسيلة شريفة كانت أو غير شريفة.. أخلاقية كانت.. أو غير أخلاقية.. بالحيلة.. والغدر.. الغاية: هي الهدف

 

ـ فالسياسة أذن عند أمير المؤمنين (سلام الله عليه) مفهومها شامل.. ولا يعني أن يقبض الحاكم على السلطة.. ويتمتع هو وحاشيته بالملذات

 

ـ بينما تعيش الرعية في فقر مدقع خالية من العمران

 

ـ لقد رأينا حكاماً ودولاً على هذه الشاكلة في القديم والحديث.. بل الواجب إن يكون الحاكم على أتصال مع عامة الشعب.. وأن يهتم بالإصلاح الاجتماعي.. والاقتصادي.. كمقدمة للإصلاح السياسي

 

ـ ويتضح ذلك من عهد الامام علي (عليه السلام) الى مالك الأشتر(رض) حين ولّاه مصر.. حيث قال: هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين (عليه السلام) مالك بن الحارث الأشتر في العهد أليه حين ولاه مصر

 

ـ “جباية خراجها.. وجهاد عدوها.. واستصلاح أهلها.. وعمارة بلادها”

 

ـ فهذه المقدمة تتضمن عدة أهداف رئيسة: يجب أن يسعى اليها الحاكم

 

ـ الاول: يتعلق بمالية الدولة.. التي يجب ان تنفق على القطاعات المختلفة للمجتمع

 

ـ الثاني: جهاد العدو.. وما يستدعيه من قيام سياسة عسكرية ودفاعية.. وأمنية محكمة

 

ـ الثالث: يقوم على الإصلاح الاجتماعي.. اصلاح اهلها

 

ـ الرابع: عمارة بلادها.. وهو ما يسمى – بلغة اليوم – التنمية الاقتصادية.. والعمرانية.. وغالباً ما كانت الدول تقتصر على الهدفين الأول والثاني

 

ـ فتقيم جيشاً قوياً ومؤسسات أمنية ذات سطوة على الناس.. وتستحصل الضرائب من المواطنين.. بلا رحمة

 

ـ وتهمل اصلاح المجتمع.. وتحقيق التنمية المطلوبة

ـ ودونكم الدولة العثمانية حيث يبعث الوالي ويطلب منه.. أن يجلب من ولاية بغداد مثلاً: ما يمكن استحصاله.. فـله حصة.. وللسلطان حصة.. وكانوا يتفننون في استحصال الضرائب بأي صورة من الصور

 

ـ وما نعيشه اليوم في العراق من العملية السياسية: فهي: سطوة على الناس.. وتستحصل الضرائب من المواطنين.. بلا رحمة.. بأشكال مختلفة

 

ـ ويهمل اصلاح المجتمع.. وتحقيق التنمية المطلوبة

 

 

المحور الثاني: السياسة.. والاخلاق

 

ـ وصفت السياسة بالتجرد من الأخلاق.. وعرف اصحابها بالسعي الحثيث لتحقيق مآربهم بشتى الوسائل وكما اشرنا – (الغاية تبرر الوسيلة) كما قال: (ميكافيلي) صاحب كتاب (الأمير)

 

ـ الذي وضع فيه أساس السياسة الحديثة.. حين فصلها عن القيم الاخلاقية عموماً.. رغم أن منهجه كان موجوداً منذ ان عرف الانسان السياسة.. وكل ما في الأمر انه كشف عنه بدون مؤاربة

 

– يعني ميكافيلي بالحقيقة بعضهم يدافع عنه ويقول: “هو لم يكن يؤمن بالمبدأ بالضرورة”.. انما هو حلل الواقع السياسي في عصره والعصور التي سبقته

 

ـ فبين ما كان يفعله السياسيون حقيقة لا ما يريده الناس.. او المفكرون.. والفلاسفة

 

ـ لكن لم نسمع لميكافيلي نقداً بهذا الخصوص.. ربما في (المطارحات) كتابه الآخر.. يمكن فيه شيء آخر.. لذلك كان كتاب (الأمير) دستوراً للطغاة.. بحيث حتى الأميين الذين وصلوا للحكم في العصر الحديث كانوا يحفظون كتاب الأمير ويدرسونـه!

 

 

ـ ما يفعله السياسيون عادة.. ويعتبرها المفكرون (السياسة الواقعية).. في مقابل (السياسة المثالية) لأصحاب المدن الفاضلة

 

ـ لأن هناك في الفكر السياسي تيار أقرب لما يسمى (اليوتوبيا).. أو المدينة الفاضلة.. مثل (جمهورية أفلاطون).. و (آراء أهل المدينة الفاضلة) للفارابي.. و(يوتوبيا) لتوماس مور.. الفيلسوف الإنكليزي

 

 

ـ الحقيقة لا يمكن أن نصف سياسة الامام بـ (المثالية).. أو المثالية بالمعنى السلبي.. بمعنى خلاف الواقع الاخلاق

 

ـ أيضاً لها واقع.. هنالك دين يأمرنا بالأخلاق.. وهنالك قيم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.. يعني – كل البعثة وجوهر الرسالة النبوية هي لإتمام (مكارم الأخلاق)

 

ـ أيضاً حينما أراد ألباري سبحانه أن يصف الرسول ﷺ بأسمى صفة: (وإنك لعلى خلق عظيم)..

(القلم:4).

 

ـ فالإمام (سلام الله عليه) لا يضحي بالقيم والاخلاق.. يقول (عليه السلام): “وما معاوية بأدهى مني.. لكنه يغدر ويفجر.. ولولا كراهية الغدر لكنتُ من أدهى الناس”!!

 

ـ ومن مصاديق السياسة الاسلامية المتمسكة بالمبادئ.. الاخلاقية: وهو الالتزام بالعهود والمواثيق

 

ـ فـ (معاوية) نقض عهده مع الإمام الحسن (ع) قائلاً: (كل شرط شرطته تحت قدميَّ)

 

– هذا خلاف للسياسة الإسلامية التي تدعو الى احترام العهود والمواثيق: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}.. (النحل:91)

 

– وقوله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا}.. (الاسراء: 34)

 

– وقولة تعالى: {والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}.. (البقرة: 177)

ـ الوفاء بالوعد.. والالتزام بالعهد.. هو المحك الذي تتميز به السياسة الاسلامية.. عن سياسة المنفعة.. التي تسمى خطأً بالواقعية بعضهم للأسف

 

ـ اما أمير المؤمنين (سلام الله عليه) فعلى العكس من ذلك.. حيث يوصي (الاشتر) فيقول:

 

“وأشعر قلبك الرحمة للرعية.. والمحبّة لهم.. واللطف بهم.. ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً.. تغتنم أكلهم.. فإنّهم صنفان: إمّا آخ لك في الدين.. أو نظير لك في الخلق.. يفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل.. ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ.. فأعطهم من عفوك.. وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه”

 

 

 

 

 

مظاهر السياسة عند الإمام (عليه السلام)

 

ـ بإزالة جميع أسباب.. التخلف.. والانحطاط

 

ـ تحقيق حياة كريمة يجد فيها الإنسان جميع متطلبات حياته.. من الأمن والرخاء.. والاستقرار.. وتتجسد.. ب:

 

 

أولا: المساواة.. وتتجسد في:

 

أ- المساواة في الحقوق والواجبات.

 

ب- المساواة في العطاء.

 

ج- المساواة أمام القانون.

 

ـ لقد ألزم الإمام (عليه السلام) عُمّاله وَوُلاته بتطبيق المساواة بين الناس على اختلاف قومياتهم وأديانهم.. فيقول (عليه السلام) في بعض رسائله إلى عماله:

 

ـ “اخفضْ للرعيّة جناحك.ً. وابسط لهم وجهكً.. وأَلِنْ لهم جنابكً.. وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة.. والإشارة والتحية.. حتى لا يطمع العظماء في حيفكً.. ولا ييأس الضعفاء من عدلكَ”.

 

ثانياً: الحرية:

 

أما الحرية عند الإمام (عليه السلام).. فهي من:

 

ـ الحقوق الذاتية لكل إنسان

 

ـ يجب أن تتوفر للجميع.. شريطة أن لا تستغلّ في الاعتداء.. والإضرار بالناس

 

ـ من أبرز معالمها هي الحُرّية السياسية.. ويعني بها أن:

 

ـ تُتَاح للناس الحرية التامة في اعتناق أي مذهب سياسي.. دون أن تفرض عليهم السلطة رأياً معاكساً لما يذهبون إليه

 

ـ ومنح الإمام (عليه السلام) هذه الحرية بأرحب مفاهيمها للناس

 

ـ ومنحها لأعدائه وخصومه الذين تخلفوا عن بيعته

 

ـ فكان الإمام (عليه السلام) يرى أن الناس أحراراً

 

ـ ويجب على الدولة أن توفر لهم حريتهم ما دام لم يخلوا بالأمن.. ولم يعلنوا التمرد والخروج على الحكم القائم

 

ـ ومنح (عليه السلام) الحرية للخوارج.. ولم يحرمهم عطاءهم.. مع العلم أنهم كانوا يشكلون أقوى حزب معارض لحكومته

 

ـ فلما سَعوا في الأرض فساداً.. وأذاعوا الذعر والخوف بين الناس.. انبرى إلى قتالهم حفظاً على النظام العام.. وحفظاً على سلامة الشعب

 

 

ثالثاً: الدعوة إلى وحدة الأمة:

 

ـ وجهد الإمام (عليه السلام).. كأكثر ما يكون الجهد.. والعناء على العمل على توحيد صفوف الأمة.. ونشر الأُلفة والمحبة بين أبنائها

 

ـ اعتبر (عليه السلام) الأُلفة الإسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الأمة

 

ـ فيقول (عليه السلام): “إنّ الله سبحانه قد امتَنّ على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلها.. ويأوون إلى كنفها بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة.. لأنها أرجح من كل ثمن.. وأجلُّ من كل خطر”

 

ـ لقد عنى الإمام (عليه السلام) بوحدة الأمة.. وتبنّى جميع الأسباب التي تؤدي إلى تماسكها واجتماع كلمتها.. وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع أدوار حياته

 

رابعاً: تربية الأمة:

 

ـ أولى أمير المؤمنين (عليه السلام) المزيد من اهتمامه بهذه الناحية.. فاتخذ جامع الكوفة معهداً يلقي فيه محاضراته الدينية والتوجيهية

 

ـ وكان (عليه السلام) يشغل أكثر أوقاته بالدعوة إلى الله.. وإظهار فلسفة التوحيد

 

ـ وبَثّ الآداب والأخلاق الإسلامية مستهدفاً من ذلك نشر الوعي الديني

 

ـ وخلق جيل يؤمن بالله إيماناً عقائدياً لا تقليدياً

 

ـ لقد كان الإمام (عليه السلام) المؤسس الأعلى للعلوم والمعارف في دنيا الإسلام

 

ـ وقد بذل جميع جهوده على إشاعة العلم.. ونشر الآداب.. والثقافة بين المسلمين

 

ـ وكان دوماً يذيع بين أصحابه قوله: (سَلوني قَبلَ أن تفقدوني.. سَلوني عن طُرق السَّماء.. فإني أبصَرُ بها من طُرُق الأرض)