كل ما فينا وعندنا وحولنا , وقبلنا وبعدنا , عتيق , وممعن في قِدمه , وإندساسه في تراب الغاديات.
ووفقا لإرادة “العتيق” فأن الأجيال توالت في تدحرجها إلى الوراء , حتى تعتقت مفاهيمها , وتأسنت رؤاها , وتعتمت أفكارها ولا تزال في تداعيات السقوط في وديان الوراء.
وقد أتخمنا القرن العشرين , بقيئ غثيان التراجعات والإنهزامات والإنكسارات والتدثر بالباليات , وإرتداء قمصان الرثة المعثوثة , لتبرير ما يتحقق من الأزمات وفقدان القدرات على حلّ أبسط المشكلات.
ولا نزال ندور في ذات الناعور الذي نجر حباله بثيران العاديات , ونملأ أوعيته من مستنقعات الآهات والغابرات.
نعم لا يزال كل شيئ كما كان , ولن يكون الحال بأحسن مما كان!
دوران في فلك الخيبات , وإستلطاف للموجعات , وتفاعل مع الماضيات , فلا يعنينا اليوم أو الغد , وإنما أطمار البارحة , وما أدراك مالبارحة , إنها ترفع رايات نائحة , وتنصب أطواد الجانحة , فكل خطوة في أصفاد البارحة.
ولا نجد في عالمنا القاسي , إلا ما يؤكد التوحل بأطيان المراوحة , وعدم القدرة على التفكير بالمبارحة.
وتلك قضية أمة تسببت لها بخسائر فادحة.
فلماذا لا نستطيع الخروج من قمقم الماضي , ولماذا نجعله المجرم والقاضي , وكيف يصح لنا أن نديم مناهج التقاضي؟
وبأي مسوغ نهمل الحاضر وننكر الآتي , وننعدم في الكراسي التي تحولت إلى ينبوع مآسي وموطن للتلاحي والنحاس؟
فكم من مسيرة تعثرت , ومن إرادة تدمرت , ومن عقيدة بحزبها تخربت , وأصبحت الأيام مبعثرة متناثرة , إختلط فيها حابل الموجودات بنابلها, واشتد غبار الويلات وهدير التداعيات.
فكأن الأمة في ظلمة وعتمه!
والحياة زنزانة مدلهمه!
تختنق فيها الأجيال , وتتحول إلى ثريد على موائد الطامعين , وفي أفواههم لقمة!!
فهل من ثورة عقل؟
ومنارات فكر!
فلا تكون الشعوب إذا إنعدم فيها الفكر وساد الجهل والذعر.
فالأمم الأفكار ما سطعت!
وبها تحيا وتكون , إذا وعت وأدركت!
فقل لي كيف تفكر , أقل لك من أنت , وكيف تكون!
فانظروا بالبصائر لا بالعواطف والعيون!!