18 ديسمبر، 2024 9:06 م

مفاجئة العبادي للفاسدين .. ورسالتي له

مفاجئة العبادي للفاسدين .. ورسالتي له

في احدى صفحات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) العائدة الى السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي، قرأت منشورا يبدو انه كتب قبل ستة اشهر تقريبا وبالتحديد في 22 تشرين الثاني 2017 قال فيه : (سنفاجئ المفسدين وسيستغربون مما سنفعله).
وبعد ستة اشهر من هذا الاعلان الناري لمكافحة الفساد، لا يوجد ما يؤشر بان هناك عمل حقيقي من قبل السيد العبادي لمكافحة الفساد، بل بالعكس هناك حالات فساد حصلت على اعين الاشهاد ولم يحرك العبادي ساكن، اخرها ما حصل من تزوير في الانتخابات شهد لها الجميع.
لكن هذا لا يعني انه ليس هناك رغبة للسيد العبادي بمكافحة الفساد، بالعكس انا شخصيا اشعر بان له الرغبة في مكافحة الفساد، لكن حجم تيار الفساد اكبر من الجميع، فهو اكبر منه ومن غيره، واذا اراد ان يتدنى لاكبر الفاسدين المتنفذين في العملية السياسية او (الاشباح) الخفيين ممن يقف ورائهم فان عليه ان ينطلق بثورة عظيمة شبيهة بثورة الامام الحسين في كربلاء، لكن حينها لا يمكن ان نتكهن بالنتائج التي ستكون كارثية (وهذا ما يخشاه اي رئيس وزراء)، فهناك من الفاسدين من يملكون السلاح والنفوذ ويعتاشون على اموال الدولة بالسحت والباطل، وهناك من يملكون (لجان اقتصادية) تستطيع الوصول لاي مؤسسة من مؤسسات الدولة، وهناك دول كاملة ترعى وتحتظن فاسدين (سنة وشيعة واكراد) وترهن علاقتها بالعراق بمدى بقاء هؤلاء الفاسدين في المشهد وبقاء نفوذهم، ولا ننسى امريكا التي تملك ما تملكه عن العراق في كل شيء، موارده، واين تذهب، ومن يسرقها، ومن يسهل السرقات … الخ، وتملك وثائق على الجميع تستطيع الاطاحة بهم في اي وقت تشاء.
اذا يا سيدي رئيس الوزراء المحترم، رحم الله امرء عرف قدر نفسه كما يقول امير المؤمنين عليه السلام، ورحم الله امرء (ضبط لسانه واطلقه على حسب استطاعته)، وان لا يطلق كلام عن مكافحة الفساد يكون بعد مدة مادة ربما يستخدمها المواطنون والبسطاء للهزل والاستهزاء، وهذا ما يضعك في موقف محرج وفي موضع قد يراك الناس انك خال من المصداقية.
عليك الثقة ايها السيد العبادي … بان الناس تفهم وتقدر حجم الفساد الذي تريد القضاء عليه، وتعلم جيدا حجم امكانياتك ولا يمكن ان يشكوا بنيتك الصادقة في هذا المسعى … لكن هناك طرق بديلة يا سيدي لمكافحة ظواهر سلبية حدثت في عصرك شبيهة تماما بالفساد، لو تخلصت منها سيمتنون لك كل العراقيين وسيشكروك خير شكر وسيضعوك في خانة الشخصيات التاريخية التي صدقت معهم مثل الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم، وهذه الظواهر التي يجب التخلص منها هي :
1- العمل على اخراج العراق من هيمنة وسطوة صندوق النقد الدولي وان لا يتحكم بالاقتصاد العراقي.
2- ارجاع الامور الى نصابها ومنع الوزارات والمؤسسات الحكومية الخدمية من التحول الى شركات تجارية، مثل وزارة الصحة التي فرضت ضرائب على الناس الفقراء ليس لها مثيل في تاريخ العراق رغم خدماتها البائسة وصيدلياتها الخالية من الدواء الكافي، وفقدان النظافة الكافية ، فضلا عن الواقع العام البائس.
3- التعليم .. الذي هو الاخر لم يسلم من الضرائب العالية التي اتعبت واثقلت كاهل المواطن الفقير غير القادر على تلبية احتياجات اولاده من كتب وملازم وقرطاسية ، فضلا عن تلبية طلبات المدرسين غير الخالية من الفساد.
4- اهم نقطة …. تفعيل قانون منح حصة من النفط للشعب العراقي، وحينها سوف تحقق اعظم ثورة ضد الفساد وسوف يكون العراق خاليا من اي نسبة من الفقر، وسوف تكون سببا في ولادة ظواهر اجتماعية ايجابية جدا يتمناها اي بلد في العالم، مثل ارتفاع معدلات الزواج للشباب والمطلقات والارامل، وارتفاع ظاهرة المشاريع في البلد وانتعاش البنوك والمصارف .. الخ من الظواهر التي لا يسعها هذا المقال.
وهناك نقاط اخرى لا يسعها هذا المقال ، لكن ما طرحته انفا ليس صعبا، ولا يتعارض مع سياسة التقشف التي بسببها ظهرت هذه الظواهر السلبية، ولم تنتهي رغم ارتفاع سعر برميل البترول.
السيد العبادي المحترم … المشلكة في اي رئيس وزراء حكم العراق، انه يريد ان يمضي بفترته (عثرات ودفرات) وبدون اي مشاكل حتى ولو على حساب الناس، وانهم يفشلون في ترك بصمات تاريخية يمكن ان تتذكرها الاجيال اللاحقة ويكتب عنها التاريخ ايجابيا في صفحاته، لكن اعتقد ما ذكرته من نقاط بسيطة سوف تجعلك في هذه المكانة التاريخية وسوف يكتب عنك التاريخ بكل فخر وخاصة ما يتعلق بالنقطة (4) التي ذكرتها انفا، لان فيها من الفوائد ما لا تحصى، اهمها هي ان المواطن سوف يتجاهل السياسية وسوف ينشغل برفع وتدعيم حالته الاقتصادية التي تسببت بها الدولة فيما لو منحته حقه من ثروة ارضه. اذ سيقول لكم خذوا العملية السياسية كلها واعطوني هذا المبلغ الزهيد من النفط الذي اعيش به عيشا كريما.