ويمكن تصور مراحل المعرفة العقيدية على النحو التالي:
- الانتهاء من حقيقة واقعية الوجود.
- إثبات مصدرية العقل، لا الدين، للمعرفة وعدم انحصارها بالتجربة.
- الإقرار بوجودات ما وراء المادة، إذا ما ثبتت بالدليل العقلي، وبما لا يتعارض مع الحقائق العلمية.
- تحديد أنواع الوجودات بين الممكن والواجب.
- فهم قانون العلية، مع امتناع تسلسل العلل إلى ما لا نهاية.
- البحث في إمكانية وجود نوعين من الوجود، الوجود الواجب والوجود الممكن، بحيث يجري التمييز بين العلل المعلولة والعلة الأولى اللامعلولة، بين العلل المتعددة التابعة الغيرية الممكنة المفتقرة، وبين العلة الواحدة المستقلة الذاتية الواجبة الغنية.
- الخلوص إلى حقيقة واجب الوجود كعلة أولى وخالق للكون.
- كماله اللازم لوجوبه.
- عدله اللازم لكماله.
- جزاؤه اللازم لعدله.
- الحياة الأخرى اللازمة لجزائه، أي وجود ثمة حياة أخرى بعد هذه الحياة من طبيعة أخرى، بقطع النظر عن أي من الصور المقدمة من قبل الأديان المختلفة واجبة التصديق، أو ممكنة التصديق، أو ممتنعة التصديق، وأي منها كان ممكنا راجح التصديق أو مرجوحه، ومن عوامل الترجيح أو عدمه ثبوت موثوقية أو لاموثوقية المصدر القائل بأحد الممكنات العقلية، ثم بيان أسباب توصلي إلى الامتناع العقلي لتحقق تلك الصور الدينية. وهنا يجري تجنب استخدام (المعاد) كمصطلح لاهوتي ديني، وتفضيل استخدام المصطلح اللاهوتي الفلسفي المحايد، كأن يكون (الحياة الأخرى)، أو (حياة ما بعد الموت)، أو (حياة ما بعد هذه الحياة).
- الحساب (المحكمة الإلهية الأخروية) كلازم ممكن، وليس لازما واجبا، لكل من (المعاد) والجزاء، لأن الحساب ليس من اللوازم الواجبة للجزاء، لإمكان تحقق العدل الإلهي من غير حساب، وهو حصرا من مقولات الأديان، فإذا ثبت عدم صدق الأديان، فلا نعول على مقولاتها الممكنة عقلا، ونرفض بكل تأكيد مقولاتها الممتنعة عقلا، لاسيما إن العقل الذي يقر الجزاء لا يرى مبررا ليوم باسم يوم الحساب أو يوم القيامة أو يوم الدين أو الدينونة.
- التبليغ أيضا كلازم ممكن، وليس كلازم واجب للحساب، وينتفي مع إثبات امتناع صدور الأديان عن الله.
- اختبار ثبوت دعوى التبليغ عن طريق النبوة الممكنة الظنية كمفهوم مجرد، وكيف نثبت إن مصاديقها في الواقع ممتنعة التحقق.
- الإمامة الممكنة الظنية المرتبط صدقها بصدق النبوة الممكنة الظنية أيضا، في حال ثبوت الأخيرة، والتي تكون ممكنا مركبا، أي ممكنا من ممكنات الممكن الذي هو النبوة، وإلا إذا ما انتفت النبوة، كانت الإمامة سالبة بانتفاء مقدمتها.
- العصمة كممكن عقلي، وكلازم من لوازم التكليف الإلهي المباشر المتمثل بالنبوة، إذا ثبتت، والإمامة المنصوبة إلهيا، إذا ثبتت هي الأخرى، التي لازمها صدق النبوة، بينما هي ليست من لوازم النبوة، مع الوجوب بالقول بنسبية العصمة، مع فرض وجود معصومين، بدليل التفاضل بين من يُعتقَد بعصمتهم، وبالتالي تفاوت درجات العصمة، مما يعني بالضرورة نسبيتها، ولانحصار الإطلاق بالمطلق وحده.
- الشفاعة كممكن، حيث لا يحكم العقل مسبقا بوجوبها ولا بامتناعها، وموقف العقل المجرد محايد تجاهها، بل لا يجد ما يبررها. وهي إن ثبتت فبشروطها الموافقة للعقل، ودون الغلو فيها، أو تصعيدها إلى ما يقترب من الشرك بالألوهية، ولكنها تكون سالبة بانتفاء مقدمتها، أي النبوة والوحي الإلهي، علاوة على عدم وجود مرجحات عقلية لها.