لقد عبرت الديمقراطية المعاصرة عن المشاركة في الحكومات المتعاقبة، والتناوب على الحكوماتبالأحزاب السياسية ، وان احد نماذج الديمقراطية هي عملية التناوب لهذه الأحزاب على السلطةالتنفيذية، وهو يتحقق بين الأغلبية والأقلية بين المكونات السياسية،وأصبحت للديمقراطية أداوتوأساليب تتناسب وطبيعة التطور الحاصل في وسائل التواصل وتوجيه الرأي العام والجمهوروالقوى السياسية على حد سواء،والتأثير في صنع القرار، ونحن في العراق وبعد مرور أكثر من17 عام على التحول الديمقراطي ما زلنا نجهل ما هو المفهوم الحقيقي لهيمنة الدولة، وفي هذاالسياق تحدث المختصون كثيراً وألفت الكتب عن أزمة الأحزاب السياسية، وأسباب قوتهاوهيمنتها على الدولة، وسبل النهوض بالحياة السياسية وتقوية أركان الدولة،ولكن ثمة من يحملمعول الهدم بيده اليمنى ولكنه يرفع الأخرى بيد المشاركة في الحكومة، وهذا ما تفعله أغلبالأحزاب التي عملت ومازالت تعمل من اجل ترسيخ وجودها على حساب أضعاف الدولة،أو تهشيمأركانها وبما يضعفها أمام قوة هذه الأحزاب والتيارات التي حصنت نفسها بترسانتهاالاقتصادية أو تشكيلاتها العسكرية أو قواتها الغير نظامية،وهنا كلامي ليش تشاؤم بل هو قراءةلواقع سياسي، فما دامت الأحزاب تعمل على تحصين نفسها لن تتمكن الدولة أبداً من بناء أسسهاوترسيخ أركانها ، وستبقى ضعيفة ومهزوزة أمام سطوة هذه الأحزاب، وهذا ما لمسناه فعلاً فيالبلاد وكيف أن سطوة الأحزاب والتيارات سرقت قوة الدولة وهيبتها ومكانتها لترتفع سطوتهاهي .
الدولة في الآونة الأخيرة سعت جاهدة من خلال أدواتها ألا وهي الحكومة أن تثبت أفكار الإصلاحالسياسي،ولكنها ارتطمت بقوة هذه الأحزاب والتيارات، وذلك لان كل ملفات الفساد تحملها وتعملعليها تلك الأحزاب والتيارات الفاسدة،فمن تجارة النفط وبيعه وسرقته إلى السيطرة على المنافذالحدودية والمائية ، إلى التلاعب بأسواق الأوراق المالية والى المكاتب الاقتصادية والتي أصبحتتعمل بصورة واضحة وعلى أعين الأشهاد،فأمست تقاتل وتصارع مع بقية الأحزاب من أجلحصتها ونصيبها من هذه الوزارة أو تلك الهيأة،وهذا ما ضيع الدولة تماماً وجعلها تغرق في بحرالأحزاب والتيارات التي أصبحت هي الدولة والحكومة في آن واحد .
أن تطبيق مفهوم الدولة المدنية ليس مجرد قرار تتخذه الحكومة أو يقره الدستور،بل هو قضيةتخص المجتمع بأسره، والذي يجب أن يتحول ويتقدم ويتمثل من خلال مفاهيم الدولة وقيمها،ويأتي ذلك من خلال قوة وجودة وسطوة قراره على قرار الأحزاب والتيارات السياسية والتيتحاول سرقة قراره حيث ظهر ذلك جلياً من خلال التظاهرات السلمية التي عمت البلاد من اجلتخليص الدولة من سجن الأحزاب وسطوتها، وكسب الحرية واختيار دولة المواطن لادولة الأحزاب،وسعي الجاد من خلال المشاركة الفاعلة للشباب في صنع القرار السياسي، بعيداً عن سطوة تلكالأحزاب حيث يمثلون الطاقات الرائعة والتي يتجدد أملنا فيها بالمستقبل .