23 ديسمبر، 2024 8:48 ص

مـــــا أشـــبه اليــوم بالبـــــارحـــــة الموصــــل وأحتـــــــلال بغداد

مـــــا أشـــبه اليــوم بالبـــــارحـــــة الموصــــل وأحتـــــــلال بغداد

تتفق الكتب التأريخية في تناولها لموضوعة إحتلال بغداد من قبل القوات المغولية (التترية) الغازية إن أحتلالها لم يحدث ولم يكن واقعاً لو ان القيادة لم تخذل المقاتلين وتثبط من هممهم في الذود عن بغداد وإشاعة الخوف والرعب بين المجتمع البغدادي عن بسالة وشجاعة وكثرة أعداد المهاجمين وإنهم سيقتلون الصغير والكبير والأحمق والبصير والعالم والغني والفقير وما أشبه ماحدث في نينوى (الموصل) لإحتلالها وما حدثنا به التأريخ فللخيانة دورها الكبير في ضياع الأرض وأنتهاك العِرض وسفك الدماء البريئة ، ولقد مهدت بعض القنوات الفضائية والتي لاتزال تصر على تسمية الإرهابيين بـ (الدولة الإسلامية) هذه التسمية التي باركها الغرب وغذاها لكي يكون الصراع والقتال عربياً إسلامياً كل ذلك لحماية أمن إسرائيل والمصالح الإنكلو أمريكية والدول الغربية من خلال تشويه مباديء وتعاليم الإسلام لدى الغربيين ومن هو سائر على منهجهم لتشويه الإسلام وتخريب المنطقة والعمل على تدميرها معنوياً وإقتصادياً ، وكان للإعلام الألكتروني الداعشي دوره الكبير في تخذيل الإرادات وتفتيت القوى ونشر غسيلها الدموي عبر مواقعه الألكترونية وإستخدام شبكة التواصل الإجتماعي (الفيس بوك) بحرفية ودقة عالية للتأثير على نفسية المستخدم قبل دخول قواتهم أرض نينوى التي لهم فيها خلايا سابتة ولكن ذلك لايبرر لأن القوات المتواجدة وشعب الموصل الحدباء هو أكثر من مائة ضعفٍ لعدد المهاجمين لها فكيف حصل الذي وقع هذا ما سنتطرق إليه من خلال عرضنا لوقائع إحتلال بغداد وسقوط الخلافة العباسية على يد المغول التتار ومن ثمة نقارن بين الواقعتين لكي نستنبط الإجابة عن (لماذا سقطت الموصل) وما أشبه اليوم بالبارحة .

دب الخوف والقلق أهالي بغداد عند سماعهم سقوط مناطق وبلدات بالقرب منها وكيف إن الغازي التتري إستخدم العنف مع السكان بقتل رجالهم ونهب ديارهم وسبي نسائهم فأصبح الفرد منهم يخشى ظله بعد أن كانت بغداد آمنة دار غبطة ورخاء وملاذاً للعلماء والأطباء والمفكرين وموئلاً للقاصدين إليها طلباً للرزق أوالعافية ولكنها قبل عام سقوطها أي في عام 655هج حدثت فتنة طائفية بين السنة والشيعة بالرغم من إن الوزير الأول (رئيس وزراء) للخليفة العباسي (المستعصم) هو نصير الدين الطوسي وكانت له السلطة المطلقة في إدارة الدولة يعاونه من ذات الطائفة التي ينتمي إليها المؤرخ علاء الدين عطا ملك الجويني والمنجم حسام الدين …. يقابلهم من الجانب الأخر قائد جيش الخليفة (مجاهد الدين أيبك) يعاونه سليمان شاه ومربي الخليفة ومؤدبه صدرالدين علي بن النيار وأولاد الخليفة الثلاثة الأكبر أحمد أبوالعباس والأوسط عبدالرحمن أبوالفضائل وصغيرهم مبارك أبوالمناقب ، وكان الوزير الطوسي قد أهمل الإهتمام بالجيش العباسي وشطب الكثير منهم من سجلات الجند مما أضعف ذلك الجيش وأصبح خاوياً ورغم ذلك إجتمع الخليفة برجالات الحكم بعد أن أصبح جيش المغول قريباً من بغداد وقد رفض الخليفة العباسي عرض هولاكو عليه بأن يصدر أوامره لأهل بغداد بإلقاء السلاح ليدخلها دون مقاومة .. فكان رأي الدويدار (وزير الدفاع) مجاهد الدين أيبك وأولاد الخليفة وثلة من رجال الدولة الى المقاومة وقتال الغزاة بينما كان رأي الوزير الطوسي هو مهادنتهم ودفع الفدية لهم … وفي هذا أصبح جيش المغول على

أسوار بغداد محاصراً لها ، وأطبق الحصار على بغداد وكان الجيش المغولي قد دمر السدود وخرب النواظم الإروائية وقد تسبب ذلك بموت الكثير من الناس غرقاً وتلف المحاصيل الزراعية وأنقطاع طرق المواصلات بين المدن ودام الحصار إثني عشر يوماً وحاول مجاهد الدين أيبك وأبناء الخليفة ومن معهم أن يكونوا مجاميع لمقاومة القوات الغازية ولكن القوة المدافعة كانت قليلة العدد مقارنة بالجيش الغازي والمتكون من المغول التتار والجورجيين (الكرج) والأرمن والفرس والأتراك وأعوانهم من المسلمين الذين لولا مشاركتهم في القتال الى جانب هولاكو وتواطئهم معه لما تمكن من دخول عاصمة الخلافة العباسية ولوجد المغول من الصعب عليهم تحقيق حملتهم في السيطرة على بغداد ولربما أخذت مجريات الأحداث التأريخية سبيلاً آخر غير الذي نعرفه الآن .

دخل جيش التتار بغداد محتلاً لها عام 656هج الموافق 1258م فأستباح حرماتها وأصبح دجلة أحمرَ تارة لكثرة من قتلوا من أهل بغداد وأسودَ تارة أخرى لكثرة مارمي فيه من أمهات الكتب المخطوطة لشتى علوم الحياة وعاثوا في الأرض فساداً ودمروا المشافي والجامعات والرياض وخربوا الديار وقد قتل إثر ذلك مجاهد الدين أيبك ومساعدوه و ذبح إستاذ دار الخلافة الشيخ محي الدين يوسف وأولاده الثلاثة وإثنان من اولاد الخليفة الأكبر والأوسط وشيخ الشيوخ ومؤدب الخليفة ومربيه صدرالدين النيار وكثيرٌ من خطباء المساجد وحملة القرآن الذين كانوا يحضون الناس على القتال والتصدي لجيش التتار الغازي و أشار بعضهم على هولاكو أن يبقي الخليفة حياً ليدله على كنوز العباسيين وعلى أماكن الذهب والفضة والتحف الثمينة فأخذ بالنصح وساق الخليفة مقيداً بأغلاله وبعد أن أستنفذوا مالديه من معلومات قاموا بقتله وأسر ولده الصغير مبارك وأخواته فاطمة وخديجة ومريم وأرسالهم سبايا الى أمير التتار (منكوخان) وأستتب الأمر لهولاكو وليصبح الخواجة (نصير الدين الطوسي ) وزيراً لهولاكو و (عطا الملك الجويني) حاكماً لبغداد وخوزستان (الأحواز) …!

وما تقدم من السرد الإستقصائي عرض يسير عن واقعة إحتلال بغداد ونعتقد بأننا نستخلص منه الكثير فالذي حصل في الموصل إبان إحتلالها داعشياً في النصف الثاني من عام 2014م لايختلف عما حصل لبغداد ولعل الأيام الحبلى بالأسرار ستفصح عن الحقائق المسببة لإحتلالها وإن لم ندرك ذلك ففي الأدراج لازالت حماقات و (……..) وصفقات وإننا لعلى موعد مع إحتلالات قادمة وجرائم ضد الإنسانية لاتعد ولاتحصى لاسمح الله .