26 نوفمبر، 2024 1:24 م
Search
Close this search box.

مفهوم الانعزال التام عن السياسة عند مقتدى الصدر يتجلى في ساعات !

مفهوم الانعزال التام عن السياسة عند مقتدى الصدر يتجلى في ساعات !

ان السياسة في معناها الحقيقي تعني ادارة شؤون البلاد بأحسن وجه , وخدمة الناس , والسعي من اجل كسب الراحة والامن والاستقرار والعيش الرغيد للمجتمع , اما في معناها المتداول الان والمنتشر حاليا فهي تعني الختل والفساد والكذب … وخصوصا في العراق نرى التقلبات والتناقضات في المواقف والتصريحات مما لا عين رأت ولا اذن سمعت في غير هذا البلد , وهذا معناه ان اقطاب سياسة الزيف والفساد في العالم موجودون في العراق ويحتلون المناصب الحساسة في الدولة العراقية وهم اصحاب القرار .

ولم يكن ما كتبته بجديد على القارئ لأنه واقع معاش طيلة اكثر من عشرة اعوام حتى انه وصلت المرحلة بزعماء السياسة الخبيثة ان يعترفوا بما قلته آنفا لانه اصبح واقعا ملموسا لكل قاصٍ ودانٍ ومتابعٍ للساحة العراقية ونكرانه يعني الخبل .

وكما تعود العراقيون من ساستهم مع قرب كل انتخابات يرون ويسمعون مفاجأة لا هدف لها سوى جلب الانتباه لكسب الولاء والاصوات , ومن ذلك تصريح مقتدى الصدر الذي قال فيه بانعزاله التام عن السياسة وعدم تبني اي كتلة بسبب الممارسات الفاسدة التي مارسها اعضاء كتلة الاحرار خصوصا , مع اغلاق المكاتب التابعة له وعدم ممارسة اي نشاطات سياسية كانت ام اجتماعية ام دينية فيها , وكل ذلك كان من اجل ان ينهي كل المفاسد التي وقعت او تقع تحت عنوان مكتب الصدر في داخل العراق او خارجه !

قرار في ظاهره حلاوة يسيل لها لعاب الكثير الا ان سرعان ما انقلب على عقبيه في ساعات لا تتجاوز الثمان والاربعين ساعة في خطاب تلفزيوني يعلن فيه :

وجوب المشاركة الكبيرة في الانتخابات .
انتخابات يروح ضحيتها الالاف لتتسلط حكومة لا ترعى الا ولا ذمة وبرلمان بكراسيه البالية لا يستطيع دفع الضر عن نفسه …
انا اقف بمسافة واحدة من الجميع .
عراق تحكمه ثلة جاءت من خلف الحدود لتمسك بالكرسي باسم التشيع .
حكومة تكتم وتكمم الافواه وتقتل المعارض .
نحن آل الصدر نريد ان نكون لهم مرشدين ولهم من الزلل محافظين .
جمعوا الاموال واراقوا الدماء وانتهكوا الاعراض بإسمنا لا غير نحن .
ما خذلناهم ولن نخذلهم ونطلب من ذلك القرار الحفاظ عليهم وعلى سمعتهم من التشويه والانحراف .
هناك سياسيون وهم كثر قاموا بخدمة الشعب العراقي مثل محافظ العمارة وبغداد .

وغيرها من نقاط تكشف بوضوح مدى التناقضات في التصريحات والمواقف والتخبط والانقلاب بين جملة واخرى ونقطة واخرى وتصريح واخ وموقف واخر … حتى انه اضحى لا يعلم ماذا يريد بالضبط وكيف يحصل على ما يريده بعد ان يعرفه !

فمع كونه انعزل تماما عن السياسة نراه ينتقد الحكومة والبرلمان عموما واعضاء كتلة الاحرار خصوصا , ويوجب المشاركة في الانتخابات التي يصفها بأنها يروح ضحيتها الالاف , ومع انعزاله التام عن السياسة انه يقف بمسافة واحدة من الجميع , ومهما كان الجميع سواء مفسد او مصلح فأنه يقف بمسافة واحدة , ويقول ان العراق تحكمه ثلة جاءت من خلف الحدود لتمسك بالكرسي , وان الحكومة تكتم وتكمم الافواه وتقتل المعارض , وفي نفس الوقت يقول نحن آل الصدر نريد ان نكون لهم مرشدين … يعني يريد ان يكون مرشدا لهذه الثلة التي جاءت من خلف الحدود تكمم الافواه وتقتل المعارض لتمسك بالكرسي , ويدعي ان هؤلاء الذين حكموا ويحكموا العراق انهم جمعوا الاموال واراقوا الدماء وانتهكوا الاعراض بإسم آل الصدر ومع كل ذلك يقول عنهم ما خذلناهم ولن نخذلهم ونطلب من ذلك القرار الحفاظ عليهم وعلى سمعتهم من التشويه والانحراف , فهو يقول صريحا ان هؤلاء الذين اراقوا الدماء وانتهكوا الاعراض لن يخذلهم ويريد الحفاظ عليهم وعلى سمعتهم من التشويه والانحراف وكأنما يدعي ان هذا الانتهاك والقتل والتسلط وجمع الاموال … لم يكن انحرافا وتشويها , وبعد ذلك يقول ان هناك سياسيين وهم كثر قاموا بخدمة الشعب … ويضرب مثالا بمحافظ ميسان ومحافظ بغداد المنتميين لكتلة الاحرار التي اعلن انها لم تنتسب له ولم تمثله , ومن اراد التأكد فليستمع الى الخطاب .

فلا اعلم هل من المعقول ان مقتدى الصدر وصل به الحال يسمي كل هذا التدخل السافر في السياسة والغوص فيها انعزالا ؟!

هل وصلت المرحلة بساسة العراق انهم اختلفت عندهم المسميات والمعاني فضاع عليهم الحبال بالنابل فصار التدخل في السياسة انعزالا عنها , والالتزام للقتلة والسراق تخليا عنهم !

والحفاظ على من يريق الدماء وعدم خذلان من يغتصب الاعراض معناه الخذلان والمواجهة لهم !

وهل اصبح الوقوف بمسافة واحدة من جميع الكتل والاعضاء ( الصالح , الطالح ) معناه الاعتدال والصواب … ومعناه الدعم لمن يخدم العراق والوقوف بوجه من نهب العراق !

اي منطق هذا واي عقل يقبل ان يتساوى عنده الخذلان وعدمه , والوقوف بمسافة واحدة من الجميع , وضرورة التزام من يخدم العراق مثل محافظ ميسان وبغداد , ووجوب الانتخابات التي يروح ضحيتها الالاف من اجل صنع حكومة ظالمة وبرلمان هزيل , وبين ترك السياسة ؟!

ونفس التخبط نراه في اعضاء كتلة الاحرار حيث انهم بعد ان اصدر مقتدى الصدر بيانا نراهم يعلنون استقالاتهم من البرلمان تضامنا مع القائد ولم يقدم احد منهم استقالة رسمية سوى مها الدوري والتي قيل انها سحبتها فيما بعد !

ففي رأيي ان مقتدى الصدر اراد بهذا كله ان يخلص نفسه ويعطي لأصحابه  فرصة عدم الارتباط به كي يسرقوا ويجرموا علنا ومن غير ضغوطات عليه لاتخاذ اللازم لكنهم خيبوا امله في بادئ الامر لانهم لم يفهموا اللعبة فأرادوا ان يثبتوا ولائهم من خلال استقالاتهم الغير جدية , الا انه فيما بعد استطاع ان يوصل مضمون ما يريده لهم ليتم الغرض والدليل على ذلك انه اوحى لهم بان يوقفوا استقالاتهم وانه يدعم الانتخابات وفي نفس الوقت يرسل اشارة تبين دعمه لهم من خلال تقديمه للشكر لمحافظي بغداد وميسان .

اما مسألة اغلاق المكاتب فغايتها معروفة وهي ان كيفية ايصال التوجيهات لاتباعه وتطبيقها من قبلهم يمكن ان يكون خارج المكاتب وبالتالي لا حاجة له بها  لان المكاتب وضعت من اجل ايصال التوجيهات وترتيب الاوضاع فان حصل ذلك بوسائل اخرى مثل المكاتب السياسية او الشبكة العنكبوتية او شبكات الهاتف او غيرها فلا حاجة للمكاتب في هذه الخصوصية .

وان كان جديا في قطع الارتباط  سياسيا واجتماعيا فيجب عليه ان يوقف صلاة الجمعة التي تكون فيها انتقادات سياسية وان لا يخرج بمؤتمرات صحفية ولا يتبرع بإرشادات وتوجيهات كي يكون فعلا كما قال .

[email protected]

أحدث المقالات